قبل فصل الشتاء.. هواجس تؤرق سكان مخيمات الشمال السوري

  • 2023/11/20
  • 10:33 ص
تضرر أكثر من 40 خيمة في مخيمات قرب بلدة أرمناز بريف إدلب بعد هطول الأمطار – 2 من تشرين الأول 2023 (الدفاع المدني السوري)

تضرر أكثر من 40 خيمة في مخيمات قرب بلدة أرمناز بريف إدلب بعد هطول الأمطار – 2 من تشرين الأول 2023 (الدفاع المدني السوري)

لا يدخر مدير مخيم “التح”، عبد السلام اليوسف، جهدًا في التواصل مع أغلب المنظمات الإنسانية شمال غربي سوريا، محاولًا تأمين مواد التدفئة والقسائم الشرائية للمخيم قبيل فصل الشتاء.

وقال مدير المخيم الواقع جنوب مدينة معرة مصرين شمالي إدلب لعنب بلدي، إن هواجس الأهالي بتأمين مواد التدفئة واستبدال الخيام المهترئة وتأمين المؤونة الشتوية تزداد قبيل كل شتاء، وفي كل عام تقع المنظمات الإنسانية بنفس المشكلات في الاستجابة.

وأضاف أن أغلب سكان المخيمات همهم الوحيد حاليًا كيفية تأمين مواد التدفئة، فبعضهم يتجول في الأراضي الزراعية لتأمين بقايا أغصان الأشجار لتجميعها لأجل التدفئة، ومنهم من استدان ثمن الحطب خوفًا من ارتفاع ثمنه في الأيام المقبلة.

ومع بداية فصل الشتاء، تكون معظم المخيمات عرضة للعواصف المطرية والهوائية، وفي كل عام تحدث مآسٍ في المخيمات، وفق اليوسف.

وتتشابه الأوضاع في مخيم “التح” مع بقية المخيمات البالغ عددها نحو 1400 مخيم، فالمساعدات الإنسانية انقطعت لأكثر من 70 يومًا، وعادت في 19 من أيلول الماضي، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى المساعدات.

ومع اقتراب فصل الشتاء، تزداد احتياجات المهجرين والنازحين في الشمال السوري، لا سيما القاطنين في المخيمات، إذ تضم مناطق شمال غربي سوريا 4.5 مليون إنسان، منهم 4.1 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 2.9 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان منهم يعيشون في المخيمات.

أهم الاحتياجات

عن أهم الاحتياجات لقاطني المخيمات في فصل الشتاء قال المطلع على شؤون المخيمات الإنسانية، والمنسق الطبي في جمعية “عطاء للإغاثة الإنسانية”، الدكتور مأمون سيد عيسى، إن الوقود يعتبر الاحتياج الأول لفصل الشتاء، ويأتي في المرتبة الثانية البطانيات، منوهًا إلى أن ذلك يرجع لاستخدام البطانيات بكثرة عندما يشتد البرد إذ تُستخدم غطاء للخيمة وهي ذات نوعية رديئة ما يؤدي إلى تلفها بسرعة.

وأشار في حديثه لعنب بلدي إلى ضرورة توفير المدافئ للمحتاجين، لأن المدافئ التي يتم توزيعها في كل عام لا تتحمل أكثر من سنة بسبب رداءتها، وتعرضها للتقلبات المناخية من برد وحر.

ومن أولويات المخيمات في فصل الشتاء، العوازل سواء الأرضية أو السقفية للخيمة، وخيام جديدة، ونشرت مؤخرًا “وحدة تنسيق الدعم” تقريرًا ذكرت فيها أنه يوجد 72 ألف خيمة تالفة بحاجة إلى استبدال.

ويرى سيد عيسى أنه من المهم الاستعداد والبدء بتجهيز الطرق للمخيمات قبل أن يبدأ المطر بالهطول، ويؤدي إلى تضرر المخيمات، خاصة منها العشوائية التي تشهد شحًا في تقديم الخدمات.

وأضاف سيد عيسى أن المساعدات مستمرة بالدخول إلى الشمال السوري، لكنها لا تكفي ولا تسد الاحتياج، ومن المهم توزيع السلال الغذائية للمحتاجين.

وهطلت أمطار غزيرة مترافقة برياح قوية على شمال غربي سوريا، الأحد 19 من تشرين الثاني، وألحقت أضرارًا بمخيمات النازحين ومراكز الإيواء المؤقتة للناجين من الزلزال، وعرقلت حركة السير جراء تشكل واحات المياه وطبقات من الأوحال على الطرقات.

وبلغ عدد المخيمات التي استجابت لها فرق “الدفاع المدني السوري“، الأحد، 22 مخيمًا في عشر قرى وبلدات، تضررت بفعل السيول والأمطار والرياح القوية، وبلغ عدد الخيام التي لحقت بها أضرارًا جزئية وكلية 140 خيمة ومسكنًا مؤقتًا تقطنها أكثر من 200 عائلة.

