عنب بلدي – حسن إبراهيم
“بدنا 50 سنة لنصير مثل اليابان”، عبارة أطلقها المدرب السوري فجر إبراهيم، ليبين الفوارق الكبيرة بين منظومة ومنهجية تعتمدها اليابان والمنظومة السورية في كرة القدم، وذلك خلال تصفيات آسيا المؤهلة إلى كأس العالم 2018، بعد خسارة سوريا أمام اليابان بثمانية أهداف دون رد بمجموع مباراتي الذهاب والإياب.
رغم قِدم العبارة التي أطلقها فجر إبراهيم عام 2016، وهو المدرب الأسبق لمنتخب سوريا، والمطلع على خفايا وخطط ورؤية منظومة اللعبة في سوريا، فإنها تعود مع كل انتكاسة وتخبط يطال كرة القدم السورية سواء على مستوى المنتخب أو الأندية.
تتردد هذه العبارة مؤخرًا من بوابة اقتصار حصة الأندية السورية على نصف مقعد فقط في دوري التحدي الآسيوي لموسم 2024-2025، وهو ثالث الدوريات تصنيفًا بين المسابقات الآسيوية، ما يعكس ضعف الأندية وهشاشتها وتأخر رؤية اتحاد الكرة عن مواكبة تطورات اللعبة.
مقعد غير مباشر
أقر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم مجموعة من التعديلات على البطولات وأعاد هيكلتها، نهاية تشرين الأول الماضي، وتضمنت ثلاث مسابقات هي دوري أبطال آسيا (دوري النخبة) بمشاركة 24 فريقًا، ودوري أبطال آسيا 2 بمشاركة 32 فريقًا، وبطولة جديدة تحت مسمى التحدي الآسيوي تضم 20 فريقًا.
وانخفضت حصة الأندية السورية من مقعد ونصف في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي في الموسم الحالي، إلى مقعد غير مباشر عن طريق خوض مباراة ملحق في دوري التحدي الآسيوي (ACGL).
وطلب الاتحاد الآسيوي من الأندية الراغبة إرسال كتاب رسمي لتثبيت المشاركة في دوري التحدي الآسيوي، خلال موعد أقصاه 16 من تشرين الثاني الحالي، ويجري اختيار النادي المشارك وفق شرطين، الأول الحصول على الرخصة الآسيوية.
والشرط الثاني هو تحقيق المعيار الرياضي وفق ترتيب الأفضلية الآتي: بطل الدوري السوري الممتاز، بطل كأس الجمهورية، ثاني الدوري السوري الممتاز، ثالث الدوري السوري الممتاز، رابع الدوري السوري الممتاز لموسم 2023-2024.
ويعود منح الأندية السورية نصف مقعد إلى النتائج في المسابقات الآسيوية خلال الأعوام الثمانية الماضية، إذ فشلت الأندية في تحقيق نتائج إيجابية.
ما شروط اللعب في آسيا
وضع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم شروطًا للانضمام إلى البطولات التي ينظمها، منها ما هو مرتبط بالترخيص، ومنها مرتبط بالأندية واستقلاليتها والدوريات المحلية.
ومن الشروط أن تكون الأندية مؤسسات مستقلة بشكل كامل عن أي تدخل حكومي، سواء من اتحاد كرة القدم (المطالب بالاستقلالية الكاملة هو أيضًا)، أو من الاتحاد الرياضي العام (أعلى سلطة رياضية في سوريا)، أو من قبل حكومة النظام السوري.
ويجب أن تمتلك الأندية ملاعب خاصة بها تحقق شروطًا معيّنة، وحسابات بنكية للنادي، وسيولة مادية، ومعيار جودة ترخيص من الاتحاد الآسيوي، ويهدف الترخيص إلى تعزيز الإدارة الاحترافية في إدارة نظام ترخيص الأندية.
وعلى مستوى الدوري، يجب ألا تقل عدد الفرق المشاركة في الدرجة الممتازة عن 12 فريقًا في الموسم الواحد، وعدد مباريات محدد يجب أن يخوضها الفريق لا تقل عن 21 مباراة، وصولًا إلى 33 في الموسم الواحد.
ويجب أن تستمر فترة الموسم الكروي متضمنة الدوري والكأس ومباريات ما قبل الموسم عشرة أشهر في موسم واحد، بينما تكون فترة دوري الدرجة الممتازة ابتداء من ثمانية أشهر في الموسم، وأن يكون الدوري بنظام الذهاب والإياب.
ويجب أن يشارك في تنظيم مباريات الدوري ستة حكام دوليين وثمانية مساعدين، مع وجود برنامج دراسي للحكام في الدوري، ومراقبي المباريات.
ويجب أن تتوفر لوائح للدوري وانتقالات اللاعبين وأوضاعهم القانونية، ولائحة للمسابقات، ونظام للصعود والهبوط من وإلى الدرجات الأدنى.
ويجب ألا يكون الحضور الجماهيري مجانيًا، وألا يقل معدل حضور الجماهير للمباريات عن خمسة آلاف ابتداء من عام 2012.
ويجب عدم تدخل القطاع العام في إدارة الدوري الكروي، وأن تكون الجهة المنظمة للدوري كيانًا قانونيًا تابعًا لاتحاد الكرة، وأن تكون لها بنية إدارية تنظم المنافسة والتسويق والإعلام والمالية.
ويجب أن يكون للدوري نظام تسويقي مركزي يتكون من عناصر، مثل حقوق الإعلام ورعاة محددين وسلع تجارية، وأن تكون له استراتيجيات تطويرية ووسائل نشر (دليل الدوري وبرنامج المباراة وموقع إلكتروني)، على أن تكون العناصر الثلاثة هي المصادر الرئيسة للدخل في الدوري.
ويجب أن يكون هناك نظام تسجيلي لممثلي الإعلام في المباريات، وكذلك قسم خاص بالإعلام في أمانة السر للدوري، ووجود ضابط إعلامي لكل نادٍ، ولكل ملعب منصة إعلامية، ومساحة عمل للنقل الإذاعي والتلفزيوني، وعقد مؤتمرات قبل وبعد كل مباراة.
ويجب ألا يقل عدد مقاعد الملاعب عن خمسة آلاف مقعد، وأن تكون مغطاة بالعشب الصناعي، وأن تكون مطابقة لمواصفات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وأن يكون الملعب ملكًا للنادي ومسجلًا في الدوائر العقارية رسميًا.
ويجب ألا يقل عدد اللاعبين الذين لديهم عقد احتراف في النادي عن 20 في الموسم الرياضي، وأن تكون كل الأندية لديها إيرادات مثل تذاكر الدخول، وحقوق الإعلام، والرعاة والسلع، ورسوم الانتقالات والإيرادات، وأن تكون جميع الأندية ذات كيانات تجارية تحت قانون البلد، وألا تكون عليها أي مبالغ مستحقة، وتسلم تقارير الأرباح والخسائر والميزانية إلى الأندية المنظمة للدوري.
13 عامًا على أحدث لقب
على مستوى البطولات الآسيوية، نجحت الأندية السورية بالفوز في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي مرتين، الأولى عن طريق نادي الجيش في النسخة الأولى للبطولة عام 2004، وفاز حينها على جاره الوحدة.
وكانت الثانية عبر نادي الاتحاد (أهلي حلب) حين حقق لقب الاتحاد الآسيوي عام 2010، وفاز حينها على نادي القادسية الكويتي بركلات الترجيح بأربعة أهداف مقابل اثنين بعد التعادل بهدف لمثله.
ويعد نادي الكرامة الفريق السوري الوحيد الذي ترك بصمة على مستوى دوري أبطال آسيا، حين وصل إلى نهائي البطولة موسم 2005-2006، وخسر حينها النهائي أمام نادي جيونبوك الكوري، وسجل حضوره تواليًا حتى موسم 2008-2009.
وضم الكرامة خلال تلك الفترة أسماء لا يزال تأثيرها وذكرها حاضرًا في أذهان السوريين، منها المدرب محمد قويض (أبو شاكر)، وجهاد الحسين وحسان عباس وعاطف جنيات، وفهد عودة، ومهند إبراهيم، ومصعب بلحوس، وجهاد قصاب، وعبد القادر رفاعي، وإياد مندو، وحيان الحموي.
وتراجعت كرة القدم السورية في السنوات الماضية، ولم تستطع تحقيق أي لقب، وسط تخبطات على المستوى الإداري والفني، كما تعتبر الرياضة في سوريا بعيدة عن أولويات النظام السوري، التي يوظفها لتأكيد حضوره خارجيًا، وسط اتهامات بـ”الفساد والواسطة” للمنظومة الرياضية في سوريا.
ويفرض اتحاد الكرة في سوريا عقوبات وغرامات مالية على الأندية حتى باتت حالة عامة، وصارت حوادث الشغب والتعدي سواء من اللاعبين أو الجمهور ظاهرة منتشرة في معظم المنافسات والبطولات.