يواصل النظام السوري فرض قبضته الأمنية على مؤسسات ومنظمات، من بينها أممية، تنشط ضمن مناطق سيطرته، ويمارس عليها ضغوطات تلزمها بالعمل وفق المعايير التي يقرّها.
وذكرت “مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا” في 16 من تشرين الثاني، أن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام أوقفت عددًا من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الأممية عن العمل وأجبرت الوكالة على فصلهم.
ووفق بيان لـ”مجموعة العمل”، فإن قرار الفصل جاء بحجة تشكيل الموظفين خطرًا على الأمن السوري، وذلك بسبب انتماء ذوي أحد الموظفين للمعارضة السورية.
وحصلت عملية إيقاف الموظفين عن العمل خلال أيلول وتشرين الثاني الماضيين، إذ فصلت المنظمة الأممية ثلاثة موظفين تابعين لها في دمشق، بالإضافة إلى اثنين في المنطقة الشمالية، وموظف في المنطقة الوسطى.
ويأتي القرار بعد دراسات أمنية أجرتها الأجهزة التابعة للنظام، خلصت إلى قرارات مفادها ما يسمى “التريث” وإيقاف العمل، وفقًا لما ذكرته مصادر “مجموعة العمل”.
هيمنة وقبضة أمنية
مسؤول قسم الإعلام في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”، فايز أبو عيد، أوضح لعنب بلدي أن هيمنة النظام وصلت إلى قطاع التوظيف في وكالة “أونروا” التي من المفترض أن تكون أممية من حيث القرارات والمرجعية.
وأضاف أبو عيد أن النظام أجبر الوكالة على فصل ست موظفين بحجة انتماء فرد من عائلة أحد الموظفين للمعارضة السورية، كما يقيد النظام عمل الوكالة في سوريا ويمنعها من القيام بأي نشاط دون الرجوع إليه، وفقًا لأبو عيد.
يشكو اللاجئون الفلسطينيون من استخدام النظام “المحسوبيات” في عملية التوظيف ضمن الوكالة، وتسلط الأجهزة الأمنية عليها وخاصة “فرع فلسطين” الذي يعين الموظفين بشكل نافذ أكثر من مدير الوكالة بحد ذاته.
وقال أبو عيد إن الوكالة ليست صاحبة قرار في تعيين موظفيها، إذ تقوم الأجهزة الأمنية بدراسة لأي موظف في الوكالة قبل السماح لها بتوظيفه.
وصار التوظيف حكرًا على المتنفذين والمقربين من النظام، بحسب أبو عيد، إذ اقتصر على من يمتلك نفوذ داخل أجهزة الأمن، كما لوحظ توظيف أشخاص ليسوا فلسطينيين في الوكالة من طوائف معروفة في سوريا.
ووفق تقرير صدر في آذار الماضي، عن صحيفة “فايننشال تايمز”، فإن الأمم المتحدة وظفت ابنة رئيس المخابرات السياسية في سوريا، حسام لوقا، المعاقَب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، لارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان، لدى أحد مكاتبها في دمشق.
تضييق و ابتزاز
يستخدم النظام السوري سياسة التضييق الخانق على اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في سوريا، خاصة بعد البدء بوقفات تضامنية مع غزة تنديدًا بالتصعيد الإسرائيلي المتواصل منذ 7 من تشرين الأول الماضي.
سبق واعتقلت عناصر “فرع فلسطين” التابع لشعبة الأمن العسكري، في 6 من تشرين الثاني الحالي، ثلاثة ناشطين فلسطينيين في بلدة “يلدا” بريف دمشق، على خلفية تنظيم وقفة تضامنية مع غزة، وفق ما ذكرت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”.
وبينت المجموعة أن الوقفة تضمنت رفع العلم الفلسطيني وصورًا من أحداث غزة وعبارات مناهضة للقصف الإسرائيلي على القطاع.
وبحسب ما ذكره موقع “صوت العاصمة“، فإن دورية تابعة لـ”فرع فلسطين” تمركزت في بداية شارع العروبة قرب الموقع الذي جرت فيه الوقفة التضامنية مع غزة، لردع المواطنين من القيام بأي وقفة تطالب بإطلاق سراح الناشطين.
كما أفادت “مجموعة العمل“، في 5 من الشهر نفسه، أن النظام فرض على الفصائل الفلسطينية الحصول على موافقات أمنية لتنظيم أي فعاليات أو وقفات تضامنية مع غزة، إضافة لأي اجتماع تعقده الفصائل سواء كان شهريًا أو أسبوعيًا.
فيما قال مسؤول قسم الإعلام في “مجموعة العمل” إن النظام يفرض قبضته الأمنية على جميع المخيمات والتجمعات الخاصة باللاجئين الفلسطينيين ويضيق الخناق عليهم من خلال ممارسة النظام لسياسة الترهيب والتخويف من خلال حملات الدهم والاعتقال، وذكر أن حملات اعتقال النظام طالت آلاف الفلسطينيين.
وبلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين الموثقين لدى “مجموعة العمل”، منذ عام 2011 حتى شهر تشرين الثاني الحالي، أكثر من ثلاثة آلاف معتقل، بينهم نساء وأطفال.