تضرر أكثر من 40 خيمة في مخيمات قرب بلدة أرمناز بريف إدلب بعد هطول الأمطار – 2 من تشرين الأول 2023 (الدفاع المدني السوري)

بطالة وغلاء وقصف

مع كل شتاء تزداد هواجس ومخاوف قاطني المخيمات بتأمين متطلبات الحياة خاصة مواد التدفئة، لكن ما زاد هذا العام بحسب مديري مخيمات التقت بهم عنب بلدي، هو غلاء أسعار معظم السلع، والذي تزامن مع بداية العام الدراسي، إضافة إلى القصف المستمر من قبل قوات النظام.

وصعّدت قوات النظام وروسيا عسكريًا على الشمال السوري، في تشرين الأول الماضي، ما أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصًا وإصابة 349 آخرين، وتضررت أكثر من 40 منشأة صحية و27 مدرسة و20 شبكة للمياه.

وأثّر التصعيد على أكثر من 2300 موقع، وأدى إلى نزوح أكثر من 120 ألف شخص، وهو أكبر تصعيد في شمال غربي سوريا منذ عام 2019، وفق مكتب تنسيق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (OCHA).

وقال محمد عبد الرحمن، وهو مدير مخيم “مريم” في منطقة معرة مصرين شمالي إدلب، إن السمة العامة لقاطني المخيمات هي البطالة التي تتزامن مع غلاء في أسعار.

وأضاف في حديثه لعنب بلدي أن أغلب نساء المخيمات ممن يستطعن العمل يذهبن إلى الأراضي الزراعية للعمل بأجور زهيدة لا تتجاوز بضع عشرات من الليرات التركية يوميًا.

وذكر أن نسبة كبيرة من أطفال مخيم “مريم” (يضم 700 عائلة)، يعملون في جمع بقايا ومخلفات الأطعمة ويبيعونها للحصول على بعض المال ولا يكفي إلا لشراء الخبز.

وأوضح أن قاطني المخيمات يعيشون بالحد الأدنى وينتظرون السلة الغذائية التي لا تكفيهم لبضعة أيام، فقد استغنت كثير من الأسر عن متطلبات أساسية للمعيشة كتجهيز المؤونة الشتوية، كما يعمل في الوقت الحالي غالبيتهم بجمع أغصان الأشجار المتساقطة من بساتين الزيتون لتأمين الخطب من أجل التدفئة في فصل الشتاء.

وحث محمد عبد الرحمن بدوره المنظمات الإنسانية على البدء بالاستجابة الإنسانية لقاطني المخيمات، تفاديًا لحدوث مأساة إنسانية عند حدوث العواصف المطرية والهوائية، التي قد تسببت بمآسٍ للقاطنين كما حدث في الأعوام السابقة.

ولا تزال المنطقة تشهد حملة تصعيد جوي روسي وقصف مدفعي من قبل قوات النظام، وقُتل خمسة مدنيين وأُصيب خمسة آخرون في حصيلة غير نهائية لمجزرة نفذتها الطائرات الحربية الروسية استهدفت مخيم “أهل سراقب” للمهجرين على أطراف قرية الحمامة في ريف إدلب الغربي، في 24 من تشرين الأول الماضي.

واستهدفت قوات النظام خيمة لمزارعين في منطقة القرقور بسهل الغاب ما أدى إلى مقتل خمسة أطفال، في 22 من تشرين الأول الماضي.

وفي 17 من الشهر نفسه، أُصيبت امرأتان وطفلة بجروح، جراء غارات جوية روسية استهدفت مخيم “القشوة” على أطراف بلدة الشيخ يوسف في ريف إدلب الغربي.

آثار استهداف الطيران الحربي الروسي لمخيم “القشوة” على أطراف بلدة الشيخ يوسف في ريف إدلب الغربي – 17 من تشرين الأول 2023 (الدفاع المدني السوري)

ارتفاع أسعار مواد التدفئة

بحسب تقرير أعده فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في المنطقة، في 16 تشرين الأول الماضي، ذكر أن أكثر من 94% من العائلات غير قادرة على تأمين مواد التدفئة للشتاء، وأن الحاجة ملحة لتنفيذ مشاريع خاصة لتقديم مواد التدفئة للنازحين القاطنين في المخيمات.

وأفاد أن 79% من النازحين لم يحصلوا على إمدادات التدفئة وتحديدًا ضمن المخيمات، وخلال الشتاء الماضي، سببت العواصف المطرية والهطولات الثلجية أضرارًا ضمن 160 مخيمًا، ما أدى إلى تضرر أكثر من 80 ألف مدني، كما تسببت بتهدم 300 خيمة وتضرر 450 خيمة أخرى.

وتسبب انخفاض درجات الحرارة بحدوث وفيات نتيجة البرد، إضافة إلى الحرائق في المخيمات نتيجة استخدام مواد تدفئة غير صالحة.

وارتفعت أسعار مواد التدفئة بنسبة 120% مقارنة بالعام الماضي، علمًا أن 83% من العائلات لا يتجاوز مصدر الدخل لديها 50 دولارًا أمريكيًا شهريًا، وبالتالي فإن الحصول على مواد التدفئة أمر صعب المنال.

اقرأ أيضًا: “كراتين” الدعم لا تسد رمق الشمال

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع