لاجئون في تركيا يغادرون مخيم “ألبيلي”.. وجهتان بانتظارهم
قررت السلطات التركية قبل نحو شهر قرار إغلاق مخيم “ألبيلي” في مدينة كلس للاجئين السوريين، لكن إدارة المخيم قررت تمديد موعد الإغلاق حتى 20 من تشرين الثاني، لمنح العائلات مهلة أطول للبحث عن بديل للسكن.
ومع انتهاء موعد إغلاق المخيم، رصدت عنب بلدي عبر تواصلها مع العديد من العائلات المقيمة في المخيم منذ نحو 10 سنوات، تجهيزاتهم لمغادرة مخيم “ألبيلي” بكلس وخياراتهم وأبرز المشكلات التي يتعرضون إليها في الفترة الحالية.
أسعار “خيالية”
أثار قرار إغلاق المخيم بطريقة “غير رسمية” قلق اللاجئين السوريين حول مدى استطاعة تطبيقه، ولكن اليوم بات المخيم “شبه فارغ”، بعد مغادرة غالبية سكانه إما إلى الشمال السوري ضمن “العودة الطوعية” التي كانت بين الخيارات المطروحة ضمن نص القرار أو المنتقلين إلى ولايات أخرى، ما عدا اسطنبول التي استثناها القرار الصادر عن إدارة المخيم.
عبد القادر، لاجئ سوري وأب لخمسة أطفال أكبرهم شابة من ذوي الإعاقة، قال لعنب بلدي، إن أقل إيجار منزل وجده في مدينة كلس وصل إلى سبعة آلاف ليرة تركية، وهو ما يفوق قدرته المالية لعمله مزارع بالأراضي، ما يجبره على خيار الانتقال مدة قصيرة لأحد أقاربه حتى إيجاد منزل بسعر مناسب.
عبد القادر (تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، يقيم في مخيم “ألبيلي” منذ 11 عامًا، وحاول منذ إعلان إدارة المخيم عن إغلاقه البحث عن منزل لعائلته، لكنه وصل لحالة من اليأس لعدم قدرته على الإيجاد مع انتهاء المددة المحددة.
الظروف المادية لعائلة عبد القادر صعبة وخاصة لعدم وجود معيل يسانده بالعمل لتأمين الإيجار والمصاريف الأخرى عند الانتقال، بحسب حديثه لعنب بلدي.
ولا يختلف الوضع بالنسبة لعائلة أحمد حساني، المقيمة في المخيم منذ عشر سنوات، فمنذ إصدار قرار الإغلاق تبحث العائلة عن منزل يناسب قدراتها، ولكن أرخص ما وجدوه تجاوز 10 ألاف ليرة تركية في مدينة غازي عينتاب، التي قررت العائلة الانتقال للاستقرار فيها بعد مغادرة المخيم، وفقًا للشاب أحمد.
ووصف أحمد المنازل التي تكون أسعارها أرخص بأنها أشبه بـ”الخرابة” وغير قابلة للعيش، كما قوبلت العائلة في بعض الأحيان برفض منحها المنزل أو حتى رؤيته عند معرفة أصحابها بعدد أفراد الأسرة المكونة من 6 أشخاص والذي يعتبر بنظر البعض مبالغًا فيه.
عدم وجود دخل ثابت لعائلة أحمد، يعود لالتزام الشاب الدراسة، إذ يعمل في فصل الصيف في أثناء عطلة الجامعات في تركيا، وبشكل متقطع خلال الأيام الدراسية، ما أجبر أخاه الصغير على البدء بالعمل بعد انتهاءه من مرحلة الدراسة الثانوية لمساندة الأسرة وخاصة في الفترة الأولى من انتقالها إلى غازي عنتاب، بحسب ما قال لعنب بلدي.
ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين، و250 ألفًا و510 لاجئين سوريين، منهم سبعة ألاف و 469 شخصًا ما زال قيدهم مسجل داخل مخيم “ألبيلي” في مدينة كلس، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن رئاسة الهجرة التركية.
إجراءات الإغلاق
ستدفع إدارة مخيم “ألبيلي” مبالغ تعويضية للعائلات، قدرها 14 ألف ليرة تركية لكل فرد من الأسرة الواحدة، ممن يرغبون بالعودة الطوعية إلى سوريا، بينما المبلغ المقدم لمن يريد الاستقرار في إحدى الولايات التركية باستثناء اسطنبول فهو 6 آلاف و500 ليرة تركية للفرد الواحد، تعطى لمرة واحدة فقط.
عبد القادر، والد الأطفال الخمسة، أفاد، عنب بلدي، أن إدارة المخيم أرسلت قبل أيام لجنة مكونة من عدة أشخاص للاستفسار من جميع العائلات عن قرارهم بالانتقال إلى المدن التركية أم رغبتهم بـ”العودة طوعًا” إلى مناطق الشمال السوري، مع التأكيد على الأهالي بأن المخيم سيغلق “بشكل كامل” في التاريخ المحدد.
ويرى اللاجئ الخمسيني أن المبلغ التعويضي غير كافٍ ولا يغطي احتياجات الأسرة إلا لشهر واحد فقط، وذلك لأسباب عديدة، أهمها تدنيه وطلب أصحاب المنازل والمكاتب العقارية مبالغ “خيالية” من العائلات مع اشتراط دفع الإيجار عن 6 أشهر مقدمة سلفًا.
أوضح عبد القادر، لعنب بلدي، أن إدارة المخيم لا تؤمن للعائلات المقيمة سوى “كرت مول” يعبأ شهريًا بمبلغ قدره 300 عن كل فرد من الأسرة المستفيدة في المخيم، بينما يعمل بعض السكان القادرين خارج المخيم لتأمين المصاريف الأخرى لعائلاتهم.
أما المبالغ التعويضية المقدمة للأشخاص، ستمنح بعد ما يقارب الشهر أو أكثر من خروج العائلة من المخيم عبر إرسال رسالة نصية على الرقم المحدد من العائلات واستلامه من صرافة الـ”ptt”، وفقًا للشاب أحمد حساني.
وانشأت الحكومة التركية مخيم “ألبيلي” في مدينة كلس بتاريخ 17 من كانون الثاني 2013، وبدأ اللاجئون السوريون الإقامة فيه بشكل فعلي في 3 من حزيران 2013.
إغلاق المخيمات
يأتي قرار إغلاق المخيمات للاجئين السوريين في تركيا بالوقت الحالي كخطوة مكملة للقرارات السابقة في عام 2018 حول إغلاق المخيمات، وهو أمر روتيني من قبل رئاسة الهجرة التركة ومتبع منذ سنوات إذ أغلقت الهجرة التركية ما يقارب 19 مخيمًا من أصل 25 مخيمًا، مع وجود خطة سابقة لإبقاء عدد منها لتكون خاصة بذوي الإعاقة، بحسب تصريح سابق لرئيس بيت الإعلاميين العرب في تركيا، جلال دمير لعنب بلدي.
وأعلنت إدارة مخيم “نزيب” في غازي عنتاب، قبل أكثر من شهر، عن إغلاقها للمخيم الذي يضم 400 عائلة سورية من المتضررين من زلزال 6 من شباط الماضي الذي ضرب جنوبي تركيا ومناطق من الشمال السوري، ليمدد قرار إغلاقه حتى 13 من تشرين الأول الماضي، بعد تدخل من اللجنة السورية- التركية المشتركة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :