الدعم النفسي لمرضى البتر

  • 2023/11/12
  • 12:00 م
الدعم النفسي لمرضى البتر

ريما حاج حسين، البالغة من العمر ١٥ عامًا بترت ساقها جراء الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا - ١٠ آب ٢٠٢٣ (الجزيرة)

د. أكرم خولاني

يسبب بتر أحد الأطراف صدمة نفسية عنيفة لمعظم من يتعرضون لهذا الإجراء الطبي القاسي، ويكون أشد قسوة على أولئك الذين يتعرضون له بشكل مفاجئ نتيجة حادث ما غير متوقع، وقد يقلب حياتهم رأسًا على عقب في لحظة.

ورغم أن تركيب الأطراف الاصطناعية يوفر استعادة الحياة بشكل جديد، يبقى هؤلاء المرضى بحاجة إلى تقبل أنفسهم والتأهل نفسيًا للتأقلم مع الطرف الاصطناعي، ولذلك يظل التحدي الأكبر هو كيفية عبور المسافة الأكثر خطرًا وصعوبة بعد إجراء البتر للوصول إلى تركيب طرف اصطناعي يمكّن صاحبه من متابعة الحياة بشكل أقرب للطبيعي، بما في هذه المرحلة من صعوبات نفسية وصحية.

ما أهمية العناية النفسية بمرضى البتر

إن اختلاف شكل الجسم وفقده أحد أطرافه وعدم قدرته على القيام بجميع الأعمال اليومية بمفرده يجعل المريض في حالة من الصدمة وصعوبة الاندماج، لذا تعد العناية النفسية بهؤلاء المرضى حجر أساس في إمكانية عودتهم إلى الحياة الطبيعية، إذ يتعرض ما يزيد على 30% منهم لاكتئاب حاد، ويصاب آخرون بمتلازمة ما بعد الصدمة، وعدد كبير من المرضى يصابون بالتوتر والقلق.

ويمر مريض البتر بأربع مراحل، يمكن من خلالها تفهم ما يشعر به والتعامل معه بطريقة تخفف من شعوره باليأس والإحباط، فيبدأ الأمر بالإنكار ثم الغضب ثم المساومة على عمل إجراء أقل، ثم المرحلة الأخيرة وهي التقبل.

ومن خلال بعض الأساليب سيتمكن مرضى البتر من الوصول إلى المرحلة الآمنة، والعودة للحياة بشكل أقرب للطبيعي، بل من الممكن أن يعود مريض البتر للعمل بعد 5-6 أسابيع.

كيف يتجاوز مريض البتر مرحلة الصدمة النفسية

تجاوز الصدمة الأولى في الوضع الجديد يكون أسهل إذا بدأ التأهيل نفسيًا مبكرًا، ويجب التركيز على تقبل المريض لنفسه، وعليه أن يعلم أن الحادث أو العملية لم تنتقص منه شيئًا، وللأهل والأصدقاء دور كبير في هذه النقطة، وتطمينه بأن التطور الذي حدث في مجال صناعة الأطراف الاصطناعية مكّن الكثيرين ممن فقدوا أطرافهم من العودة للحياة بشكل أقرب للطبيعي، وحتى ممارسة النشاطات الرياضية والاشتراك في البطولات المختلفة.

تستغرق عادة عملية إعادة التأهيل ما يصل إلى عدة أشهر وقد تصل إلى عام أو أكثر، وهناك عدة أطراف منوط بها المشاركة في عملية إعادة التأهيل لتخطي المريض تلك الأزمة والوصول إلى بر الأمان، وهم:

  • الطاقم الطبي: وكيفية التعامل مع حالة المريض بشكل يحمل الوضوح والحسم والإنسانية، وتفهم حالات المريض المتفاوتة بين الإنكار والغضب والمساومة.
  •    رفقة المريض: سواء كانوا من الأسرة والأقارب أو من الأصدقاء، عليهم الوقوف بجانب المريض ودعمه ومساندته والاستماع إليه وتقبله وتقبل غضبه.
  • المريض: وهو الحلقة الأهم ويتطلب منه الرغبة بتقبل الواقع بسرعة والتعامل معه والمحاولة الجادة للانتقال إلى بر الأمان.
  • الطبيب النفسي: عن طريق تحليل وضع المريض قبل وبعد الحادث، ولا بد من التركيز على إيجابيات الإجراء وتبيينها للمريض، كتوضيح أن البتر والتخلص من جزء من جسده كان ضروريًا لتجنب الآلام أو المضاعفات التي قد تودي بحياته، بالإضافة إلى سرد مميزات ما حدث له على الصعيد النفسي والصحي، وهو أنه بالإضافة إلى توقف الألم ونجاته من الموت فهو يستطيع استكمال حياته من جديد عن طريق تركيب طرف اصطناعي يجعله يمارس حياته بشكل شبه طبيعي.

أخيرًا نشير إلى أن قرابة 80% من الأشخاص مبتوري الأطراف السفلية في العالم لا يستطيعون الحصول على الأعضاء الاصطناعية البديلة بسبب ارتفاع تكلفتها، وهذا يؤدي إلى أن الكثيرين منهم لا يستطيعون إعالة أُسرهم بسبب العجز الذي أصابهم، ونقص فرص توظيف هذه الفئة من المجتمع.

وحتى الأشخاص الذين يركبون أطرافًا اصطناعية قد يحتاجون إلى استبدالها أو صيانتها كل ثلاث أو خمس سنوات في حالات الكبار، وكل ستة أشهر بالنسبة للأطفال بسبب النمو الطبيعي لأجسامهم، وهذا يعني ضرورة وجود المنظمات الإغاثية ودعمها لمشاريع تركيب وصيانة الأطراف الاصطناعية للمساعدة في إنجاح عملية الدعم النفسي وعودة هؤلاء المرضى للحياة الاجتماعية والعملية الطبيعية.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية