مخاوف التجنيد ضمن صفوف “قسد” تلاحق شباب دير الزور
ينشغل طارق الطلاع من ريف دير الزور الشرقي هذه الأيام بإيجاد طريقة لإبعاد ولديه عن بلدته وعن مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بعد إعلان الأخيرة تجنيد الشبان في مناطق سيطرتها بدير الزور.
في 28 من تشرين الأول الماضي، أصدرت “الإدارة الذاتية” مظلة “قسد” السياسية قرارًا بتسليم المتخلفين عما وصفته “خدمة واجب الدفاع الذاتي”، وتوقيف كل مكلف غير مؤجل على دفتر الخدمة من مواليد 1998 ولغاية 31 من تموز 2005، مع توقيف جميع سيارات المؤسسات المدنية الخاصة بنقل الموظفين والتأكد من ثبوتيات المكلفين.
وقال طارق لعنب بلدي، إن ملاحقة الشبان وقلة فرص العمل تدفعان الأهالي إلى القبول مجبرين بالتجنيد، لافتًا إلى أن رواتب الخدمة العسكرية لا تكفي المجند لتأمين احتياجاته الشخصية، معتبرًا أن التجنيد هو موت مجاني.
وأضاف أن الحرب أصبحت اليوم حرب مصالح، والأهالي يدفعون ثمنها، لذلك يعمل جاهدًا لإخراج أبنائه من هذا البلدة، ولفت إلى أن “قسد” تضيق على الأهالي مرة بالتهديد والوعيد، ومرة أخرى بإغراء الشبان بالراتب والسلطة.
وذكر طارق أن “قسد” تستغل قلة فرص العمل التي تكاد تكون معدومة، وعدم وجود خيارات إلا العسكرة، لافتًا إلى أن أغلب الشبان حُرموا من إكمال تعليمهم سابقًا ولا يملكون شهادات تخولهم تسلم أي وظائف مدنية.
من جهته، قال مجد الشاهر (22 عامًا) الذي يعمل في توزيع الألبسة، إنه بات يخرج من ريف دير الزور الغربي قبل ساعة ونصف عن السابق ليسلك طريقًا بريًا مغايرًا يتجاوز 80 كيلومترًا، ليبتعد عن الحواجز العسكرية.
يوزع مجد البضائع على محال في ريفي دير الزور الغربي والشرقي، مشيرًا إلى أن حملة التجنيد تسببت بتراجع حركة البيع والشراء لديه، إذ كان قبل الحملة يخرج لتوزيع بضائعه ثلاث مرات في الأسبوع أما الآن فيخرج مرة واحدة.
وبرغم فراره من قواعد “قسد” وقراراتها الصارمة داخل المعسكرات، وجد أحمد العبد من دير الزور نفسه في ظروف معيشية صعبة، إذ بات ملاحقًا والمكان الذي يلوذ به يشهد نقصًا حادًا في المياه النظيفة والمواد الغذائية وحتى الأدوية الأساسية، إضافة إلى بعده عن ذويه.
وذكر الشاب لعنب بلدي أن الظروف الاقتصادية تمنعه من الخروج من دير الزور باتجاه مناطق الشمال السوري عبر طرق “غير نظامية” فهي مكلفة جدًا.
سد النقص
حسابات إخبارية وأخرى تابعة لعشائر المنطقة تحدثت، في 8 من تشرين الثاني الحالي، عن تسجيل حالات اعتقال لشبان في ريف دير الزور بغرض التجنيد، وذكرت أن “قسد” تنفذ منذ أيام اعتقالات تستهدف الأشخاص من مواليد 1997 حتى مواليد 2005 بهدف تجنيدهم.
وقال قيادي في “مجلس دير الزور العسكري” التابع لـ”قسد” في حديث لعنب بلدي (فضل عدم ذكر اسمه لكونه غير مخول بالتصريح)، إن هدف “قسد” من حملة التجنيد هو زيادة في عدد أفرادها بعد النقص الذي تكبدته خلال اشتباكات جرت مؤخرًا في دير الزور، وهروب الكثير من عناصرها وكثرة الهجمات والضربات التي طالت نقاط قواتها.
وسنّت “قسد” منذ العام 2014 قوانين فرضت التجنيد الإجباري على الشباب بين 18 و30 عامًا، في مناطق سيطرتها الممتدة على معظم محافظة الحسكة وأجزاء واسعة من محافظتي الرقة ودير الزور ومدينتي كوباني (عين العرب) ومنبج بريف حلب الشرقي.
وكان مسؤول عسكري في “قسد” كشف لعنب بلدي، في 30 من تموز 2022، عن ازدياد حالات الانشقاق من صفوفها خصوصًا من النقاط العسكرية القريبة من الحدود التركية، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة التهديدات بشن عملية عسكرية تركية، ما يفسر حملات التجنيد الكبيرة التي بدأتها “قسد” لتعويض النقص الناتج عن المنشقين عن صفوفها.
وكانت “الإدارة الذاتية” صدّقت، في حزيران من عام 2019، على قانون “التجنيد الإجباري” في مناطق نفوذها، ويتضمن قانون “الدفاع الذاتي” 35 مادة، حُددت فيها شروط الخدمة والإعفاء والتأجيل وجميع القوانين الخاصة بالمكلفين والمشمولين بالتجنيد.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :