حرب إسرائيل على غزة تؤثر على الاقتصاد العالمي
تؤثر العملية العسكرية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة على الاقتصاد الإسرائيلي، وسط تقارير تشير إلى خسارة ملايين الدولارات يوميًا.
وتعرضت قطاعات الخدمات والسياحة والتكنولوجيا الإسرائيلية لأضرار كبيرة منذ بدء العملية العسكرية في 8 من تشرين الأول الماضي، مع استدعاء قوات الاحتلال عددًا كبيرًا من جنود الاحتياط، ونزوح آلاف المستوطنين مع إخلاء مستوطنات جنوبي وشمالي فلسطين المحتلة.
هذا التأثير المتوقع تمتد آثاره إلى الاقتصاد العالمي، مع ارتفاع أسعار النفط والركود الاقتصادي، خاصة أن العملية العسكرية تتزامن مع أخرى تشنها روسيا ضد أوكرانيا.
تأثيرات محلية
بالإضافة إلى التقارير الصادرة من الصحف الإسرائيلية منذ اندلاع الأعمال العسكرية ضد غزة، نشرت صحيفة “فاينانشال تايمز” الأمريكية اليوم، الاثنين 6 من تشرين الثاني، تقريرًا قالت فيه إن “الشركات الإسرائيلية تنهار بينما تضرب الحرب الاقتصاد”.
وأوضحت أن انخفاض الطلب أدى إلى إغلاق الشركات أبوابها، مشيرة إلى أن العملاء الدائمين لفنادق “أطلس” تلقوا بريدًا إلكترونيًا بالتبرع لإنقاذ الشركة، واصفة البريد بـ”النداء اليائس”.
واضطرت شركة “أطلس” لاستقبال ألف إسرائيلي في 16 فندقًا أجلتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي من جنوبي الأراضي المحتلة، ولم تسدد الحكومة الإسرائيلية الدفعات المالية المترتبة عليها.
بحسب الصحيفة، أدت الحرب إلى تعطيل عمل آلاف الشركات وإرهاق الميزانية المالية العامة، وغرقت قطاعات بأكملها في أزمة، رغم وعود رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ”اقتصاد تحت السلاح” وتحويل مبالغ مالية ضخمة للشركات لمساعدتها بتجاوز أزمتها.
ونقلت “فاينانشال تايمز” عن رئيس رابطة المصنعين الإسرائيليين، رون تومر، قوله إن الحكومة الإسرائيلية تخلت عن شعبها، وأغلقت البلديات مواقع البناء حتى لا يعمل الفلسطينيون.
ووفق دراسة نشرها مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، ونقلتها الصحيفة، أغلقت واحدة من كل ثلاث شركات إسرائيلية، أبوابها، وأبلغت أكثر من نصف الشركات عن خسائر تجاوزت 50% من إيراداتها.
كما يعاني 746 ألف إسرائيلي، ما يمثل 18% من القوى العاملة، من البطالة بعد استدعائهم للخدمة الاحتياطية، أو مغادرتهم للمستوطنات.
وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، في 5 من تشرين الثاني الحالي، نقلت عن وزارة المالية قولها إن تكلفة الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ستصل إلى 51 مليار دولار أمريكي، ما يشكل 10% من الناتج المحلي.
ووفق الصحيفة، فإن هذا المبلغ يرتبط بافتراض أن الحرب الحالية ستستمر لفترة بين ثمانية أشهر وحتى عام واحد، ودون فتح جبهات عسكرية أخرى من سوريا أو جنوبي لبنان.
وسيكون التعافي الاقتصادي بطيئًا وفق “يديعوت أحرونوت”، خاصة مع الصدمة الحالية في العرض التي أدت بدورها إلى أزمة في الطلب.
من جهتها، قالت صحيفة “جيروزاليم بوست“، الأحد، إن أحد التحديات التي تواجهها إسرائيل في الوقت الحالي هي الركود الاقتصادي، مشيرة إلى إرسال 300 شخصية من “كبار الاقتصاديين الإسرائيليين” لرئيس الوزراء الحالي، بينامين نتنياهو، ووزير ماليته، يتسلئيل سموتريتش، بطلب التعليق الفوري لجميع النفقات غير الضرورية في ميزانية الدولة.
وجاءت هذه الرسالة بسبب المخاوف من أزمة اقتصادية وشيكة، موضحة أن الحرب الحالية تتطلب تحويل الميزانيات المالية لمعالجة الأضرار الحالية.
وأضافت أن البنك المركزي الإسرائيلي خفض توقعات النمو من 3% إلى 2.3 لعام 2023، و2.8% لعام 2024.
وفي تقرير سابق لصحيفة “معاريف“، فإن تراجع قيمة الشيكل الإسرائيلي، ووضع الاقتصاد الإسرائيلي تحت المراقبة السلبية من وكالات التصنيف، عوامل تشير إلى بداية أزمة اقتصادية.
وأضافت أن ارتفاع سعر صرف الدولار سيغذي التصخم، وسيرفع أسعار المنتجات المستوردة، بما في ذلك السيارات والمنتجات الكهربائية والإلكترونية، والطاقة والسلع الأساسية، كما تأثرت 70% من شركات التكنولوجيا، وأبلغت العديد من الشركات عن أضرار في الاستمرارية الوظيفية.
كما تأثرت الشركات مع انخفاض التمويل، وأعلنت 40% من الشركات تأخير أو إلغاء اتفاقيات استثمار، فيما يرتفع المعدل بالنسبة للشركات المعرضة للإغلاق، مع وصول عدد الشركات التي عانت من أضرار التمويل إلى 60%.
صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” قالت في تقرير، الأحد، إن “منتدى قادة الأعمال”، الذي يضم 200 شركة يحث حكومة الاحتلال على مساعدة الاقتصاد خلال الحرب، ووضع خطة واضحة، واتخاذ خطوات فورية لضمان مرونة اقتصادية في ظل انهيار مئات الشركات وتضرر آلاف الأسر.
مخاوف من ركود اقتصادي عالمي
يبدو أن التأثيرات الاقتصادية للحرب لا تتوقف على اقتصاد إسرائيل وحده، بل هناك مخاوف من أن تؤدي إلى ركود في الاقتصاد العالمي.
ووفق تقرير نشرته صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، الأحد، هناك مخاوف من أن تؤدي الحرب في الشرق الأوسط إلى تفاقم التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، الذي يعاني بدوره من عدم الاستقرار.
وأوضحت أن الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، والحرب الروسية على أوكرانيا، دفعت العالم إلى مستقبل جديد، وسط مخاطر جيوسياسية، تؤدي إلى خوف متزايد وآمال أقل، وبالتالي تقليل الاستهلاك، ما يعني حالات ركود في الأمد البعيد.
وتشمل التأثيرات قطاعات الغذاء والطاقة والهجرة، في وقت وصفته الصحيفة بالأخطر منذ عقود على العالم، وقد يؤدي الصراع إلى تأثيرات بعيدة المدى على أسعار الطاقة والتجارة الدولية.
ويلعب النفط واعتماد دول العالم عليه دورًا كبيرًا في هذه المخاوف، إذ إن الصراع يرفع أسعار الطاقة، ما يؤدي إلى الركود.
وكان صندوق النقد الدولي قال في تقريره عن شهر تشرين الأول الماضي، إن الاقتصاد العالمي يمضي بخطى واهنة، وسيتباطأ بنسبة 2.9% في عام 2024.
صحيفة “إنديا توداي” الهندية أوردت في تقرير، الأحد، أن الحرب في أوكرانيا وغزة تزيد من حالة عدم اليقين والقلق في جميع أنحاء العالم، وستزداد المخاوف في حال دخلت إيران في الحرب.
وسيعني هذا الدخول ارتفاعًا في أسعار النفط، وسيؤثر على جميع البلاد بما في ذلك الهند وأوروبا والولايات المتحدة أيضًا.
وارتفعت أسعار النفط اليوم، وفق ما ذكرته قناة “CNBC” الاقتصادية بنسختها العربية، ووصل سعر البرميل إلى 85.92 دولار للعقود الآجلة، وسط تأكيدات سعودية باستمرار الخفض الطوعي للإنتاج بمقدار مليون برميل يوميًا خلال كانون الأول المقبل.
فيما نشرت القناة بنسختها الإنجليزية تقريرًا، في 3 من تشرين الثاني الحالي، قالت فيه إن استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة سيؤثر على النمو الاقتصادي والتضخم في منطقة “اليورو”، من خلال انخفاض التجارة الإقليمية وتشديد الظروف المالية وارتفاع أسعار الطاقة وانخفاض ثقة المستهلك.
كما تؤدي الحرب إلى انخفاض التجارة مع الشرق الأوسط، ما يعني ارتفاعًا في أسعار الفائدة واستمرار تقلبات أسواق السلع الأساسية.
وفي 18 من تشرين الأول الماضي، قال مركز “فوكس إكونومي” الاقتصادي، في تقرير، إن انضمام دول أخرى للحرب ضد إسرائيل، سيؤثر على على بلاد أخرى اقتصاديًا.
وأضافت أن دول الخليج العربي قد تلجأ لتقييد إنتاج النفط بشكل أكبر، أو أن تقرر إسرائيل فتح جبهة ضد إيران، ما يعني ارتفاع أسعار النفط إلى 125 دولارًا للبرميل الواحد.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :