لأول مرةقالت نائبة السكرتير الصحفي سابرينا سينغ خلال مؤتمر صحفي، إن هجومًا صاروخيًا شنته مجموعة موالية لإيران نحو قاعدة “عين الأسد”، أدى إلى إصابات غير خطيرة في صفوف القوات الأمريكية وقوات التحالف.
وأوضحت أن الاستهداف جرى لأول مرة بصاروخ “باليستي” قصير المدى، في حين رد سلاح الجو الأمريكي باستهداف المجموعة التي أطلقت الصاروخ داخل الأراضي العراقية مخلّفة قتلى وإصابات.
ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن مسؤولين دفاعيين، لم تسمّهم، أن طائرات أمريكية قصفت مركز عمليات كتائب “حزب الله”، وعقدة القيادة والسيطرة التابعة له بالقرب من الأنبار وجرف الصقر جنوبي بغداد.
وبينما يعتبر القصف الأمريكي في سوريا والعراق هو الرابع من نوعه، يرى محللون أن استخدام مجموعات موالية لإيران صاروخًا “بالستيًا” في الهجوم على قاعدة أمريكية، قد يغير من قواعد الاشتباك في المنطقة التي امتد التوتر فيها إلى نحو شهرين بين إيران والولايات المتحدة.
غموض حول الاستهدافات
سبق استهداف قاعدة “عين الأسد” في العراق بساعات، قصف جوي طال موقعًا غربي العاصمة العراقية بغداد، تبعه إعلان “المقاومة الإسلامية في العراق” عن مقتل أحد أفرادها.
ولم تعلن الولايات المتحدة مسؤوليتها عن هذا الاستهداف، بينما قصفت “المقاومة الإسلامية” قاعدة “عين الأسد” بصاروخ “باليستي”، ما تسبب بالرد الأمريكي عندما قصف طائرة موقعين لكتائب “حزب الله” العراقي.
المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي، ربط سلسلة الاستهدافات المتبادلة في العراق ببعضها، معتبرًا أنها سلسلة من الردود بدأت بمقتل عنصر “المقاومة الإسلامية” فاضل المكصوصي.
وأضاف أن الاستهداف الأول نفذته طائرات مسيّرة، لا تزال مجهولة المصدر حتى لحظة إعلان هذا التقرير، أسفرت عن قتلى، ما دفع وكلاء إيران للرد على الاستهداف بقاعدة “عين الأسد”، مشيرًا إلى أن التصعيد الحاصل هو الأول من نوعه، وقد يتصاعد خلال الفترة القادمة.
الباحث في الشأن العسكري بمركز “جسور للدراسات” محمود حوراني، قال لعنب بلدي، إن إيران تحرص على تقديم دعاية لأسلحتها العسكرية حتى لو كانت مستخدمة من قبل الميليشيات دون الدولة.
وعلى الرغم من إعلان إمريكا عن استخدام سلاح جديد، وتناول وسائل إعلام امريكية لأثر الاستهداف بسلاح “باليستي” لأول مرة، وبالنظر إلى حجم الأضرار التي خلفها من الناحية العسكرية، لا يزال الغموض يحيط بالاستهداف الأخير، وينطبق عليه ما صرح به الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، مؤخرًا، عن أن إيران تستأذن أمريكا عندما تريد قصف قواعدها لحفظ ماء وجهها.
بحسب تحليل موجز نشره معهد “واشنطن”، وأعده باحثان متخصصان بشؤون الجماعات الإيرانية.
“المقاومة الإسلامية في العراق” هو مصطلح شامل يُستخدَم لوصف العمليات التي تنفّذها جميع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، بما في ذلك الضربات على سوريا. وتهدف بـ”المقاومة الإسلامية في العراق” إلى السماح لمختلف ميليشيات المقاومة العراقية بشن هجمات ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا تحت مظلة واحدة، بحسب التحليل. |
هل يتصاعد التوتر؟
يرتبط التصعيد الأمريكي في العراق مع شمال شرقي سوريا بشكل وثيق، إذ وصل عدد الاستهدافات التي طالت القواعد الأمريكية في البلدين الجارين إلى 33 استهدافًا في كل منهما، بحسب ما جاء على لسان نائبة السكرتيرة الصحفية سابرينا سينغ.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلي على غزة، تلوح ميليشيات مدعومة من إيران في سوريا والعراق واليمن بالتصعيد مقابل التصعيد الإسرائيلي المتواصل في غزة، دون تنفيذ هذه الوعود حتى لحظة إعداد هذا الخبر.
واقتصرت مراحل هذا التوتر منذ بدايته منتصف تشرين الأول الماضي، على عمليات القصف بطائرات مسيّرة، وصواريخ، أسفرت عن جرحى في الجيش الأمريكي، عادوا جميعًا للخدمة، بحسب ما أعلنت الولايات المتحدة في وقت سابق.
يعتقد الباحث في الشأن العسكري محمود حوراني، أن المبالغة الأمريكية في تعليقها على نوع السلاح الذي استهدفت فيه قاعدة “عين الأسد” بالعراق، يأتي في إطار السعي لضبط ساحة الصراع في غزة، من خلال إيهام الجميع أن لدى الأطراف الأخرى أسلحة من شانها إشعال المنطقة وتحويلها لمسرح عمليات عسكرية لا يعود بالنفع على أحد.
وفي ظل الرواية المنقوصة، تريد إرسال رسالة مفادها أنها قادرة على الذهاب إلى أبعد ما يمكن في مواجهة أمريكا بواسطة وكلائها، بحسب حوراني.
وأضاف أن رفع نوع السلاح المستخدم من قبل وكلاء إيران يتناسب مع صمود المقاتلين في غزة، ولو أن هذا الصمود غير محقق لما تجرأت إيران على متابعة الاستهداف ورفع وتيرته.
إيران تتنصل.. أمريكا تصر
تنصلت طهران بشكل متكرر من مسؤوليتها عن الاستهدافات الموجهة نحو القواعد الأمريكية في وسوريا والعراق، مشيرة إلى أن “مجموعات المقاومة” أو وكلاء إيران كما تسميهم واشنطن، يتمتعون بقرار مستقل.
وسبق أن تحدث سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إرافاني، في 7 من تشرين الثاني الحالي، عن أن بلاده لم تشارك قط في أي عمل أو هجوم ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق.
وجاءت التصريحات التي أدلى بها مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، ردًا على رسالة كتبتها الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن، تتهم فيها إيران بالعمل ضد قواتها في سوريا والعراق، بحسب ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية.
وسبق ذلك نفي وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن تكون طهران مسؤولة عن هذه الهجمات المستمرة منذ نحو شهرين.
وبينما تكرر طهران نفي الاتهامات، يردد مسؤولون أمريكيون أن إيران هي المسؤولة عن هذه الاستهدافات، إذ سبق ونقلت وكالة “رويترز” في 20 من تشرين الأول، عن مسؤولين أمريكيين أن حالة تأهب أمريكي قصوى قائمة تحسبًا لنشاط “الجماعات المدعومة من إيران”.
في اليوم نفسه، قال مسؤولون أمريكيون، إن طائرات دون طيار وصواريخ استهدفت قاعدتين عسكريتين تستقبلان قوات أمريكية في العراق.
في 9 من تشرين الأول الماضي، هدد السياسي العراقي هادي العامري، زعيم منظمة “بدر” السياسية والعسكرية المقربة من إيران، الأمريكيين بقوله، “إذا تدخلوا (في التصعيد بفلسطين) فسوف نتدخل، وسنعتبر كل الأهداف الأمريكية مشروعة”.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” نقلت، في 25 من تشرين الأول، عن مسؤولين (لم تسمّهم)، أن الرئيس، جو بايدن، “يدرس ضرب وكلاء إيران الذين هاجموا القوات الأمريكية في العراق وسوريا”.
أمريكا عززت قواتها بالمنطقة
منذ بدء التصعيد في فلسطين، وانعكاسه في سوريا والعراق، دفعت الولايات المتحدة بأسلحة جوية وبحرية وبرية إلى المنطقة بهدف حماية قواتها المتمركزة فيها.
وفي مطلع الشهر الحالي، أعلن “البنتاجون” عن نيته نشر 300 جندي أمريكي إضافي في منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية من الولايات المتحدة، بحسب ما قاله السكرتير الصحفي للوزارة العميد بات رايدر.
وفي 4 من تشرين الثاني الحالي، قالت القيادة المركزية الأمركية عبر “،” إن اسطول حاملة الطائرات “USS Eisenhower” وصل إلى الشرق الأوسط ومنطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية كجزء من زيادة التمركز الإقليمي.
وتشمل مسؤولية القيادة المركزية للولايات المتحدة منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر في إفريقيا وآسيا الوسطى وأجزاء من جنوب آسيا، بحسب ما ورد عبر موقعها الرسمي.
تبع ذلك حديث “البنتاجون“، عن أن سربًا من طائرات “F-16 Fighting Falcon” وصل، إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية في الشرق الأوسط، ليعمل إلى جانب مجموعة من القوات الأخرى في المنطقة بهدف تعزيز قدرة القوات الأمريكية على الدفاع عن نفسها.