“الدفاع السورية” تعسكر المجتمع بمغريات “عقود التطوع”

جنود في قوات النظام السوري في أثناء التدريب (وزارة الدفاع السورية/ فيس بوك)

camera iconجنود في قوات النظام السوري في أثناء التدريب (وزارة الدفاع السورية/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

تواصل وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري الإعلان عن دعوات للتطوع في صفوف قواتها، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عن هدف عقود التطوع التي تستمر لخمس أو عشر سنوات.

وبينما اعتادت وزارة الدفاع الإعلان عن هذه العقود دون تقديم حوافز ومغريات، إذ يقتصر الإعلان عادة على الشروط ومواعيد التقديم، والأوراق المطلوبة، حمل الإعلان الأحدث الصادر، في 21 من تشرين الثاني، صيغة مختلفة، إذ تضمن مجموعة من الحوافز للراغبين بالتطوع ضمن عقود محددة، كصف ضباط وأفراد.

وتضمن البيان شروط التطوع، ومنها أن يكون المتطوع حاملًا للجنسية السورية منذ خمس سنوات، ويتراوح عمره بين 18 و32 عامًا عند التقديم، وأن يكون حسن السلوك وغير محكوم بجناية أو جريمة شائنة ولم يسجن لأكثر من ثلاثة أشهر.

وجاء في عقد التطوع الذي سمي “عقد مقاتل” فترتين للخدمة: خمس سنوات وعشر سنوات، وتضمنت عقود التطوع للفترتين راتبًا يصل إلى مليون و300 ألف ليرة سورية مع التعويضات (كل واحد دولار أمريكي يقابل 13750 حسب موقع الليرة اليوم المتخصص بمتابعة أسعار الذهب والعملات الأجنبية)، بالإضافة إلى مكافآت، منها بدء الخدمة ومكافأة سنوية ومنحة للزواج غير مستردة قيمتها مليوني ليرة.

كما نص بيان الوزارة على إعفاء المتطوع في هذه العقود من الخدمة الإلزامية بعد إتمامه خمس سنوات من العقد.

عسكرة المجتمع

تمتلك المؤسسات العسكرية دورًا أساسيًا في نمط حكم البلد والنظام الحاكم الموجود فيه، حيث يحاول النظام على الدوام رفد مؤسسته العسكرية بالمتطوعين لتعويض الخسائر التي اصابت صف الضباط بكثرة.

وتعتبر الخدمة الإلزامية من أهم ما يحدده القانون، ولطالما تمكن النظام من فرض طرق أخرى لتمديد فترة الخدمة الإلزامية من خلال طرق كالاحتفاظ العسكري والخدمة الاحتياطية، كما صار التسريح من الخدمة شبه مستحيل منذ بدء الثورة السورية.

واعتبر الباحث في مركز “عمران للدراسات”، محسن المصطفى، أن “هذه المميزات التي أعلن النظام عنها ليست جديدة إنما الجديد هو الإفصاح عنها بهذا الشكل الصريح”، فالنظام السوري بحاجة للكوادر البشرية من الجانب الروتيني كأي مؤسسة تود إثبات وجودها في ظل ندرة الموارد البشرية في سوريا، ولا يرتبط هذا بالضرورة بأي عمليات عسكرية.

ورجح المصطفى أن يكون مسعى النظام من خلال هذه العقود سحب العناصر الموجودة في الميليشيات ودمجهم في المؤسسة العسكرية الرسمية.

يحكم الخدمة العسكرية المرسوم التشريعي “رقم 18” لعام 2003 وتعديلاته كافة، وخضع هذا القانون لنحو 25 تعديلًا جرت غالبيتها بعد 2011.

ووفقًا لمحسن مصطفى، ينطبق على المنتسبين لهذه العقود كل ما ينطبق على قانون الخدمة العسكرية في المرسوم التشريعي “رقم 18” والمرسوم التشريعي “رقم 17” للمعاشات العسكرية الصادرة في عام 2003، من حيث التعويضات وغيرها في حالات الموت أو العاهة الدائمة.

وأوضحأن الخدمة الإلزامية تسقط عن المتطوع بعد خمس سنوات من الخدمة بناءً على القانون، معتبرًا أن “هذه العقود استمرار للدفع باتجاه منهج عسكرة المجتمع والارتزاق العسكري”.

وأضاف الباحث أنه من خلال هذه الرواتب التي يجدها المواطن في مثل هذه العقود ولا يجدها إذا كان موظفًا حتى لو بشهادات عليا، يتضح أن النظام يسعى إلى عسكرة المجتمع، إما من خلال توجه المواطنين إلى ميليشيات أو استخدامهم كجنود في الجيش.

سبق وأعلنت وزارة الدفاع، عن عقد تطوع لمدة عشر سنوات في بداية تشرين الأول الماضي، استهدف حملة الشهادات الابتدائية والإعدادية والثانوية والمعاهد المتوسطة للتطوع كصف ضباط وأفراد، لصالح قوات الحرس الجمهوري.

استغلال لحاجة المواطن

تأتي هذه العقود في ظل معاناة متواصلة للمواطنين وتردي الوضع المعيشي وانخفاض قيمة الأجور وارتفاع الأسعار.

أوضح الباحث محسن مصطفى، أن النظام يستغل حاجة المواطن من خلال هذه العقود، عبر الحوافز المادية والتشجيعات للتخلص من الخدمة بوقت محدد على عكس السنوات السابق.

كما أن طريقة الإعلان والعرض لهذه الدورات في هذا الشكل هي جذب للمواطن من خلال تقديم هذه المزايا ومن ثم تطويعهم في الجيش.

وصل الحد الأدنى لرواتب العاملين بالقطاع العام في مناطق سيطرة النظام إلى 185940 ليرة سورية، فيما تجاوز متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، بحسب “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة“، حاجز 6.5 مليون ليرة سورية، فيما وصل الحد الأدنى إلى نحو 4.1 مليون ليرة سورية، ليتضح حجم الهوة التي تفصل الحد الأدنى للأجور عن متوسط تكاليف المعيشة المستمرة بالارتفاع. 

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة