برنامج “مارِس” التدريبي – أسماء العسلي
تفاجأت خديجة بنتائج مفاضلة الطلاب الجامعية هذا العام، إذ لم تتح لها المعدلات المطلوبة المرتفعة الالتحاق بفرع البيولوجيا (علم الأحياء)، ما دعاها للتفكير بالتسجيل في الجامعات الخاصة.
أصدرت وزارة التعليم العالي في سوريا، في 25 من تشرين الأول الماضي، المفاضلة الثانية الخاصة بقبول طلاب التعليم الثانوي في الجامعات، والتي من خلالها يتم تحديد التخصصات الجامعية للطلاب، ورافق صدورها حالة من الاستغراب بين عديد من الطلاب الذين عبّروا عن صدمتهم كونها “مرتفعة” بالمقارنة مع مفاضلات السنوات الماضية.
خديجة (امتنعت عن ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية) طالبة في الثالث الثانوي كانت قد تقدمت هذا العام لامتحانات “البكالوريا”، وبعد صدور النتائج وطرح المفاضلة الأولى، فاضلت على كلية البيولوجيا، لتتفاجأ بعد صدور النتائج النهائية لمعدلات القبول الجامعية بالمعدل المطلوب للالتحاق بهذا التخصص.
ونصت نتائج المفاضلة على ضرورة الحصول على العلامة الكاملة في معدل التخصص والقبول في هذا الفرع بينما كان يُقبل من ينقصه علامتين أو ثلاثًا عن العلامة الكاملة في السنوات الماضية، ما تراه خديجة “غريبًا” لصعوبة مادة علم الأحياء على معظم الطلاب، لينتهي الأمر بها بالتفكير بالجامعات الخاصة.
يأتي هذا الارتفاع في معدل مفاضلة القبول الجامعي وسط ارتفاع في نسب النجاح لدورة 2023 مقارنة بالسنوات الماضية، فقد أعلن وزير التربية السابق، دارم طباع، في تموز الماضي عبر بيان له، عن نسب النجاح في الفرع العلمي التي بلغت 66.33% في الدورة الأولى في حين كانت قد بلغت نسبة النجاح في دورة عام 2022، 55.29%.
وفي الفرع الأدبي بلغت نسبة النجاح حسب طباع 68.68%، في حين كانت في العام الماضي 54%، أما الثانوية الشرعية فبلغت نسبة النجاح 77.40%، في حين بلغت نسبة النجاح في دورة عام 2022، 65.52%.
حرمان من التعليم العام
أتاحت وزارة التعليم في حكومة النظام السوري هذا العام للطلاب تسجيل المفاضلات عبر الإنترنت دون ضرورة الذهاب إلى الجامعات، على عكس السنوات الماضية التي كانت تتطلب من الطلاب الذهاب إلى أحد فروع الجامعة والتقدم بالطلب، كما صدرت مفاضلة التسجيل العام والموازي معًا في نفس الوقت.
وكانت تصدر المفاضلة العامة تليها مفاضلة الموازي، التي ترتب على الطلاب دفع مبالغ سنوية تقرها وزارة التعليم للجامعات الحكومية.
دانيا طالبة في الصف الثالث الثانوي قالت لعنب بلدي بشرط عدم ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية، إنها فاضلت هذا العام على المفاضلة العامة بعد نجاحها بالدورة الأولى من الامتحانات، ولتحسين علاماتها تقدمت أيضًا للدورة التكميلية، لكنها لم تحصل على أي مقعد جامعي بعد صدور نتائج المفاضلة النهائية.
وخسرت دانيا حقها بالتقدم لأي مفاضلة عامة في السنوات المقبلة والحصول على مقعد جامعي في الجامعات الحكومية بعد تقدمها للمفاضلة وهي قد نجحت قبلها لدورتين متتاليتين.
بحسب القانون الذي تحدث عنه طباع سابقًا في تموز الماضي، فإنه لا يسمح لأي طالب ثانوي ناجح أن يعيد التقدم للامتحانات أكثر من دورتين متتاليتين ما يفقده حق الحصول على مقعد جامعي وكذلك حق التقدم للمفاضلة العامة للعام الحالي والأعوام المقبلة.
تسرب أسئلة
رؤى (امتنعت عن ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية) طالبة طب بشري في جامعة “دمشق”، تُدرّس مادة العلوم لطلاب “البكالوريا”، عبّرت لعنب بلدي عن استيائها بسبب تسرب أسئلة مادة علم الأحياء فجر يوم الامتحانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما تسبب في “سخط شديد” لدى الطلاب والمعلمين، وأتاح لعدد كبير من الطلاب الحصول على درجات عالية في المادة، لمعرفتهم الأجوبة قبل الدخول للامتحان، على حد قولها.
حنان (امتنعت عن ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية) مدرّسة لمادة الفيزياء والرياضيات قالت لعنب بلدي ساخرة من الوضع الذي وصلت إليه امتحانات الثانوية في سوريا، “أسئلة الرياضيات والفيزياء أصبحت شوربة”، موضحة أنه في كل عام تقريبًا يحدث تسريب للأسئلة، وتقدم عروض مالية للمعلمين عند الساعة الرابعة والخامسة فجرًا مقابل حل صحيح للأسئلة المسربة، على حد قولها.
اعتاد سكان سوريا قطع الإنترنت في الوقت المخصص للامتحانات، لكن في هذا العام لم يقطع الإنترنت ما زاد من وتيرة انتشار أسئلة الامتحان وجعلها في متناول جميع الطلاب، كما أفادت حنان بتوفر الهواتف المحمولة لدى بعض الطلاب داخل القاعات للاستعانة بالمعلمين عبر “واتساب”.
صرح وزير التربية السوري السابق، دارم طباع، في 7 من تموز الماضي عبر لقاء له، بتداول أسئلة امتحان مادة العلوم فقط صباح الامتحان، وقال إن الأسئلة تسربت من قبل شخص في القنيطرة لابنته ثم تسربت لشخصين بهدف “الإساءة للامتحانات”، لتصل في الساعة الثامنة والنصف صباحًا لجميع الطلاب.
كما لوحظ من خلال البيانات التي نشرتها وزارة التربية لنتائج الثانوية هذا العام أن أغلبية الطلاب الحاصلين على العلامة التامة هم من طلاب قدموا امتحاناتهم في مناطق الساحل السوري، منهم 13 طالبًا وطالبة، منهم ثمانية كانوا في نفس المدرسة من محافظة اللاذقية وثمانية آخرون من محافظة طرطوس، ما دافع عنه آخرون بأنهم كانوا في مدرسة خاصة بالمتفوقين.
احتلت سوريا المركز الأول ضمن قائمة البلدان الأكثر فسادًا، وفق تصنيف منظمة “غلوبال ريسك” لعام 2022، المتخصصة في خدمات إدارة المخاطر، حيث جاءت في المركز 196 أخيرًا من بين الدول المصنّفة بعد اليمن والكونغو وكوريا الشمالية.
وأعطى طباع في تصريحات سابقة صورة عن الوضع التعليمي في سوريا عبر عدة إحصائيات، منها أنه من إجمالي 22 ألف مدرسة عاملة قبل عام 2010، يوجد حاليًا 14 ألف مدرسة عاملة، تضرر عدد منها أيضًا بسبب كارثة الزلزال في شباط الماضي، وأن ميزانية التعليم قبل عام 2010 بلغت 14%، بينما وصلت حاليًا إلى 4% أو 4.5% من الموازنة العامة.
–