كيف اخترقت “كتائب القسام” جدار إسرائيل “الحديدي” حول غزة

جندي إسرائيلي يقف للحراسة خلال حفل افتتاح “الجدار الحديدي" المحيط بقطاع غزة - 2021 (AP)

camera iconجندي إسرائيلي يقف للحراسة خلال حفل افتتاح “الجدار الحديدي" المحيط بقطاع غزة - 2021 (AP)

tag icon ع ع ع

في عام 2021، أعلنت إسرائيل عن تدمير نحو 100 كيلومتر من الأنفاق تحت الأرض، وبنت حواجز تحت الأرض بعمق يصل لـ 60 مترًا، وعملت مع مصر أيضًا على إغلاق الأنفاق بين قطاع غزة ومنطقة سيناء المصرية، وهي ذات السنة حين أكدت نهاية عمليات تسلل المقاتلين من القطاع إلى المستوطنات الإسرائيلية بنهاية إنشاء “جدارها الحديدي”.

بدأت فكرة إنشاء جدار حاجز يحصر حدود قطاع غزة بعد إعلان مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي القطاع “منطقة معادية” في 2007 والتوصية بفرض حصار بري وبحري وجوي، وذلك إثر إعلان “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) سيطرتها على القطاع.

وفي ظل الحصار الإسرائيلي الشديد على القطاع زادت وتيرة السكان في حفر الأنفاق كوسيلة لدعم النشاط التجاري والعسكري.

ووصل عمق بعض الأنفاق بحسب تقارير مصورة سابقة إلى 60 مترًا، جدرانها وأرضيتها اسمنتية، وتستخدمها “كتائب القسام” (الجناح العسكري لحماس) لمهام هجومية، منها القصف الصاروخي ونقل الأسلحة والتسلل لمناطق سيطرة الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد فشل إسرائيل في تحييد الأنفاق وبالأخص بعد اجتياحها البري لغزة في تموز عام 2014، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها والحالي بنيامين نتنياهو ببناء حاجز تحت الأرض بطول 70 كيلومترًا بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، وجرى الإعلان عن هذا المشروع في عام 2016.

ما ميزاته؟

يتكون الجدار الفريد من نوعه من جدار اسمنتي غير معروف العمق تحت الأرض وسياج حديدي فوق الأرض بارتفاع ستة أمتار مزود بمئات الكاميرات وأجهزة الاستشعار لرصد أي حركة.

وخلف “السياج الذكي” توجد أبراج مراقبة متوزعة في كل 152 مترًا على طول الحدود، يتبعها سواتر رملية، ويبلغ طول السياج الفعلي 65 كيلومترًا محيطًا بقطاع غزة.

ومنعت إسرائيل أي شخص من الاقتراب من السياج، لكنها حصرت الوصول إلى القرب من السياج من طرف غزة على المزارعين سيرًا على الأقدام إلى حد 100 مترًا كحد أقصى.

وبسبب حادثة اقتحام سابقة لـ “كتائب القسام” من طرف البحر، بدأت إسرائيل في 2018 ببناء حاجز بحري أيضًا في شمال القطاع، يتكون من سواتر ترابية بطول 200 مترًا بعمق البحر، وهو جزء من مشروع “الجدار الحديدي” الأكبر.

وبعد ثلاث سنوات ونصف من بدء عملية البناء، التي استهلكت 140 ألف طن من الحديد وثلاثة ملايين متر مكعب من الخرسانة، وبتكلفة 3.5 مليار شيكل (1.1 مليار دولار)، جرى الإعلان عن إتمام مشروع الجدار نهاية عام 2021.

جندي إسرائيلي يقف للحراسة خلال حفل افتتاح “الجدار الحديدي" المحيط بقطاع غزة - 2021 (AP)

جندي إسرائيلي يقف للحراسة خلال حفل افتتاح “الجدار الحديدي” المحيط بقطاع غزة – 2021 (AP)

كيف اخترق الجدار؟

رئيس مكتب “حماس” في الخارج خالد مشعل أعلن أن عملية “طوفان الأقصى” خطط لها من قبل “كتائب القسام” فقط، قائلًا إن “قرار العملية اتخذ، وتم التخطيط والإعداد في فلسطين”، العملية التي بدأت بعد 50 سنة ويوم على حرب “6 أكتوبر” عام 1973، والتي تطلق عليها إسرائيل “حرب الغفران”.

أثار هجوم “كتائب القسام” المفاجئ ذهول المجتمع الدولي من عدم قدرة إسرائيل المتطورة في مجال الاستخبارات والتكنولوجيا من توقع أو رصد الإعداد لهذا الهجوم.

وقال مصدر لوكالة “رويترز” وصفته بأنه مقرب من “حماس”، إن الأخيرة تمكنت من خداع إسرائيل بأنها أعطت انطباعًا عبر تحركاتها المكشوفة بعدم استعدادها للقتال، مضيفًا أن تجنب التسريبات كان “جزءًا حاسمًا” من خطة “حماس”، وأن العديد من القادة لم يدركوا الخطط، فيما المقاتلون الذين شاركوا في الهجوم، والبالغ عددهم ألف مقاتل، لم يكونوا على دراية بالغرض من التدريبات في أثناء إجرائها.

وتدير “حماس” شبكة من خطوط الهواتف السلكية في شبكة الأنفاق تحت غزة حيث سمحت لعناصرها بالتواصل مع بعضهم البعض سرًا، بطريقة لا يمكن معها لمسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية تعقبهم.

نحو السادسة والنصف صباحًا بتوقيت القدس، في 7 من تشرين الأول، بدأت العملية التي قسمت إلى أربعة أجزاء، بحسب المصدر الذي أوضح أن الخطوة الأولى تمثلت في إطلاق 3000 صاروخ من غزة بالتزامن مع عمليات توغل نفذها مقاتلون باستخدام طائرات شراعية تجاوزت الحدود.

وتزامن إطلاق الصواريخ مع ضرب أبراج المراقبة المزودة بأنظمة الإرسال والتشويش باستخدام عدة أسلحة منها الطائرات المسيرة والقناصات والرشاشات والقذائف المضادة للدروع.

وعمل المقاتلون فور هبوطهم من الطائرات الشراعية على تأمين المناطق لتتمكن قوات “الكوماندوز” من اقتحام الجدار الخرساني بعبوات ناسفة في 29 نقطة من السياج، ثم عبروها مسرعين على دراجات نارية، فيما عملت الجرافات على توسيع الفجوات في الجدار ليتمكن المزيد من المقاتلين من الدخول بسيارات رباعية الدفع.

وتزامن الهجوم الجوي والبري بآخر بحري إلى شاطئ زيكيم شمال غربي القطاع.

وبحسب المصدر هاجمت وحدة “الكوماندوز” مقر الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة، وشوشت اتصالاته، ومنعت الأفراد من الاتصال بالقادة أو ببعضهم البعض، مشيرًا إلى أن الجزء الأخير من العملية تضمن نقل الرهائن إلى غزة.

صدمة إسرائيلية

الناطق باسم الجيش الإسرائيلي الرائد نير دينار قال إن ما حدث أشبه بهجمات 11 من أيلول في الولايات المتحدة، مضيفًا، “لقد تمكنوا منا، لقد فاجأونا وجاءوا بسرعة من أماكن عدة من الجو والأرض والبحر”.

وأقر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هجاري بأنه يجب أن يقدم توضيحًا للرأي العام، لكنه قال إن الوقت ليس مناسبًا لذلك الآن، مشيرًا إلى إجراء تحقيق بعد نهاية العملية العسكرية.

رفض نتنياهو تحمل مسؤولية هجوم “طوفان الأقصى”، قائلًا إنه سيتعين على الجميع الإجابة على الأسئلة الصعبة عندما تنتهي الحرب مع “حماس”، وفي أحد مؤتمراته الصحفية النادرة تجاهل سؤالًا حول إذا ما كان سيستقيل.

وفي 28 من تشرين الأول الماضي، كتب المسؤول الحكومي في منشور على “إكس” حذفه لاحقًا، أنه “لم يحدث في أي وقت وفي أي مرحلة توجيه تحذير لرئيس الوزراء حول نوايا حماس الحربية”، ورغم أن كبار المسؤولين بدءًا من قادة المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات الداخلية (الشاباك) وصولًا إلى وزير ماليته اعترفوا جميعًا بإخفاقاتهم فإن نتنياهو يرفض الاعتراف بذلك.

وتسببت نتائج هذا الاختراق بما يعده الإسرائيليون أكبر “صدمة عسكرية في آخر 50 سنة”، منذ حرب “6 أكتوبر”، حين تخطت القوات المصرية “خط بارليف”.

وتعليقًا على هذا الاختراق، قال المسؤول الرفيع السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يوئيل جوزانسكي، “إننا ننفق المليارات والمليارات على جمع المعلومات الاستخبارية عن حماس، ثم في ثانية واحدة، انهار كل شيء مثل قطع الدومينو”.

ومنذ 8 من تشرين الأول الماضي، بدأت إسرائيل عملية “السيوف الحديدية” وتصعيدها على قطاع غزة بالقصف الصاروخي وعملية برية بدأت مؤخرًا.

وارتفع عدد القتلى الفلسطينيين منذ بدء التصعيد الإسرائيلي إلى 9257 قتيلًا، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 23500 آخرين، وفق بيانات وزراة الصحة الفلسطينية في غزة، بينما أوقفت إسرائيل تحديث أعداد قتلاها عند 1400 قتيل، مع تقديم أرقام متفرقة للقتلى بشكل يومي، إلى جانب ارتفاع عدد الأسرى المسجلين لدى “حماس” إلى 242 أسيرًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة