رهنت “هيئة الزراعة” في “الإدارة الذاتية” بقرار أعلنت عنه قبل يومين، تسلم محصول القمح في المنطقة بشراء المزارعين البذار من “مؤسسة إكثار البذار” التابعة لها، ما اعتبره مزارعون في المنطقة تجاهلًا لمصالهم.
وإلى جانب مشكلات أخرى تتعلق بالمحروقات، وارتفاع أسعار المواد الزراعية الأساسية، يرى مزارعون ممن تواصلت معهم عنب بلدي أن هذا القرار هو مشكلة تضاف إلى قائمة من المشكلات السابقة.
وقال المكتب الإعلامي لـ”هيئة الزراعة” في “الإدارة الذاتية”، في 7 من تشرين الثاني الحالي، إن منح بطاقة المنشأ لتسلم محصول القمح من المزارعين خلال الموسم المقبل سيكون مقترنًا بشراء البذار من “مؤسسة إكثار البذار” التابعة له.
تجاهل لمصلحة المزارعين
فيصل تمو مزارع يبلغ من العمر 45 عامًا وينحدر من قرية كرباوي شرقي الحسكة، قال لعنب بلدي، إن مزارعي شرقي سوريا تعرضوا للعديد من الخسائر خلال السنوات الماضية، بسبب الأوضاع في عموم سوريا أو سنوات القحط التي مررت بها المنطقة، أو حتى القرارات “الجائرة” بحقهم.
وأضاف أن الكثير من المزارعين عزفوا عن هذه المهنة بسبب أن الخسائر فاقت الأرباح، وزادت من حدتها القرارات التي تفرضها “الإدارة الذاتية”، وقرار ربط شراء المنتجات بشراء البذار من مؤسساتها خير مثال، إذ يلخص تجاهل مصلحة المزارعين.
ويعتقد فيصل أن القرارات من هذا النوع دمرت مهنة الزراعة لأنها تقيد المزارعين وتربطهم بقوانين بعيدة عن الواقع، في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة من نقص كبير بمخصصات المحروقات للمزارعين.
خضر العبد مزارع من ناحية تل تمر بريف محافظة الحسكة الشمالي، أبدى خلال حديثه لعنب بلدي استياءه من تجربته مع شراء بذار القمح من مركز الزراعة خلال العام الماضي.
وأضاف أنه يميل لشراء البذار من السوق المحلية بعيدًا عن “مؤسسة إكثار البذار” لدى “الإدارة”.
عبد الرحمن عمر مزارع في عامودا شمالي الحسكة، قال لعنب بلدي إن التحديات في المنطقة لا تقتصر فقط على أسعار المازوت بل تشمل أيضًا أسعار الأسمدة التي تحددها “الإدارة الذاتية” بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى أسعار البذار وتكاليف اليد العاملة وآلات الزراعة مثل الجرار والحصادة، وجميع هذه العوامل تؤثر سلبًا على قطاع الزراعة في المنطقة.
وأشار إلى أن سعر البذار في السوق يبلغ 300 دولار أمريكي للطن الواحد، في حين تبيعه مؤسسات التطوير الزراعي في “الإدارة الذاتية” بسعر 400 دولار أمريكي، واعتبر أن هذا القرار وضع المزارعين في موقف صعب ولا يتوافق مع مردود زراعة القمح لهذا العام.
وفي منتصف تموز 2023، رفعت “الإدارة الذاتية” أسعار المحروقات ما تسبب بموجة من الاحتجاجات استمرت في المنطقة لأيام.
“الإدارة الذاتية”: قرار تشجيعي
مسؤول في “هيئة الزراعة” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” قال لعنب بلدي، إن القرار صدر بهدف تشجيع المزارعين على الإنتاج.
وأضاف المصدر الذي تحفظ على ذكر اسمه كونه لا يملك صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، أن هناك بذارًا “محسنه” ذات نوعية جيدة موجودة ضمن مؤسسات إكثار البذار.
ونوّه المسؤول إلى أن هذا القرار أعلن رسميًا، لكنه لا يزال يواجه اعتراضًا داخل مديرية الزراعة.
وحتى قبل القرار الذي ربط تسلم محصول القمح بشراء البذار من مؤسسات “الإدارة”، لم يقبل المزارعون على شراء ما يحتاجون إليه من البذار من مؤسساتها، بسبب قلة جودتها وضعف توفر الأسمدة الضرورية لزيادة الإنتاجية الزراعية، والتي تلعب دورًا حيويًا في تحسين محاصيل القمح والشعير، بحسب ما قاله مزارعون لعنب بلدي.
اقرأ أيضًا: إقبال محدود على البذار التي تطرحها “الإدارة الذاتية” للمزارعين
وسبق أن عدلت “الإدارة الذاتية” سعر البذار إلى 400 دولار أمريكي، منتصف تشرين الأول الماضي، بعد أن كان يباع بسعر 430 دولارًا للطن الواحد، مع إعادة فرق السعر للمزارعين الذيت سبق وسددوا أسعار البذار لهذا العام، بحسب المسؤول.
وعن نوعية البذار قال المسؤول في حديث سابق لعنب بلدي، إن “الإدارة” توزع بذورًا معالجة محليًا وذات نوعية جيدة وهي “دوما 4″ و”دوما 6″ و”روج 1″ و”روج 2″ و”روج 7” بنوعيها القاسي والطري، كما تعطي الشركة الطن الواحد من البذار للمزارعين المتعاقدين معها بمبلغ 400 دولار للدفع الفوري، و530 دولارًا للتسديد المؤجل.
وسبق أن اشترت “الإدارة الذاتية” من المزارعين مليونًا و150 ألف طن من إنتاج القمح لموسم حصاد العام الحالي، وفي 31 من تموز الماضي، أعلنت “الإدارة الذاتية” عن إيقاف عمليات الشراء من المزارعين.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في الحسكة ريتا الأحمد.
–