حسام المحمود | حسن إبراهيم
كان تشرين الأول الماضي دمويًا على المدنيين شمال غربي سوريا، إثر هجمات ممنهجة شنتها قوات النظام وروسيا على الأحياء السكنية والمرافق الطبية والبنى التحتية والأسواق الشعبية، مستخدمة أسلحة محمّلة بمواد متفجرة وحارقة.
تصعيد عسكري في منطقة تحكمها اتفاقيات “خفض التصعيد” و”وقف إطلاق النار”، أدى إلى مقتل 66 مدنيًا وإصابة أكثر من 270 آخرين، مجددًا مأساة النزوح والتهجير لأكثر من 120 ألف شخص، ليكون أكثر الأشهر عنفًا خلال العام الحالي على صعيد عدد القتلى.
ورافقت التصعيد ثلاث روايات تبنتها وسائل إعلام النظام والمقربة منه، الأولى مرتبطة بهجوم “الكلية الحربية” في حمص، والثانية بتصعيد إسرائيل ضد غزة واستهدافها مطاري “دمشق” وحلب”.
وحملت الرواية الثالثة نية قوات النظام شن عملية برية على مناطق الشمال، من أجل تنفيذ اتفاق “موسكو”، مع إلقاء اللوم على تركيا بالمماطلة في تنفيذه، والتي مرّت دون تعليق من أنقرة، وقوبلت برد من فصائل المعارضة في إدلب.
تسلط عنب بلدي في هذا الملف الضوء على واقع شمال غربي سوريا بعد تصعيد النظام وروسيا، وتناقش مع باحثين ومتخصصين أسباب ارتفاع وتيرة الاستهداف، والصمت التركي حياله، وأهداف موسكو والنظام منه، وإمكانية أن يرسم التصعيد اتفاقيات جديدة.
أحدثها اتفاق “موسكو”.. ثلاث روايات للتصعيد
بعد ساعات من تعرض محيط الكلية الحربية في حمص لهجوم بطائرة مسيّرة، في 5 من تشرين الأول الماضي، صبّت قوات النظام جام غضبها على الشمال، وحمّلت وزارة الدفاع في حكومة النظام ما اعتبرتها “التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة” مسؤولية التفجير (في إشارة إلى فصائل المعارضة في الشمال السوري).
واتهم مقربون من النظام فصائل المعارضة في الشمال بالوقوف خلف الهجوم الذي أسفر عن مقتل 89 شخصًا وإصابة 277 خلال حفل تخريج ضباط، وطالبوا بـ”الانتقام والثأر”.
وفي 12 من تشرين الأول، اعتبرت وزارة الدفاع قصف مطاري “دمشق” و”حلب” من قبل إسرائيل جزءًا من “النهج المستمر في دعم الجماعات الإرهابية المتطرفة التي يحاربها الجيش السوري في شمالي البلاد، والتي تشكل ذراعًا مسلحة للكيان الإسرائيلي (في إشارة إلى قوات المعارضة السورية)”.
وتحدثت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام في أكثر من أربعة تقارير منفصلة، عن نية قوات النظام شن عملية برية على الشمال، لافتة إلى أن التصعيد رسالة موجهة إلى إدارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بضرورة تنفيذ اتفاق “موسكو” الخاص بالمنطقة.
وذكرت الصحيفة أن القوات الروسية عززت وجودها العسكري في بلدتين بريف إدلب الجنوبي بالقرب من خطوط التماس مع فصائل المعارضة، إضافة إلى تعزيزات أخرى وصلت إلى مطار “أبو الظهور” العسكري في ريف المحافظة الشرقي.
واعتبرت أن تركيا “تماطل” في تنفيذ الاتفاقيات، وأعادت الحديث عن طريق حلب- اللاذقية الدولي (M4)، ورغبة النظام باستعادته، مستندة إلى مصادر أمنية مطلعة لم تسمّها.
ضحايا ومجازر
أدت حملة التصعيد والقصف إلى مقتل 66 شخصًا بينهم 23 طفلًا و13 امرأة، وإصابة 270 شخصًا بينهم 79 طفلًا و47 امرأة، وثلاثة متطوعين في “الدفاع المدني السوري”، وفق إحصائيات نشرها “الدفاع المدني السوري”.
واستجابت فرق “الدفاع” خلال تشرين الأول لـ287 هجومًا لقوات النظام وروسيا، من بينها 160 هجومًا مدفعيًا وأكثر من 70 هجومًا صاروخيًا، واستخدمت فيها مئات القذائف المدفعية والصواريخ.
واعتبر “الدفاع المدني” أن التصعيد على المنطقة يأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدف لضرب الاستقرار فيها، ونشر الرعب بين المدنيين الآمنين ومنعهم من عيش حياتهم الطبيعية، واصفًا تشرين الأول بأنه شهر دامٍ على السوريين.
وقال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، باولو بينيرو، خلال إحاطة أمام االجمعية العامة للأمم المتحدة، في 24 من تشرين الأول الماضي، إن سوريا تشهد أكبر تصعيد للأعمال العدائية منذ أربع سنوات، لافتًا إلى “التجاهل التام لحياة المدنيين”.
كما أدانت السفارة الأمريكية في دمشق الهجمات التي شنتها روسيا والنظام على الشمال، وذكرت أن “نظام الأسد وروسيا لم يحاولا حتى تقديم تفسير معقول لهذه الفظائع”، وفق ما نشرته في 1 من تشرين الثاني الحالي.
اتفاق “موسكو”
تخضع منطقة شمال غربي سوريا لاتفاق “موسكو” أو اتفاق “وقف إطلاق النار” الموقع بين روسيا وتركيا في 5 من آذار 2020 بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، وينص على ما يلي:
- وقف إطلاق النار على طول خط المواجهة بين النظام والمعارضة.
- إقامة ممر أمني على بعد ستة كيلومترات شمالي الطريق الدولي السريع الرئيس في إدلب (M4) وستة كيلومترات جنوبه، وهو الطريق الذي يربط المدن التي يسيطر عليها النظام السوري في حلب واللاذقية.
- نشر دوريات روسية- تركية مشتركة على طول الطريق “M4” ابتداء من 15 من آذار للعام نفسه.
سبق هذا اتفاق آخر وقعته روسيا وتركيا ضمن اتفاقية “أستانة” عام 2017 لـ”خفض التصعيد”، تبعته اتفاقية “سوتشي” في أيلول 2018، ونصت على وقف إطلاق النار في محيط إدلب، لكن النظام وروسيا ينتهكان الاتفاقيات هذه باستمرار.
“M4” نقطة تفاهمات
يصل طريق “M4” بين اللاذقية وحلب وصولًا إلى اليعربية على الحدود العراقية، ويمتد بموازاة الحدود التركية، ويعد طريقًا حيويًا ويتميز بأهمية استراتيجية يصل حلب العاصمة الاقتصادية بمواني الساحل، ويرغب النظام السوري باستعادة السيطرة عليه لإعادة حركة التبادل التجاري.
ويحدد الطريق خريطة سيطرة لعدة قوات محلية وإقليمية، ويعتبر بمنزلة الشريان الرئيس الذي يربط بين مناطق استراتيجية مهمة ومناطق خاضعة لسيطرة أطراف متعددة.
ويتصدّر طريق “M4” المشهد مع أي تحرك لشخصيات في دول إقليمية أو قوات محلية فاعلة في الملف السوري، سواء عبر تصريحات أو زيارات أو تحركات على الأرض.
في كانون الثاني الماضي، عاد الطريق إلى الواجهة الإعلامية بالتزامن مع ملف التقارب التركي مع النظام السوري، واعتبر باحثون في حديث سابق لعنب بلدي أن قضية فتح الطريق مرتبطة بتفاهمات إقليمية ودولية وليست متعلقة بشكل أساسي بمسألة التقارب أو رفع مستوى التواصل بينهما، وهي مرتبطة بتفاهمات مؤتمر “سوتشي” ومسار محادثات “أستانة”.
اجتماعان لـ”الفتح المبين”.. لا تواصل مع أنقرة
غرفة عمليات “الفتح المبين” التي تدير العمليات العسكرية في إدلب أعلنت، في 7 من تشرين الأول، ما وصفته بالاجتماع العاجل لقيادتها بشأن التصعيد، وذكرت أن كل الخيارات العسكرية موضوعة على الطاولة، وستتخذ ما “يحقق الثأر للشعب والردع للعدو”.
ونشر مراسلون عسكريون وإعلام مقرب منها تسجيلات مصورة، عرضت إطلاق قذائف مدفعية وصواريخ نحو مواقع وقوات النظام خلف خطوط التماس في أرياف اللاذقية وإدلب وحماة وحلب.
وأعلنت محافظة اللاذقية عبر مكتبها الإعلامي عن وصول أربع إصابات إلى مستشفى “تشرين” الجامعي جراء قذائف صاروخية مصدرها مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا.
رئيس حكومة “الإنقاذ” المظلة السياسة لـ”تحرير الشام”، علي عبد الرحمن كده، نفى، في 9 من تشرين الأول، وجود أي اتصالات هاتفية أو تواصلات دولية على مستوى “الإنقاذ” من أجل التهدئة مع النظام، لافتًا إلى أن الفصائل في أحسن واقع وفي حالة تأهب لرد أي اعتداء عسكري، مع جاهزية لجميع السيناريوهات.
وذكر خلال مؤتمر صحفي، في إجابته عن سؤال طرحته عب بلدي بشأن التواصل مع الجانب التركي كونه ضامنًا لـ”خفض التصعيد”، بأن الاتفاق مخترق وبعيد عن حكومة “الإنقاذ”، وفي حال تعرضت المنطقة للقصف فالرد سيكون الخيار، لافتًا إلى أنه ربما جرت اتفاقات خارج المنطقة لا تدري بها حكومة “الإنقاذ”.
وبالتزامن مع استمرار التصعيد، كانت “الفتح المبين” تنشر بشكل متقطع أخبارًا عن استهداف مواقع لقوات النظام، دون وجود حصيلة رسمية عن حجم الإصابات والأضرار، إذ لا يعلق النظام على مقتل عناصر في صفوفه في مثل هذا النوع من الاستهداف.
وفي 26 من تشرين الأول، أُقيم ملتقى الأئمة والخطباء برعاية وزارة الأوقاف والدعوة والإرشاد، مع غرفة عمليات “الفتح المبين” بعنوان “الواقع العسكري في المناطق المحررة”، بحضور قائد “هيئة تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني”.
في اليوم نفسه، أعلنت وزارة الدفاع في حكومة النظام تدمير وإسقاط ثماني مسيرات محملة بالقذائف المتفجرة في ريفي حماة وحلب قالت إنها تابعة لمن وصفتهم بـ”الإرهابيين”.
وشيّع مستشفى “حماة الوطني” أربعة قتلى مدنيين وعسكريين من قرية الربيعة شمال محافظة حماة، قتلوا بقصف لفصائل المعارضة طال القرية نفسها عبر طائرات مسيرة، وفق وسائل إعلام النظام.
وبعد الاجتماع بيوم، أعلنت “الفتح المبين” استهداف قوات النظام في مدينة القرداحة بريف اللاذقية وبلدة شطحة بريف حماة، وإصابة مروحيتين في مطار “النيرب العسكري” شرقي حلب.
موسكو تصعّد.. أنقرة صامتة
لم تعلق تركيا على التصعيد شمال غربي سوريا، رغم امتلاكها 125 موقعًا عسكريًا في سوريا، منها 57 في أرياف حلب، و51 في مناطق إدلب، وموقعان في ريف اللاذقية، وآخر في ريف حماة، كما أنها طرف ضامن في اتفاقيات وقف إطلاق النار بالمنطقة.
في المقابل، لم تعلق موسكو على التصعيد أيضًا، مع استمرار شن طائراتها غارات على الأحياء السكنية والمدن والبلدات في المنطقة، بينما ذكرت صحيفة ” الوطن” عن مصادر لم تسمّها أن الهدف من استمرار مواكبة الطيران الروسي لقوات النظام في الشمال السوري الضغط على ما وصفته “المشغل” و”الضامن” التركي لتنفيذ اتفاق “وقف إطلاق النار”.
محلل السياسة الخارجية والأمن التركي، عمر أوزكيزيلجيك، قال لعنب بلدي، إن تركيا نفّذت اتفاق “موسكو” بشكل كبير، لكن روسيا هي التي انسحبت من تسيير الدوريات المشتركة، لافتًا إلى أن أنقرة أظهرت تأمين الممر، لكن لم يتم فتح الطريق أمام حركة المرور الحرة بسبب هجمات قوات النظام السوري.
واعتبر أوزكيزيلجيك أن التصعيد أداة روسية للضغط على تركيا، مستبعدًا حدوث هجوم بري لقوات النظام على إدلب، إذ لا تسمح تركيا لقوات النظام الجوية بالتحليق فوق إدلب ولا تسمح بهجوم بري، لافتًا إلى أن بقاء الجيش التركي في إدلب يجعل أي عملية برية مجرد عملية خيالية.
من جانبه، لفت المحلل السياسي الروسي والباحث غير المقيم في برنامج سوريا بمعهد “الشرق الأوسط”، أنطون مارداسوف، في مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، إلى أن روسيا وتركيا تتبادلان الاتهامات باستمرار حول انتهاك الاتفاقيات، وفي الواقع، يحق لكل جانب القيام بذلك، وفق رأي الباحث.
وتذكّر موسكو بالتزامات أنقرة التي لم يتم الوفاء بها بموجب مذكرة آذار 2020، في حين يستذكر الجانب التركي الالتزامات التي فشلت موسكو في تنفيذها بموجب مذكرة تشرين الأول 2019.
التصعيد دائم ويمكن ربطه بعوامل ظرفية جديدة في كل مرة، فمثلًا أحبط الأسد في الواقع مقترحات تركيا لتطبيع العلاقات، لأنه اعتقد أنها مفيدة لأردوغان في مرحلة الانتخابات التركية.
المحلل السياسي الروسي أنطون مارداسوف |
ويرى مارداسوف أن رئيس النظام السوري يدرك أنه لم يعد مناسبًا أو مفيدًا لأنقرة، من الناحية السياسية، إلى جانب حالة التدهور الاقتصادي التي تعانيها مناطق سيطرة النظام.
وكانت أنقرة بدأت طريق التقارب السياسي بشكل علني مع النظام السوري لأول مرة في 28 من كانون الأول 2022، واستطاعت تحقيق مجموعة من اللقاءات مع النظام برعاية ووساطة موسكو أولًا، قبل انخراط إيران في هذه المباحثات التي تحولت إلى “رباعية”، تفاوت فيها مستوى اللقاءات وصولًا إلى لقاء وزراء الخارجية.
واتخذ هذا المسار بعد الانتخابات التركية منحى تنازليًا، تجلى بلقاء الأطراف ذاتها لمرة واحدة بعد الانتخابات، في حزيران الماضي، مع حديث عن التحضير للقاء آخر لم يتحقق جراء تضارب مواعيد عمل ولقاءات الوزراء الأطراف، وفق تصريحات روسية في هذا السياق.
في 20 من أيلول الماضي، أوضح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن موسكو تعمل حاليًا على تحسين خارطة طريق بشأن العلاقات بين أنقرة ودمشق، مبينًا أن موسكو تدعو إلى عقد اجتماع رباعي حول تطبيع العلاقات التركية مع النظام في أقرب وقت ممكن.
لا خروج عن التفاهمات
الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، يرى أن تركيا تولي أهمية للحفاظ على منطقة “خفض التصعيد” الرابعة، معتبرًا أن التصعيد الذي يمارسه النظام وحلفاؤه غرضه الضغط في سبيل تقديم تنازلات تتعلق بالوضع الميداني شمال غربي سوريا.
وبرأي الباحث، فإن هذا التصعيد لا يهدد بشكل كبير الوضع القائم في شمال غربي سوريا بموجب التفاهمات التركية- الروسية، كما أن أنقرة وموسكو لا تزالان توليان أهمية واضحة للحفاظ على الوضع في منطقة “خفض التصعيد”.
كما يحاول النظام استغلال الموقف والضغط أكثر بعد هجوم الكلية الحربية في حمص، لدفع المعارضة للتراجع عن بعض المناطق أو الحصول على مكاسب إضافية في المنطقة، دون اعتبار أن هذا التصعيد العسكري يهدد بانهيار الحالة الراهنة في شمال غربي سوريا، وفق حديث الباحث لعنب بلدي.
لا يمكن تجاهل ما يجري في شمال غربي سوريا أو عدم ربطه بما يجري في شمال شرقي سوريا، في ظل رغبة أمريكية بتقوية نفوذ “وحدات حماية الشعب” (الكردية) ومشروعها الانفصالي، لكن حاليًا هناك حالة جمود في الاستاتيكو الميداني والسياسي السوري، ولا أرى تغيرًا في المدى المنظور لهذا الوضع.
الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش |
وبحسب الباحث، فإن التصعيد العسكري يعتبر رسائل ميدانية وضغوطًا من النظام وحليفه الروسي على تركيا التي تجد نفسها بحاجة لإرسال رسالة قوية إلى روسيا والنظام بأن تهديد الاستقرار في منطقة “خفض التصعيد” يهدد حالة المنطقة وأمن تركيا، دون وجود مؤشرات على توسيع نطاق العمليات للنظام وحلفائه في المنطقة.
من جهته، قال المحلل السياسي الروسي، ديمتري بريجع، لعنب بلدي، إن روسيا ترى بوجود إدلب منفصلة عن النظام السوري، ووجود جماعات مسلحة معارضة في شمال غربي سوريا خطرًا وتهديدًا للنظام السوري، مع إمكانية تغير شيء في المنطقة وعودة العمل العسكري مجددًا.
ووفق المحلل، فإن روسيا ترسل رسالة للمجموعات الموجودة في هذه المناطق مفادها، “لا تذهبوا بعيدًا في أي معارك ضد مناطق النظام”، كما أن من استراتيجية روسيا الحفاظ على قواعدها في سوريا، فلدى موسكو تفاهمات مع دمشق وتحديدًا في الساحل السوري لتصبح بعض المناطق ضمن تفاهمات معينة تحت تصرف موسكو لتنفيذ عمليات في منطقة الشرق الأوسط.
ويشمل ذلك المجال التجاري، فروسيا تستعمل المواني السورية لإرسال البضائع إلى دول أخرى لتخطي العقوبات، على اعتبار أن سوريا منصة مهمة لروسيا في الوقت الحالي، وفق المحلل السياسي الروسي.
وحول غياب رد الفعل التركي على التصعيد في الشمال السوري، قال بريجع إن تركيا لن ترد، لأن هناك تفاهمات قائمة مع موسكو، وفي ظل تصعيد حاضر مع الغرب، فلن تسعى للتصعيد مع موسكو، رغم وجود مواجهة غير علنية بين الطرفين في السياسات الخارجية.
علاقات شائكة مؤثرة
رغم مساعي روسيا لتتويج جهودها الدبلوماسية بين حليفيها، بلقاء يجمع أردوغان بالأسد، فإن طبيعة العلاقات بين أطراف هذا المثلث تفسر غياب التوافق جزئيًا في مكان، وانعدامه في آخر.
منذ بداية مسار التقارب التركي مع دمشق، يشدد النظام السوري على ضرورة الانسحاب التركي من الأراضي السورية، وتوقف تركيا عن دعم المعارضة في شمال غربي سوريا، وهو ما تقابله أنقرة بتأكيدها البقاء في سوريا لأسباب أمنية تتعلق بالحدود ووجود تنظيمات تصنفها أنقرة “إرهابية” في شمال شرقي سوريا.
وكان وزير الدفاع التركي، يشار غولر، شدد، في 23 من أيلول الماضي، على جملة شروط تركية للانسحاب من سوريا، تتجلى بإجراء انتخابات في سوريا، والتوصل إلى دستور جديد، وتشكيل حكومة تضم جميع فئات الشعب.
هذه الشروط تتقاطع مع ما نشرته صحيفة “يني شفق” التركية المقربة من الحكومة، في 26 من حزيران الماضي، وكان عبارة عن أربعة شروط تركية لتطبيع العلاقات مع دمشق، تمثلت بالتوصل إلى تعديل دستوري، وانتخابات نزيهة في سوريا، وعودة مشرّفة وآمنة للاجئين السوريين، والتعاون في مسألة “مكافحة الإرهاب”، وتحديدًا فيما يتعلق بحزب “العمال الكردستاني” (ترى أنقرة أن “قوات سوريا الديمقراطية” تشكّل امتداده في شمال شرقي سوريا).
في المقابل، ورغم الاشتراك في عدة ملفات ومسارات سياسية على مستويات إقليمية ودولية، منها الملف السوري، والوضع في أذربيجان، لا تبدو الرؤية التركية قريبة من الروسية حيال الغزو الروسي لأوكرانيا، وملف عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، وتوسعة الحلف، والقبول بانضمام أوكرانيا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :