تعاني المدارس في مناطق سيطرة النظام نقصًا كبيرًا بأعداد الكتب المدرسية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية منذ بدء العام الدراسي حتى الآن، ما يشكل تحديًا أمام الطلاب في دراستهم.
ويواجه أهالي الطلاب مشكلات في محاولة تأمين الكتب الناقصة لدى أطفالهم، ويدفعون لقاء ذلك مبالغ تفوق استطاعتهم.
بدأ العام الدراسي في سوريا في 3 من أيلول الماضي، وسط أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة يواجهها المقيمون في مناطق سيطرة النظام السوري.
الطباعة مكلفة
بعد مرور نحو شهرين ونصف على بدء العام الدراسي، ما زال مديرو المدارس يحاولون التواصل المستمر مع المسؤولين على أمل النجاح بتأمين نقص الكتب المدرسية لدى الطلاب.
أحد موظفي وزارة التربية (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إن نقص الكتب المدرسية لدى الطلاب تضاعف في العام الدراسي الحالي مقارنة بالأعوام الماضية.
وذكر الموظف أن السبب الأساسي لحصول النقص بالكتب المدرسية وتوزيعها على الطلاب يعود لغلاء طباعة الكتب وعدم توفيرها بشكل كافٍ من وزارة التربية، إذ طبعت هذا العام 40 مليون كتاب، بمبلغ قدره 55 مليار ليرة سورية.
وبعد ارتفاع حدة الانتقادات من أعضاء مجلس المحافظة بالعاصمة دمشق لتأخر جرد الكتب المدرسية وأن بعض الكتب المدرسية لم توزع على المدارس، علّق مدير التربية، سليمان اليونس، بأن المديرية طالبت المعنيين بجرد الكتب المدرسية بتسريع العملية، وأشار إلى أن المديرية تشتري الكتب مثل جميع المواطنين، وفق ما نشرته صحيفة “الوطن” المقربة من النظام السوري.
معلمة في منطقة داعل بريف درعا (تحفظت على ذكر اسمها لأسباب أمنية) قالت لعنب بلدي، إنه عند مراجعة إدارة المدارس للمكتبة المدرسية لمعرفة معلومات عن إمكانية تسلم كتب جديدة لتوزيعها على الطلاب، يكون الرد بعدم وجود كتب جديدة، وطرح حلول كاستخدام الكتب المدوّرة.
وأفادت المعلمة بوجود نقص كبير في الكتب لدى جميع الصفوف الدراسية من الابتدائية حتى الثانوية وخاصة الصف الأول، مشيرة إلى وصول ألف كتاب فقط لطلاب الصف الأول في درعا ما اعتبرته “مخجلًا” وغير كافٍ لتغطية حاجة المدارس في المحافظة.
وأوضحت معلمة في ريف درعا الغربي لعنب بلدي، أنهم حاولوا التواصل مع وزارة التربية لمعرفة سبب التأخير بتسليم الكتب لتوضح بعدم وجود طباعة أو نسخ جديدة للكتب المدرسية الناقصة.
وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) التي نشرتها في كانون الثاني 2021، إلى حرمان أكثر من مليوني طفل من حق التعليم في سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة.
ووفقًا لبيان المنظمة، يعاني نظام التعليم في سوريا من إرهاق كبير، ونقص في التمويل، وهو نظام مجزأ وغير قادر على توفير خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال.
حلول تفاقم المشكلة
بحسب ما رصدته مراسلة عنب بلدي في دمشق، أدى نقص توزيع الكتب المدرسية على الطلاب إلى توجه الأهالي لخيارات بديلة عبر شراء النقص جزئيًا أو كاملًا.
سيدة من مدينة درعا (40 عامًا)، قالت لعنب بلدي، إن طفلتها في الصف الثالث الابتدائي، تسلمت كتبًا مستعملة وبعضها “ممزقة” وغير صالحة للدراسة، إلا أنها حاولت إصلاحها ومسحت جميع المعلومات السابقة لإرضاء ابنتها وإقناعها بالدراسة.
سمر أم لطالبين في الصف السادس والتاسع، قالت لعنب بلدي، إن عدم تسليم أبنائها الكتب المدرسية أجبرها على البحث عن كتب مستعملة لتجاوز المشكلة، ولكون سعرها أرخص بمقدار النصف من الكتب الجديدة التي تباع بالمكتبات.
سمر تقيم في حي المزرعة بدمشق (تحفظت على ذكر اسمها بالكامل لمخاوفها الأمنية)، حاولت بعد شراء الكتب لأطفالها حذف الأجوبة من صفحات الكتب وجلدتها بأغلفة جديدة، لتصبح أكثر قبولًا لدى أطفالها، وفقًا لما قالته لعنب بلدي.
وتتراوح أسعار الكتب المدرسية في دمشق للمرحلة الابتدائية والإعدادية بين 60 ألفًا و127 ألف ليرة سورية، وتختلف من صف لآخر.
تباع النسخة الكاملة المكونة من 12 كتابًا للصف الأول بسعر 69 ألفًا و600 ليرة سورية في المكتبات الخاصة بدمشق، بينما وصل سعر النسخة الكاملة المكونة من 17 كتابًا للصف التاسع في المرحلة الإعدادية إلى 127 ألفًا و200 ليرة سورية، ما يعادل أكثر من 60% من راتب الموظف الحكومي في سوريا.
ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية 185 ألف ليرة تقريبًا (ما يعادل 13 دولارًا أمريكيًا) بعد زيادتها 100% منتصف آب الماضي.
وبحسب القوانين السورية، فإن الكتب مجانية لطلاب المرحلة الأساسية من الصف الأول الابتدائي حتى التاسع الإعدادي، بينما تباع للطلبة في المرحلة الثانوية.
وصل سعر صرف الليرة أمام الدولار الأمريكي إلى 13950 ليرة سورية لكل دولار واحد، بحسب موقع “الليرة اليوم“، المتخصص برصد حركة العملات.
الحلول المقترحة على المعلمين بتدريس الطلاب من الكتب المحلولة تزيد من تفاقم المشكلة لوجود السؤال والإجابة معًا في الكتب القديمة الموزعة، ما يعوق قدرة الطالب على التفكير بالحل والاعتماد على الإجابة الموجودة بالكتاب، بحسب المعلمة في مدينة داعل.
ووفقًا للمعلمة في ريف درعا الغربي، يحاول المدرسون إعطاء الدروس بالكتب المتوفرة لديهم وكتابة الأفكار المهمة على السبورة لينقلها الطلاب على الدفاتر، بعملية قد تسهم بتخفيف النقص لدى الطلاب.
–