جريدة عنب بلدي – العدد 53 – الأحد – 24-2-2013
مع تقدم المعارك في مختلف المناطق السورية وخصوصًا في جبهة حلب وتحقيق الكتائب المقاتلة «لانتصارات» عديدة والتقدم النوعي الذي حققته على الأرض بعد الإعلان عن بدء هجوم واسع في أوائل شهر شباط الجاري على المطارات وبالتنسيق مع بعض الألوية والضغط الذي تشكله باقي الكتائب على مختلف الجبهات الأخرى، بدأت ملامح معركة حلب تتضح معالمها لصالح الجيش الحر في ظل انسحابات وخسائر متلاحقة لقوات الأسد.
وعلى الخط الموازي لانتصارات الحر بدأت أصوات الاحتجاج (والتي كانت همسًا قبل حين) بالعلو، لتضع إشارات استفهام عديدة حول عدد من الكتائب والانتهاكات التي تمارس من بعض قياداتها .
وقد لصقت اتهامات مسيئة ببعض الأسماء منها قائد كتيبة «الشهيد نمر» والمدعو «أحمد شما» والتي تراوحت بين عمليات السرقة والقتل لتبلغ حد قتل ناشطين تحت التعذيب، كضلوعه بقتل الناشط محمد خالد (الملقب أبو العبد) بعد اعتماد «شما» لشهادات مزورة لتبرير اعتقال أبو العبد، وبالرغم من صدور مذكرة توقيف من مجلس القضاء الثوري الموحد بحق «شما» إلا أنه ما زال حتى الآن على رأس كتيبته .
ومن الأسماء التي أثيرت حولها التساؤلات أيضًا « خالد حياني» و «علي بلو» و «المجدمي» بالإضافة إلى «أحمد عفش» الذي لقب بمليونير الثورة بعد اتهامه بأعمال نهب للمعامل في منطقة الليرمون، ولكن الحدث الذي شكل الغموض الأكبر حول «عفش» قيامه باحتجاز عدد من المدنيين في مبنى سكني واستخدامهم كدروع بشرية لتأمين انسحابه من المنطقة ومنح دور البطولة لقوات الأسد بعد قيامها بـ «تحرير» الرهائن، ولتظهر بعدها خيوط «عمالة» لعفش عند أجهزة الاستخبارات السورية وليصدر قرار من قيادات في الجيش الحر بعزله، وانتشار أحاديث واشاعات بنوايا بعض القيادات بتصفيته .
ومن الأمور الأخرى التي تسيء لسمعة الجيش الحر في حلب الصدامات المستمرة بين بعض عناصره وبين الثوار السلميين والتي وصلت مؤخرًا حد تعدي بعضهم على المظاهرات واعتقال ناشطين وإعلاميين كالناشط وائل ابراهيم (أبو مريم)
وقد أصدر إعلاميو حلب بيانًا نددوا فيه بالتجاوزات التي قام بها عناصر «لواء أحرار سوريا» من استهداف لأفراد من شبكتي «حلب نيوز» و «مركز حلب الإعلامي» وأهانتهم وتعذيبهم .
وفي حادثة جديدة من نوعها أيضًا (والتي تصنف ضمن التعديات والانتهاكات) قام أفراد من جبهة النصرة ممثلين بالمحكمة الشرعية في منطقة مساكن هنانو بالتعدي على مقر الدائرة الثانية لمجلس القضاء الموحد والاستيلاء على المبنى التابع للمجلس والاعتداء على العلماء والقضاة الموجودين بحجة أن ملكية المبنى تعود ملكيته للجبهة.
وتنذر هذه الممارسات بعواقب «وخيمة» على الثورة عمومًا ومستقبل البلاد بعد سقوط النظام، إذ تدل على نمط شمولي في التفكير والممارسات عند هذه الفئات واستخدام لآليات غير سليمة في معالجة الخلافات مع الآخرين والمشاكل الداخلية في مجتمع الثورة، في الوقت الذي قدم فيه الجيش الحر والقوى المقاتلة تحت لوائه تضحيات كبيرة وأبدوا جهودًا لافتة في المحافظة على حقوق الأهالي وأرواحهم بتقديم تضحيات عديدة.