بدأت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بإنشاء نقاط عسكرية على ضفة نهر “الفرات” الشرقية المقابلة لمناطق سيطرة النظام السوري شرقي محافظة دير الزور، تزامنًا مع ازدياد هجمات قالت “قسد” إنها مدعومة من النظام وقادمة من مناطق سيطرته.
وأفاد مراسل عنب بلدي في دير الزور أن التحصينات على ضفة النهر بدأتها “قسد” منذ مطلع تشرين الثاني الحالي، إذ أنشأت العديد من النقاط العسكرية في المنطقة.
موقع “نهر ميديا” المتخصص بنقل أخبار دير الزور بشكل رئيس قال، في 1 من تشرين الثاني الحالي، إن “قسد” أطلقت مشروعًا يهدف لنشر نقاط عسكرية بين بلدة الجزرات غربي دير الزور وصولًا إلى الباغوز في أقصى شرقي المحافظة.
وأضاف أن تجهيزات شهدتها المنطقة لإنشاء ثلاث “مجابل” (أماكن مخصصة لصناعة خرسانة أسمنتيه) للبدء بتصنيع غرف مسبقة الصنع تمهيدًا لنشر النقاط العسكرية.
وخصصت “قسد” أماكن لإقامة “المجابل” فيها، الأول محاذي لقاعدة “حقل العمر” الأمريكية، والثاني محاذي لقاعدة “حقل كونيكو” الأمريكية شرقي دير الزور، وآخر بالقرب من منطقة المعامل شمالي المدينة.
استجابة لـ”تحديات أمنية”
عسكري في صفوف “الأمن الداخلي” (أسايش) التابع لـ”الإدارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قسد”) يعمل في ريف دير الزور، قال لعنب بلدي، إن القيادة العامة تعمل جاهدة على تعزيز النقاط العسكرية في جميع أنحاء ريف دير الزور، استجابة لـ”التحديات الأمنية” خصوصًا مع الهجمات المتكررة التي تشنها قوات النظام على المنطقة بين الحين والآخر.
التقت عنب بلدي أحد العاملين المدنيين في “المجابل” المنشأة حديثًا، عبر مراسها في دير الزور، إذ قال إن معظم العمال في “المجابل” ينحدرون من محافظة الحسكة، جاؤوا عبر عقود مسبقة وقعوها مع “قسد”.
وأضاف العامل الذي تحفظ على اسمه خوفًا من المساءلة، أن “المجبل” الذي يعمل فيه ينتج حوالي خمس غرف أسمنتية مسبقة الصنع يوميًا.
وأشار إلى أن العمال من سائقي الشاحنات والحراس، ويتلقون رواتب شهرية وفقًا للعقود التي وقعوها، وتبلغ قيمتها حوالي مليون و200 ألف ليرة سورية، وتختلف بشكل بسيط بحسب المهنة.
وتجدد القصف المتبادل بين قوات النظام السوري وميليشيات موالية لإيران تتمركز غرب نهر الفرات من جهة، و”قسد” التي تسيطر على شرق النهر بمحافظة دير الزور شرقي سوريا.
وأفاد مراسل عنب بلدي في دير الزور أن “قسد” قصفت اليوم، الاثنين، مدينة الميادين شرقي دير الزور، مخلفة إصابات في صفوف المدنيين.
سبق القصف استهداف بعدة قذائف بالقرب من مفرق الرغيب ببلدة ذيبان التي تسيطر عليها “قسد” شرق الفرات، إضافة إلى آخر طال حي اللطوة مصدره قوات “الدفاع الوطني” الرديفة لقوات النظام المتمركزة غرب النهر.
العسكري في “أسايش” الذي تحفظ على ذكر اسمه كونه لا يملك صلاحية بالحديث لوسائل الإعلام، أضاف أن “قسد” تعمل على تعزيز الحواجز الأمنية في الطرق القريبة من مجرى نهر “الفرات” بهدف الحد من عمليات التهريب بين الضفتين.
وأشار إلى أن القوات العسكرية صادرت خطوط تهريب على امتداد النهر، كما صادرت عبّارات وقوارب كانت تُستخدم للتنقل بين الضفتين خلال عمليات التهريب.
“مجلس هجين العسكري” التابع لـ”قسد” قال عبر معرّفه الرسمي في “تلجرام”، إن “قسد” عززت مواقعها ونقاط انتشارها “بشكل كبير” لزيادة الحماية والاستقرار للأهالي والمدنيين من استهدافات تشنها مجموعات تنشط في المنطقة وتتبع للنظام السوري والميليشيات الإيرانية وتنظيم “الدولة الإسلامية”.
توتر يتصاعد
منذ الأيام الأولى للمواجهات التي بدأت في 28 من آب الماضي، خرجت بلدات شرقي دير الزور عن سيطرة “قسد” تحت ضربات مسلحي العشائر العربية من أبناء المنطقة، ومع استمرار المعارك وحالات الكر والفر التي شهدتها دير الزور، استعادت “قسد” السيطرة على المنطقة، لكنها لا تزال تتلقى الضربات فيها.
“قسد” اتهمت العشائر المنتفضة ضدها بالتبعية للنظام السوري، وتلقي التمويل منه ومن الميليشيات الإيرانية المتمركزة غرب النهر، منذ الأيام الأولى للمواجهات، واعتمدت هذه الرواية في بياناتها الإعلامية حول المواجهات.
ولم يخفِ النظام موقفه من هذه الأحداث، إذ أبدى وزير الخارجية بحكومة النظام السوري، فيصل المقداد، دعم حكومة النظام السوري للعشائر العربية في ريف دير الزور بمعركتها ضد “قسد”.
وفي حديث لوكالة “سبوتنيك” الروسية قال المقداد، “إن ما يجري في الشرق السوري لا يحتاج إلى بيانات رسمية، لكون المواطنين السوريين يخوضون نضالًا وطنيًا باسم جميع السوريين، في معركتهم ضد الاحتلال والمسلحين الموالين له”.
وفي 29 من تشرين الأول الماضي، وصلت المواجهات إلى ذروتها، إذ تعرضت مواقع لـ“قسد” لهجوم قالت إن مجموعات من النظام السوري والأجهزة الأمنية التابعة له شنته مستخدمة المدفعية الثقيلة والهاون وأسلحة “الدوشكا” على قرى وبلدات أبو حردوب وذيبان وأبو حمام، مخلفة قتلى بينهم مدنيون.
وردت “قسد” على الهجوم نفسه بقصف صاروخي طال مدينة الميادين التي تسيطر عليها ميليشيات موالية لإيران، وتعتبر مركزًا رئيسًا لها منذ سنوات، مخلّفة قتلى وجرحى.
“قسد” قالت إن الهجوم أسفر عن مقتل 19 عنصرًا من القوات المهاجمة، منهم ستة في بلدة ذيبان، و13 آخرون في بلدة أبو حردوب شرقي دير الزور، بينما قتل أربعة مدنيين في مناطق سيطرتها شرق النهر، إلى جانب ثلاثة من مقاتليها في المنطقة.
وقالت وكالة “سبوتنيك” الروسية حينها، إن مدنيًا قتل وأصيب نحو 40 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء، جراء قصف صاروخي “انتقامي” نفذته “قسد” على مدينة الميادين، ردًا على نجاح أبناء العشائر العربية بـ”تحرير” إحدى البلدات المتاخمة لقاعدة أمريكية في ريف دير الزور الشرقي.
عدو هنا حليف هناك
على الرغم من حالة التوتر الأمني التي تعيشها ضفتا نهر “الفرات” بمحافظة دير الزور بين “قسد” وقوات النظام السوري، تجلت بقصف وهجمات ومواجهات مسلحة، يتمركز الطرفان في نقاط عسكرية مشتركة بمحافظات أخرى كالحسكة ومناطق من أرياف حلب.
وتعتبر مدينة تل رفعت شمالي خير مثال على تداخل القوات العسكرية، إذ تتشارك قوات النظام و”قسد” الحواجز العسكرية، والنقاط المنتشرة على خطوط التماس مع “الجيش الوطني السوري” المدعوم من قبل تركيا.
وتنتشر قوات النظام أيضًا على الحدود السورية- التركية بمحافظة الحسكة، وأخرى في مدينة عين العرب/كوباني شرقي محافظة حلب.
وسبق أن قُتل عدد من قوات النظام إثر ثلاث غارات جوية تركية استهدفتهم في تلة جارقلي بعين عرب، في إطار الاستهدافات التركية المتكررة لـ”قسد”.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في دير الزور عبادة الشيخ.
–