يحل الشتاء ضيفًا ثقيلًا على سكان ريف دمشق، وبات الحصول على وسائل التدفئة يشكل هاجسًا للأهالي، في ظل غياب حكومي لأي حلول يمكنها تجاوز الأزمات.
ويعتمد الأهالي في المنطقة على الوسائل التقليدية للتدفئة، كالمازوت والحطب والكهرباء، ولكن بطرق مقننة ومدروسة ولّدتها التجارب والحاجة، بالإضافة إلى المواد القابلة للاشتعال، كالبلاستيك والكرتون وغيرهما.
وتشترك جميع هذه المواد بغلاء أسعارها في موسم الشتاء، وعدم توفرها بشكل دائم.
وسجل سعر ليتر المازوت بالسوق السوداء، في تشرين الثاني الحالي، 14 ألف ليرة سورية، بينما يباع عبر “البطاقة الذكية” بألفي ليرة فقط وهو غير متوفر بشكل دائم.
ويخصص للعائلة الواحدة 50 ليترًا فقط طيلة فصل الشتاء.
بينما يتراوح سعر كيلو الحطب بين ستة آلاف وثمانية آلاف ليرة سورية، فيما تعاني الأسواق من شح كبير نظرًا إلى اعتماد تجارته على قص الأشجار من البساتين التي بدأت بالنفاد مع زيادة الاعتماد عليها خلال السنوات الماضية.
فيما تعدّ مدافئ الكهرباء حلًا غير مجدٍ، مع انقطاع شبه دائم للتيار في مناطق ريف دمشق وخصوصًا في مدينتي داريا ومعضمية الشام وفق ما أفاد به أهالٍ لعنب بلدي.
ويصل التيار الكهربائي ساعة واحدة إلى هذه المناطق، وبشكل متقطع في بعض الأحيان، كل 12 ساعة، أي بمعدل ساعتين فقط في اليوم الواحد.
كما لا يمكن الاعتماد على أنظمة الطاقة الشمسية، خاصة أن تكلفة النظام العادي بلوحين وبطارية واحدة تصل إلى ثلاثة ملايين ليرة، كما أنها لا تعطي أداء جيدًا خلال فصل الشتاء.
نظام تقنين
يعتمد “أحمد الأحمد” (اسم مستعار- 38 عامًا)، من سكان مدينة داريا ويعمل نجار ألمنيوم، على خيار المازوت لحصول عائلته المكونة من 6 أشخاص على التدفئة خلال فصل الشتاء.
وقال لعنب بلدي، إنه يحصل على مخصصاته عبر “البطاقة الذكية”، ويشتري بعض الليترات من المازوت خلال فصل الصيف بسعر أرخص بقليل، ضمن نظام تقنين لضمان عدم نفاد الكمية.
ولا يتجاوز مدة تشغيل المدفأة أربع ساعات يوميًا، “نشغل المدفأة قبل ذهاب الأولاد إلى المدرسة وأنا إلى العمل لمدة ساعة تقريبًا”، قال “أحمد”.
وأضاف، “خلال النهار نعتمد على الأغطية، ونعتمد على المدفأة لساعتين ليلًا خلال تناول الطعام، وعلى هذا المنوال طيلة أيام الشتاء”.
وفي حين يعتمد “أحمد” على المازوت، يجمع جلال البشير (عامل بناء- 42 عامًا) من سكان منطقة معضمية الشام، النايلون والكرتون وقصاصات الأخشاب المرمية على أرصفة الطرقات في أكياس تجهيزًا لوضعها بالمدفأة في أيام البرد والشتاء.
وقال جلال لعنب بلدي، إن المدفأة تأكل كل شيء، وحرص على اختيارها واسعة وتوسعة مداخنها، لتلافي الدخان الكثيف الذي يطلقه احتراق البلاستيك.
في حين قال عزام الفاتح (61 عامًا)، من سكان مدينة داريا لعنب بلدي، إنه قرر منذ سنوات التخلي عن تركيب مدافئ الحطب أو المازوت، مكتفيًا بقليل من الدفء في الساعات التي يعمل فيها التيار الكهربائي.
وأوضح أنه ليس بمقدوره الاعتماد على أي وسيلة للتدفئة، لافتًا إلى أنه يقوم ببيع مادة المازوت التي يحصل عليها من “البطاقة” الذكية لتأمين مصروف البيت.
لا خطط للحكومة.. مجرد وعود
هذه الحلول التي يلجأ إليها سكان ريف دمشق لا يقابلها أي استعدادت أو خطط واضحة لفصل الشتاء من قبل حكومة النظام السوري.
وقدمت حكومة النظام وعودًا عديدة للإسراع في توزيع مادة المازوت وتحسين الكميات الموزعة، مع شكاوى الأهالي من قلتها بشكل كبير.
كما أن الحكومة زادت ساعات تقنين الكهرباء في العاصمة دمشق وريفها، منذ مطلع تشرين الثاني الحالي، وذلك بالتزامن مع قرب دخول فصل الشتاء.
وعدّلت وزارة التجارة وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري، في 13 من تشرين الثاني الحالي، أسعار مبيع بعض أنواع المحروقات الموزعة للقطاع الصناعي والقطاعات الأخرى وفق سعر “التكلفة الحالية”.
وبحسب القرار، الصادر في 12 من تشرين الثاني الحالي، رُفع سعر مبيع ليتر البنزين “أوكتان 95” للمستهلكين إلى 12750 ليرة سورية، بدلًا من 12720 ليرة.
وفي قرار منفصل، حددت الوزارة سعر مبيع بعض أنواع المحروقات المخصصة للقطاع الصناعي، وهي المازوت “الحر” ليصبح سعر مبيع الليتر منه 11780 ليرة بدلًا من 12430 ليرة.