يبذلون الكثير من المال والوقت
شبان سوريون مغتربون ضحايا دوامة تجديد جواز السفر
“عشرة آلاف دولار أمريكي، تكلفة تجديد جواز السفر طوال الأعوام العشرة الماضية، الجواز الذي لم يتح لي السفر خارج حدود إسطنبول، لكن تجديده شبه إجباري لمن يعيش في هذه البلاد”.
كانت هذه نتيجة الحسبة التي أجراها سامر كناكري، (30 عامًا)، وهو مبرمج سوري يعيش مؤخرًا في تركيا، بمحاولةٍ لإحصاء ما كلفه تجديد جواز السفر منذ خروجه من سوريا، إذ أنفق ما يقارب 1500 دولار كل عامين، يزيد المبلغ وينقص تبعًا لعوامل عديدة.
يشغل موضوع تجديد جواز السفر حيزًا من تفكير الشبان السوريين المغتربين في سائر دول العالم على مدار العام.
وحددت إدارة الهجرة والجوازات مدة عمل جوازات سفر الشبان مؤجلي الالتحاق بخدمة العلم الإلزامية بعامين فقط، وفي بعض الأحيان تمنح إدارة الهجرة الشبان جوازات صالحة لمدة عامين ونصف.
ويُمنح جواز السفر لمدة ست سنوات، وهي المدة الكاملة، لفئات محددة من السوريين ومنهم الإناث، ومن أدى خدمة العلم، ودافع بدل الالتحاق بالخدمة العسكرية، ولحالات أخرى.
ويعيش الشبان في المغترب دوامة تبدأ قبل انتهاء مدة صلاحية جواز السفر وتستمر حتى انتهاء تجديده، إذ يرتبط تجديد الإقامة في البلد المستضيف بتجديد جواز السفر.
ويواجه السوريون عقبات عديدة عند تجديد جوازاتهم، تتلخص بالتكلفة المرتفعة، والمدة الزمنية الطويلة التي تستغرقها المعاملة.
سباق مع الزمن
يتزامن، في أغلب الأحيان، تاريخ انتهاء صلاحية الإقامة في البلد المستضيف مع انتهاء صلاحية جواز السفر، ويبدأ صاحب العلاقة السعي لحجز موعد لتجديد الجواز، وبالتالي تجديد الإقامة قبيل انتهاء مدة عمل الجواز بعدة أشهر.
في حديث لعنب بلدي مع علي عز الدين (25 عامًا)، وهو شاب سوري مقيم في تركيا وخريج من كلية الهندسة المدنية من إحدى جامعاتها، قال إن الخوض بمشاكل تجديد جواز السفر بدأ حال بلوغه سن الثامنة عشرة، ومنذ ذلك الوقت وهو يواجه صعوبات عديدة تتمحور حول الوقت الطويل وغير المحدد الذي تستغرقه معاملة تجديد الجواز.
وذكر الشاب، أن ثمانية أشهر هي ما بقي من مدة عمل جواز سفره، في حين تنتهي الإقامة في تركيا بعد ستة أشهر، وبالتالي فإن المدة الزمنية الفاصلة ما بين تجديد الجواز وتجديد الإقامة فيها مخاطرة بالوقت والمال في حال تأخرت إدارة الهجرة أو السفارة السورية بإجراءات المعاملة، بحسب ما قاله علي.
ومن أبرز الأزمات التي شهدها قطاع الجوازات في سوريا، انقطاع إصدار جوازات السفر مطلع عام 2022، والذي بررته وزارة الداخلية بعدم توفر أوراق طباعة الجوازات في سوريا، الأزمة التي دامت لما يقارب الستة أشهر، وعرقلت معاملات تجديد وإصدار الجوازات وما يرتبط بها من معاملات رسمية للمغتربين.
وكان علي أحد المتضررين من هذه الأزمة، إذ قال، إن سماسرة ومحامين قدموا له عروضًا لتجديد جواز سفره مقابل دفع مبالغ وصلت حتى 2500 دولار أمريكي.
وبسبب انتهاء تاريخ إقامته في تركيا، وعدم توفر جواز السفر الجديد، قدمت إدارة الهجرة التركية مهلة مدتها ثلاثة أشهر بانتظار حل مشكلة الجواز، وعند نهاية المهلة واستمرار أزمة طباعة الجوازات في سوريا منحته الإدارة بطاقة الإقامة الإنسانية، الأمر الذي يعتبره عز الدين من حسن حظه بحسب تعبيره، مقارنة بمن اضطر للخروج النهائي من تركيا بسبب إلغاء إقامتها فيها.
اقرأ أيضًا: شروط للحصول على تأشيرة لحاملي جواز السفر السوري الإلكتروني
تكاليف خيالية
تتفاوت تكلفة تجديد كل جواز عن الآخر بحسب الفترة الزمنية ومدى جهوزية إدارة الهجرة والسفارات المعنية لإصدار الجوازات، كما تعتمد على مدة الانتظار المتاحة قبيل تاريخ انتهاء الإقامة، والتي تفرض على صاحب العلاقة نوع معاملة التجديد “عادي” أو “مستعجل”، ما يعني زيادة الأجور.
وتتوزع أجور تجديد وإصدار الجوازات ما بين تكاليف إرسال الجواز من وإلى سوريا أو القنصلية السورية في سلطنة عمان، ورسوم إصدار الجواز، تضاف إليها تكلفة تصديق جواز السفر من القنصليات أو السفارات السورية في حال عدم اعتراف البلد المستضيف بالجواز دون توقيع من السفارة.
يملك السوريون خيارات محدودة لتجديد جواز السفر، ومنها إرسال الجواز القديم والأوراق المطلوبة إلى السفارة السورية في سلطنة عمان، وطلب تجديد الجواز وفق الدور “العادي” (غير المستعجل) بتكلفة 300 دولار، ويستغرق 40 يومًا من تاريخ استلام السفارة للجواز.
وهناك خيار تجديده كجواز سفر “مستعجل” بتكلفة 800 دولار خلال 15 يومًا من تاريخ الاستلام، ويعتبر رسم تجديد أو إصدار الجواز “العادي” أعلى من تكلفة إصدار جواز السفر الإماراتي الأقوى عالميًا، وتكلفة 17 دولار أمريكي تقريبًا.
كما يعمد عدد من المغتربين السوريين لتجديد أو استخراج جوازات السفر إلى إرسالها إلى سوريا، وإتمام المعاملة عن طريق أحد الأقارب.
وتبلغ رسوم جواز السفر “العادي” داخل سوريا (فروع وإدارة الهجرة والجوازات التابعة لوزارة الداخلية في حكومة دمشق) 306 آلاف ليرة سورية، و426 ليرة للجواز “المستعجل”، وفقًا لآخر زيادة على رسوم إصدار وتجديد للجوازات والتي وصلت لـ 200% و70% على التوالي.
أجور تصديق الجواز تقارب تجديده
يضاف إلى تكلفة تجديد أو إصدار الجواز السوري أجور تصديقه من القنصلية والسفارات السورية، ويختلف قبول أو رفض الجواز دون تصديق باختلاف بلدان الإقامة.
وفتحت القنصلية السورية في تركيا، على سبيل المثال وليس الحصر، باب حجز المواعيد لتصديق الجوازات وإتمام معاملات قنصلية محددة، عن طريق التواصل معهم برسالة نصية واحدة فقط وحصرًا على تطبيق التواصل الإجتماعي “واتساب”، مع التنويه إلى رفض الطلب في حال إرسال تفاصيل أخرى أو تكرار الطلب.
ووفقًا لما رصدته عنب بلدي، وصلت فترات انتظار المواعيد لثمانية أشهر دون جواب رسمي من القنصلية بتحديد موعد أو توضيح عدم توفر مواعيد بالوقت الحالي.
ويبلغ سعر تصديق جواز السفر عن طريق سماسرة 425 دولارًا أمريكيًا، ووفرت المكاتب أيضًا تصديق جواز السفر من لبنان بتكلفة 275 دولارًا، وفق ما رصدته عنب بلدي.
ولا تقبل إدارة الهجرة في تركيا جوازات السفر السورية دون تصديق من القنصلية السورية أو وجود ختم الدخول إلى تركيا عليها، ما يضطر السوريين لتصديق جوازاتهم إما عن طريق حجز موعد في القنصلية من خلال أحد مكاتب السماسرة، أو السفر إلى بلدان تتيح للسوريين الدخول إليها دون تأشيرة دخول أو مع “تأشيرة عند الوصول” وختم الجواز بشكل نظامي على الحدود التركية، ويشترك الخياران بالتكلفة المرتفعة وبذل الوقت.
اقرأ أيضًا: وفق أكثر من مؤشر.. الجواز السوري يتذيل الترتيب العالمي
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :