كيف تطورت رواية “قسد” عن مواجهات العشائر في دير الزور
منذ آب الماضي، تطورت رواية “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) حول الأحداث التي شهدتها محافظة دير الزور، قالت خلالها الأخيرة إنها تحارب تنظيم “الدولة الإسلامية”، ثم تحدثت عن خارجين عن القانون، ثم عملاء للنظام السوري.
أمس السبت، 26 من تشرين الثاني، نشرت “قسد” اعترافات مصورة لمجموعة من الأشخاص قالت إنهم يتبعون للنظام السوري، دخول إلى مناطق سيطرتها لإحداث المشكلات فيها.
وقالت القوات، عبر موقعها الرسمي مساء أمس، السبت 26 من تشرين الثاني، إنها تمكنت من إلقاء القبض على عناصر من قوات النظام خلال المواجهات التي شهدتها دير الزور بين آب وأيلول الماضيين.
وأضافت أن العناصر تسللوا من مناطق سيطرة النظام، لبث الفوضى وارتكاب أعمال السرقة والتخريب في المؤسسات الخدمية.
وبينما تمكنت “قسد” من إجهاض تحركات العشائر شرقي دير الزور، متهمة إياها بتلقي الدعم من النظام السوري، لم تتوقف الهجمات المتفرقة على نقاط عسكرية وعناصر وحواجز تتبع لها.
أحدثها كان أمس السبت، إذ قالت “وكالة باز” المحلية، إن عنصرين من “قسد” قتلا إثر استهدافهما بالرصاص من قبل مجهولين يستقلون دراجة نارية أمام مدرسة “الحمد علي” في بلدة الطيانة بريف دير الزور الشرقي.
تطور الرواية
المواجهات المسلحة في دير الزور نشبت على خلفية اعتقال “قسد” قائد “المجلس العسكري”، أحمد الخبيل (الملقب بـ”أبو خولة”)، في 27 من آب الماضي، ما أسفر عن تحالف عشائر من المنطقة مع مقاتلي “المجلس”، وبدأت اشتباكات عسكرية في بعض قرى وبلدات دير الزور خرجت عن سيطرة “قسد” بالكامل، ثم عاودت “قسد” احتواء التوتر فيها.
خلال اللحظات الأولى لاعتقال “أبو خولة”، أعلنت “قسد” عن إطلاق حملة أمنية حملت اسم “تعزيز الأمن”، وشملت مناطق شرق الفرات بالكامل، دون الإشارة إلى علاقة “مجلس دير الزور” فيها.
ومع خروج قضية اعتقال قائد “مجلس دير الزور العسكري” عن السيطرة، وتسرب خبر اعتقاله عبر أشقائه، تحولت الأحداث إلى رد فعل عنيف في دير الزور، ما طوّر رواية “قسد” عن الأحداث إلى أنها حملة تستهدف تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وبينما كانت تنتشر التسجيلات المصورة، وبيانات تضامن العشائر مع بلدة العزبة شمالي دير الزور بسبب حصارها من قبل “قسد”، كانت الأخيرة تتحدث عن أن حملتها الأمنية نفسها تطورت لتشمل “خارجين عن القانون، وتجار مخدرات، وخلايا من تنظيم (الدولة)، وبإشراف من التحالف الدولي”.
وأخيرًا، استقرت “قسد” على رواية أنها تقاتل مجموعات يدعمها النظام السوري والميليشيات الإيرانية المتمركزة غرب نهر الفرات.
اقرأ أيضًا: هل تدخل النظام بـ”الانتفاضة العشائرية” في دير الزور
لا وجود لـ”جيش العشائر”
في أيلول الماضي، أعلن ابراهيم الهفل، أحد شيوخ قبيلة “العكيدات” ووجوه الانتفاضة القبلية بدير الزور، عن تشكيل “قيادة عسكرية عشائرية” لمواجهة “قسد” شرقي سوريا، نافيًا ما تشيعه وسائل إعلام عن وجوده خارج المنطقة.
وقال الهفل في بيان صوتي تداوله ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء 20 من أيلول، “نبشركم بترتيب قيادة عسكرية عشائرية تابعة للجيش وقوات القبائل والعشائر العربية التي تعمل على دك قوات (قسد) ومرتزقة قنديل”.
ووجه الهفل رسالة لـ”قسد” قائلًا إنه لا يزال موجودًا شرق الفرات وعلى رأس القوات العشائرية التي تواجه “قسد” بالمنطقة، نافيًا ما يشاع عن هربه نحو مناطق سيطرة النظام السوري غرب الفرات.
القيادي في “مجلس دير الزور العسكري” تركي الضاري، أو “أبو الليث خشام”، ظهر في تسجيل مصور نشرته “قسد” يتحدث عن أن “جيش العشائر” لا وجود له في دير الزور، وهو الفصيل نفسه الذي يقوده الهفل.
وأضاف أن حقيقة الأحداث التي شهدتها مناطق ريف دير الزور الشرقي، وما رافقها من ظهور تشكيلات تحت مسمى “جيش العشائر”، تُقاد بأوامر من النظام السوري.
“أبو الليث خشام” أصيب خلال المواجهات التي شهدتها المنطقة، إذ كان ضمن صفوف “المجلس العسكري” وتولى قيادته خلال المعارك ضد “قسد” عقب اعتقال أحمد الخبيل.
“تسوية” قديمة بدير الزور أزعجت “قسد”
بحسب الاعترافات التي نشرتها “قسد”، أمس السبت، فإن ثلاثة أشخاص من أصل أربعة مقبوض عليهم لديها، ذهبوا إلى مناطق سيطرة النظام سابقًا، وأجروا “تسوية أمنية” ثم انضموا إلى مجموعة عسكرية رديفة بالجيش.
منتصف 2022، امتدت “التسويات” الأمنية التي أقامتها قوات النظام السوري في محافظة دير الزور باتجاه بلدة الشميطية بريف دير الزور الغربي، والتي تعتبر إحدى المناطق المتاخمة لمناطق سيطرة “قسد”، بحسب ما نشرته الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) حينها.
“التسوية” نفسها أزعجت “قسد” إذ قالت نائب الرئاسة المشاركة للمجلس التنفيذي في “الإدارة الذاتية”، أمينة أوسي، إن “التسويات التي تجريها حكومة دمشق في شمال شرقي سوريا، تستهدف النسيج الاجتماعي في المنطقة”.
وسبق أن أصدرت “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، في تشرين الثاني 2021، قرارًا هددت فيه موظفيها بالفصل في حال إجراء مصالحة أو “تسوية” مع النظام، ضمن عملية “التسوية” التي يروج لها النظام في محافظة دير الزور شرقي البلاد.
وجاء قرار مجلس دير الزور العسكري، بعد “تسوية” أجراها العضو السابق في المجلس التشريعي التابع لـ”قسد” في محافظة دير الزور، خلف الأسعد، والذي شغل منصب عضو في مجلس الشعب السوري قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011.
عدو هنا حليف هناك
على الرغم من حالة التوتر الأمني التي تعيشها ضفتا نهر “الفرات” بمحافظة دير الزور بين “قسد” وقوات النظام السوري، تجلت بقصف وهجمات ومواجهات مسلحة، يتمركز الطرفان في نقاط عسكرية مشتركة بمحافظات أخرى كالحسكة ومناطق من أرياف حلب.
وتعتبر مدينة تل رفعت شمالي حلب مثالًا على تداخل القوات العسكرية، إذ تتشارك قوات النظام و”قسد” الحواجز العسكرية والنقاط المنتشرة على خطوط التماس مع “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.
وتنتشر قوات النظام أيضًا على الحدود السورية- التركية بمحافظة الحسكة، وأخرى في مدينة عين العرب شرقي محافظة حلب.
وسبق أن قُتل عدد من قوات النظام إثر ثلاث غارات جوية تركية استهدفتهم في تلة جارقلي بعين عرب، في إطار الاستهدافات التركية المتكررة لـ”قسد”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :