ترميم المنازل الطينية في الحسكة.. عادة سنوية قبيل فصل الشتاء
منذ بداية أيلول وحتى نهاية تشرين الثاني، يواظب أهالي ريف الحسكة القاطنون في البيوت الطينية على إعادة ترميم منازلهم، وهو عرف يتجدد سنويًا استعدادًا لفصل الشتاء وهطول الأمطار.
ويهدف هذا النشاط إلى تجديد وتقوية هياكل المنازل لتحمل تأثيرات الظروف الجوية القاسية.
مراحل الترميم
عبد الله رجب أحد سكان ناحية تل براك في ريف محافظة الحسكة، قال لعنب بلدي، إن البيوت الطينية تمثل شاهدًا حيًّا على الثقافة التي توارثها الأجداد عبر الأجيال في معظم القرى والبلدات في المحافظة، وأشار إلى أهمية صيانة هذه البيوت، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، بهدف سد الشقوق في الجدران وضمان تماسك الهيكل وسلامة الأسقف.
وأضاف عبد الله أن عملية صيانة هذه المنازل تمر عبر عدة مراحل، تبدأ بتجميع التراب وتنظيفه من الشوائب والحصى باستخدام عملية “الغربلة”، ثم خلط هذا التراب مع التبن الناعم ووضع بعض الملح لمنع نمو النباتات والحشائش نتيجة لتأثير الأمطار، خاصة على أسطح المنازل، بعدها يضاف الماء إلى المزيج الذي يعرف باسم “الجبلة”، ثم يترك ليتخمر لمدة يومين أو ثلاثة.
يُصب المزيج يدويًا في قوالب خشبية، وبعد أن تأخذ “اللبنات” (أجزاء الترميم من المزيج) شكل القالب، توضع تحت أشعة الشمس لتجف وتصبح صلبة، وتستخدم بعدها هذه “اللبنات” في بناء جدران المنزل، أما العتبات العلوية التي توضع فوق النوافذ والأبواب، فترمم باستخدام دعامات خشبية، ما يتيح تركيب النوافذ والأبواب بشكل فعّال، بحسب عبد الله.
وقبل البدء بالترميم يقشر عبد الله الطين الناشف والقديم من سطح المنزل ويمد طبقة كثيفة من القش، ثم يبدأ بترميم الجدران الخارجية لتتحمل تأثير سيل المياه وتظل قوية، ويترافق هذا العمل مع العديد من العادات، منها غناء الأغاني التراثية “الجزراوية”.
ومن العادات أيضًا خلال هذه العملية تقديم وليمة غداء من قبل أصحاب المنازل للشبان والأصدقاء الذين قدموا المساعدة بالترميم، وهو ما يضيف بعدًا اجتماعيًا واحتفاليًا إلى الفعالية، حيث يتبادل الناس الحديث والمزاح لتمضية الوقت.
ميزات المنازل الطينية
محمود عثمان أحد سكان البيوت الطينية والبالغ من العمر 71 عامًا، يقيم في بيت طيني بقرية بريقا التابعة لناحية عامودا، تحدث لعنب بلدي عن فوائد هذا النوع من البيوت، بأنه يمنح “إحساسًا بالانتعاش في فصل الصيف، بينما يحتفظ بالدفء أكثر في فصل الشتاء مقارنة بالمنازل المبنية بالأسمنت”.
وأضاف محمود أنهم مجبرون على صيانة هذه البيوت قبل حلول فصل الشتاء، حيث يرمم شبان العائلة السقف ويتحققون من عدم تسريب المياه في فصل الشتاء.
وبسبب عدم قدرته الحالية على العمل كما في السابق، يشرف محمود على عمليات الترميم بمتابعة شبان العائلة وتقديم النصائح، وهو ما ينقل خبرة الأجيال ويحافظ على “التراث العائلي”، على حد تعبيره.
توجد المنازل الطينية في عدة مناطق سورية بالإضافة إلى شمال شرقي سوريا، وتنتشر قرب مدينة حلب في شمالي سوريا بقرية أم عامودا الكبيرة في ريف حلب الشرقي، حيث شهدت المنطقة سابقًا معارك بين تنظيم “الدولة الإسلامية” وقوات النظام، ما تسبب بدمار جزئي لهذه البيوت وموجات نزوح أفقدت البيوت الطينية حتى معمارييها، حيث باتت اليوم مهددة بالاندثار.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :