تعا تفرج
ما أجمل أن نعيش.. بين الدعاميش
خطيب بدلة
ثمة إشاعة تقول إن خوارزميات تطبيق “تيك توك” توقف البث المباشر لأحد المشتركين، إذا ذُكرت خلاله كلمة “داعشي”، لذلك تحايل التكاتكة على الأمر، واستعاضوا عنها بكلمة “دعموش”، وتعني الشخص الذي يعتنق فكرة الدولة الإسلامية.
ومما لاحظته، أنا أخوكم، أن التخلص النهائي من الدعمشة مستحيل، لأن في أعماق كل واحد منا، نحن المسلمين، دعموشًا. وبما أن الدعاميش تسكن في البشر، فلا بد أن يكون لها مقاسات مثل الألبسة: سمول، وميديوم، ولارج، وإكس لارج… والشيء الطبيعي أن يكون حجم الدعموش الذي يستوطن رجلًا من أهل اليسار، أو الليبراليين، أو العلمانيين الديمقراطيين، صغيرًا، ممحوقًا، عدا عن كونه نائمًا، ولكنه يستيقظ، ويكبر في أيام الأزمات الكبرى، والمحن، وهذا ما حصل مع رجل يقدم نفسه بوصفه تنويريًا، عندما بدأت الحرب في غزة بين إسرائيل و”حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) التي توغلت في الأراضي الإسرائيلية، وقتلت 1500 إسرائيلي، عدا الأسرى، فكان، تلقائيًا، من المؤيدين لها.
هؤلاء الناس، الذين يسمون أنفسهم تنويريين، لا يستطيعون إظهار دعمَشتهم للملأ، فتراهم يخفون تأييدهم لـ”حماس” تحت شعار التعاطف مع الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة، ويسهبون في الكلام عن جرائم إسرائيل المستمرة بحق الفلسطينيين، منذ 1948 حتى الآن، فإذا أتى أحد الناس على ذكر جرائم قتل مدنيين من قبل “حماس”، ينبري ليسرد عشرات الأمثلة عن جرائم إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين، ثم يذهب للحديث عن تنوع الفصائل الفلسطينية التي تقاوم إسرائيل، زاعمًا أن “حماس” ليست سوى واحدة منها، متجاهلًا أن “حماس” تسيطر على القرار الفلسطيني منذ 2007، وأنها تحكم قطاع غزة، وأنها رفضت اتفاقية “أوسلو” التي وقعها أبو عمار مع الجانب الإسرائيلي، وهي لا تسمح لأخي أخته من الفلسطينيين أن يمد رأسه أكثر مما تمد سلحفاة رأسها من قلب قوقعتها، وأنها، أي “حماس”، لا تكترث لموت المدنيين الفلسطينيين، بالجملة والمفرق، بل إنها تبارك موتهم، وتعتبرهم شهداء ذاهبين إلى جنان الخلد أفواجًا. وبما أن القادة الحمساويين منشغلون بإدارة الحرب من أماكن إقامتهم، بعيدًا عن القطاع، فإن صاحب الدعدوش المستيقظ ينوب عنهم في الدفاع عن مواقفهم، فإذا لامهم اللائمون لأنهم لم يجهزوا ملاجئ لحماية المدنيين من القصف، وتقاعسوا عن تأمين أدوية لأجل الأمراض المستعصية، والإسعافات الطبية، يقول إنهم لا يستطيعون ذلك، لأنهم محاصرون، وهذا ما يدفع من يحاوره إلى الاستهزاء قائلًا:
- نعم، إن إدخال علبة حبوب، أو إبر، أو تحاميل، بحجم الكف، صعب، وأما إدخال صاروخ أطول من مئذنة الجامع فسهل، ولا سيما من خلال الأنفاق التي حفروها منذ سنين طويلة.
نشرتُ، على صفحتي، تصريحًا شخصيًا، قلت فيه إنني لا أؤيد “حماس”، ولا أي منظمة مبنية على أساس الأديان، وإذا برجل علماني تنويري يسألني عن السبب مستنكرًا، فأجبته بسؤال معاكس هو: أي تنظيم مبني على أساس الأديان يعجبك؟ “داعش”؟ “بوكو حرام”؟ “طالبان”؟ “القاعدة”؟ “جند الأقصى”؟ “جيش الإسلام”؟ “حماس”؟
فانتفض، وكأنه لم يسمع الجملة كلها، وقال: لا يا أستاذ. “حماس” غير!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :