“ألقي القبض علي وسجنت خمسة أشهر بسبب شخص لا أعرفه ولا أعلم كيف استطاع الوصول لمعلوماتي الشخصية لاستخدامها بأعمال مخالفة للقانون التركي”، بهذه العبارة شرح حسان، لعنب بلدي، معاناته منذ قرابة العام، بسبب قضية عوقب عليها دون أي ذنب أو خطأ.
لم يكن حسان الوحيد الذي تعرض لاستخدام بياناته الشخصية في أعمال احتيال مخالفة، بل واجه العديد من اللاجئين السوريين في تركيا مشكلات قضائية تورط أصحابها إثر قضايا لم يرتكبوها.
مراقبة قضائية
يحاول بعض اللاجئين السوريين في تركيا الالتزام بالقوانين التركية وعدم خرقها قدر المستطاع، لتجنب الوقوع في مشكلات قد تؤدي إلى ترحيلهم أو فرض غرامات مالية عليهم أو إيقاف قيودهم وسحب بطاقة “الحماية المؤقتة” (الكيملك) ووضعهم تحت المراقبة القضائية لمدة قد تصل للعامين.
حسان، لاجئ سوري يقيم في اسطنبول منذ عام 2016، قال لعنب بلدي، إنه استدعي من قبل الشرطة التركية عبر مكالمة هاتفية للإدلاء بإفادته، ليكتشف بشراء رقم هاتف ببياناته الشخصية، واستخدامه لعمليات نصب واحتيال.
تعرض الشاب، في 23 من كانون الثاني الماضي، بعد إدلاء إفادته، لتوقيف من عناصر الشرطة التركية وأخذه إلى مركز الشرطة لتقديم إفادته، إثر فتح دعوى من المحكمة ضده بسبب رقم الهاتف، ما أدى إلى نقله لمديرية الهجرة التركية التي بدورها وضعته في مركز ترحيل بمدينة أضنة، وفقًا لحديثه لعنب بلدي.
أفاد الشاب عنب بلدي، أن “الكملك” سحب منه منذ لحظة إلقاء القبض عليه وبقي مسجونًا خمسة أشهر، عندما جاء قرار المحكمة ببراءته من تهمة النصب والاحتيال خلال فترة سجنه، لتخلي إدارة مركز الترحيل سبيله مع فرض تواقيع شهرية على الشاب لمدة عامين في مديرية الهجرة في اسطنبول.
واستطاع حسان قبل أيام الطعن بقرار ترحيله من تركيا عبر توكيل محامي وتقديم أوراق القرار الصادر لمديرية الهجرة باسطنبول، لتسحب المراقبة القضائية التي تقضي بإلزامه بتوقيعات إثر قرار الترحيل.
وينتظر الشاب موعده في مديرية الهجرة لمعرفة الخطوات المقبلة حول استرجاع الكملك أو الاستبعاد.
عند تطبيق إجراء المراقبة القضائية يستمر المشتبه به بالعيش في الحياة الاجتماعية، مع وضعه تحت المراقبة وتطبيق تدابير الرقابة القضائية المختلفة إذ يجوز فرض اتخاذ أو أكثر على الشخص، وتعتبر إحدى ممارسات العقوبة البديلة.
ولإصدار قرار المراقبة القضائية يشترط أن تكون محاكمة المشتبه به مستمرة، ويستطيع البدء بالممارسة عندما لا يوجد قرار نهائي بشأن الشخص أو انتهت فترة احتجازهم وأطلق سراحهم.
هنادي (تحفظت على ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية)، أوضحت لعنب بلدي، أن بطاقة “الحماية المؤقتة” الخاصة بها سُرقت قبل نحو عام، لتستدعى بعد ثلاثة أشهر للمخفر لتقديم إفادة عن فتح رقم هاتف ببياناتها الشخصية واستخدامه لأعمال “احتيال ونصب” عبر الاتصال بأشخاص ومحاولة الاحتيال عليهم.
هنادي (43 عامًا) قالت لعنب بلدي، إنها بعد التحقيق معها من قبل القاضي في محكمة في منقطة بيوك شكمجة نقلت لدائرة الهجرة التركية ليصدر بحقها قرار الترحيل وتسجن لمدة 18 يومًا بمركز الترحيل بمدينة “تشاناكالي”، الذي طعنته محامية هنادي مع تقديم طلب بإخلاء سبيلها.
عائلة هنادي عملت على الجانب الإعلامي لتسليط الضوء على قصتها، وإيصاله لجهات ومنظمات قادرة على تحريك قضيتها وخاصة بعد سوء وضعها الصحي بسبب تردي الخدمات وعدم توفر المياه بمراكز الترحيل، بحسب هنادي.
فرضت إدارة الهجرة التركية على اللاجئة السورية، توقيعًا شهريًا حتى البت بالدعوة الإدارية الخاصة بطعن قرار الترحيل، وفقًا لحديثها.
هل تعاد “الكيملك”
بطاقة “الحماية المؤقتة” لدى اللاجئ السوري في تركيا تعتبر إثباتًا شخصيًا يؤكد إقامته بطريقة قانونية وشرعية وفقدانها يسبب حالة من القلق، بالإضافة لأزمات متعلقة بقيود تلك الوثيقة وتأثيرها على سير حياتهم.
المحامي وسيم قصاب، قال لعنب بلدي، إنه بحسب قانون الأجانب التركي يحق للحكومة التركية تحويل كل لاجئ أجنبي يشتبه به دون دليل قطعي حول التهمة الموجهة إلى مديرية الهجرة التركية.
وبدورها، تتخذ إدارة الهجرة الإجراء القانوني تجاه الأجنبي، ويكون إما ترحيله خارج الحدود التركية أو وضعه تحت المراقبة الإدارية (adli kontrol) عبر التوقيع على أوراق في مراكز الهجرة التركية، وتتراوح مدة المراقبة بين العام والعامين، بحسب قصاب.
ويملك الأجنبي في تركيا ووضع تحت المراقبة الإدارية حق الطعن بالقرار الصادر بحقه أمام المحاكم الإدارية.
أوضح المحامي وسيم قصاب، أن تغيب اللاجئ عن التوقيع بالمدة المحددة من دون سبب يؤدي لاتخاذ مديرية الهجرة التركية إلى إصدار قرار بإيقاف نهائي لـ”الحماية المؤقتة” الممنوحة للاجئ.
ويجب على الشخص الذي يعاقب بمراقبة قضائية، وتغيب لمرتين عن التوقيع بدائرة الهجرة التركية أن يوكل محامي للتقديم على الطعن المناسب على قرار إنهاء الحماية، وفقًا لوسيم قصاب.
وبلغ عدد السوريين في تركيا المسجلين ضمن “الحماية المؤقتة” ثلاثة ملايين و250 ألفًا و510 لاجئين سوريين، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن رئاسة الهجرة التركية، في 9 من تشرين الثاني الحالي.