حملات ومشاريع للحد من الإصابة بـ”الكوليرا” شمال غربي سوريا
ارتفع عدد الإصابات المسجلة بمرض “الكوليرا” في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، إذ تسبب بعديد من حالات وفاة وسط عجز المنظومة الطبية في المنطقة عن إيجاد حلول جذرية، معتبرة أن المرض صار “متوطنًا” في المنطقة.
وتزداد وطأة المرض في وقت تسبب فيه قصف النظام السوري برًا، وروسيا جوًا، بدمار لبعض المرافق الطبية والمراكز الصحية التي كانت بطبيعة الحال عاجزة عن مجاراة انتشار المرض بحسب شهادات لعاملين في القطاع تحدثوا لعنب بلدي سابقًا.
وزاد انتشار “الكوليرا” في فترة شهدت فيها مناطق شمال غربي سوريا زلزالًا مدمرًا مطلع العام الحالي، لا تزال آثاره واضحة في المنطقة حتى اليوم، مع زيادة بأعداد المخيمات العشوائية ومراكز الإيواء المؤقتة، دون تحضير بنية تحتية سليمة، بحسب ما وثقه “الدفاع المدني السوري”.
الكوليرا “توطّن” شمال غربي سوريا
دريد الرحمون، مسؤول دائرة الرعاية الأولية بمديرية صحة إدلب، قال لعنب بلدي، إن أول حالة بوباء الكوليرا ضمن المنطقة سُجلت في أيلول 2021، بينما لا توجد مدة محددة يمكن فيها إعلان نهاية انتشار المرض لأنه أصبح “متوطنًا” في المنطقة.
وأوضح أن الكوليرا بدخوله المنطقة ينتهز أي بيئة مناسبة له ليعيد انتشاره ويخلف عشرات الإصابات.
ووفق مديرية الصحة بإدلب، فإن عدد الوفيات جراء الإصابة بالكوليرا بلغ 24 وفاة خلال السنتين الماضيتين، بينما بلغت أعداد المشتبه بإصابتهم 178 ألفًا و230 إصابة، منها 80% أُثبت إصابتهم بالمرض.
وقال الرحمون، إن تقليل الإصابات يتلخص بإعطاء اللقاحات التي قد تسهم إلى حد كبير في تخفيف آثار وأعراض المرض، وتقليل حالات الوفاة.
وتأتي الوقاية أولًا لكبح جماح انتشار المرض، إضافة إلى إنشاء مراكز العزل لتجنب مخالطة المصابين وتقليل العدوى، وتومّن مديرية صحة إدلب مركزين للعزل لم يصلا بعد إلى طاقتهما الاستيعابية، وفق الرحمون.
وفي الوقت الراهن، تعتمد الجهات الطبية في شمال غربي سوريا على تقليل الإصابات عبر إعطاء اللقاحات، إذ أشرفت المديرية على توزيعها لـ90% من سكان المنطقة، بالإضافة إلى إطلاق حملات التوعية، بحسب المسؤول بمديرية صحة إدلب.
وقال الرحمون، إن استجابة الأهالي للتوجيهات الطبية جيدة، إذ يحاولون الالتزام بها، إلا أن البيئة المحيطة غير مناسبة نظرًا إلى انتشار العشوائيات والخيام في بنية تحتية “متردية” حيث تنتشر مياه الصرف الصحي والقمامة، وهي عوامل تفسح المجال لزيادة انتشار المرض.
ما المرض “المتوطن” (Endemic disease)يعرف المرض “المتوطن” في علم الأوبئة، بأنه الحالة التي يكون فيها تفشي المرض وبائيًا، وموجودًا باستمرار، لكنه يقتصر على منطقة معينة، إذ إن هذا يجعل المرض ينتشر. ووفقًا لما قاله الطبيب محمد سالم في حديث سابق لعنب بلدي، فإن الفئات الأكثر تأثرًا بالمرض في حالة “استيطانه”، هم أصحاب الأمراض المزمنة، والمصابون بسوء التغذية، وتكون نسبة الوفيات أكبر بينهم، مضيفًا أن معظم أطفال سوريا يعانون سوء التغذية. |
مشاريع “الدفاع المدني”
يعمل المتطوعون في “الدفاع المدني السوري” على إجراء جولات تستهدف مراكز الايواء المؤقتة لمتابعة أوضاع المصابين وتقديم الرعاية الطبية لهم، إضافة إلى جلسات توعية للوقاية من مرض “الكوليرا”.
وتعمل فرق “الدفاع” على توزيع النشرات الدورية التي تحذر من خطورة المرض وتشير إلى وطرق الوقاية منه، إضافة إلى الطرق الصحيحة لتأمين مياه شرب نظيفة خالية من الجراثيم المتسببة بالمرض.
مسؤول الإسعاف في “الدفاع المدني”، وليد أصلان، قال لعنب بلدي، إن فرق “الدفاع” تعمل على “مشاريع الإصحاح” التي تهدف لتحقيق نتائج بعيدة المدى من خلال ضمان الوصول إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، وتسهم في رفع مستوى الصحة العامة، وتقلل من انتشار الأمراض المنقولة بالمياه.
وأضاف أن أحد المشاريع التي أطلقها “الدفاع” كان مشروع شبكات مياه الشرب والصرف الصحي في تجمعات مخيمات “كفركرمين- الكمونة” .
وأوضح أصلان أن هذا المشروع هو أول المشاريع الخدمية التي أطلقها “الدفاع المدني” في الفترة التي أعقبت الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في شباط الماضي، وهو الأكبر من نوعه في عمل المؤسسة بتأهيل البنى التحتية شمال غربي سوريا، إذ يخدم نحو 7500 منزل في تجمعات مخيمات “كفركرمينـ الكمونة.
وامتد المشروع نفسه على مساحة 20 ألف متر مربع، عبر شبكات المياه النظيفة التي مدّها الفريق لكل منزل ضمن تجمع المخيمات، ويبلغ طول شبكة المياه أكثر من 50 ألف متر، إضافة إلى مد شبكات الصرف الصحي التي بلغ طولها نحو 90 ألف متر.
وأضاف أصلان أن “الدفاع” عمل على تجهيز شبكة للصرف الصحي بطول 1650 مترًا على طريق سرمدا- البردقلي شمالي إدلب، بهدف توفير الخدمات لأكثر من 6000 مدني.
وإلى جانب ما سبق، أطلق “الدفاع المدني” مشروع توسيع شبكة الصرف الصحي في قرية حوار النهر قرب مدينة مارع في ريف حلب الشمالي، في إطار الجهود التي تبذلها المؤسسة لتحسين البنية التحتية وتعزيز صمود المجتمعات في شمال غربي سوريا، ويبلغ طول الشبكة 2100 متر، بحسب أصلان.
ويحاول “الدفاع المدني”، وفق أصلان، عبر هذه المشاريع تحسين البنى التحتية ورفع سوية الخدمات لا سيما المتعلقة بالصرف الصحي والتي تشكل عاملًا أساسيًا في استمرار انتشار “الكوليرا”.
الواقع الطبي لا يساعد
نال القطاع الطبي في سوريا نصيبه من القصف والدمار والاعتداءات كغيره من القطاعات الأخرى، إذ يعاني هذا القطاع من نقص المستلزمات والموارد الطبية، وانخفاض الأجور في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد، عدا عن استهداف مباشر للكوادر الطبية، واستهداف البنية التحتية للمنشآت الطبية.
وأصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريرًا بعنوان “ما لا يقل عن 73 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد قوات الحلف السوري في شمال غربي سوريا منذ 5 من تشرين الأول 2023″، أشارت فيه إلى أن قوات الحلف السوري- الروسي قصفت بشكل متعمد الأعيان المدنية والبنى التحتية في شمال غربي سوريا.
وسجل التقرير، منذ 5 من تشرين الأول الماضي حتى 11 من تشرين الثاني الحالي، ما لا يقل عن 73 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية ارتكبتها قوات النظام السوري وروسيا في شمال غربي سوريا، منها 69 على يد قوات النظام السوري و4 على يد القوات الروسية.
من بين هذه الهجمات 24 حادثة اعتداء على منشآت تعليمية، و11 على منشآت طبية، و12 على أماكن عبادة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :