د. أكرم خولاني
تخلّف حوادث بتر أحد الأطراف العلوية أو السفلية أو القصور الوظيفي فيها أثرًا بالغًا على المصابين من الناحيتين البدنية والنفسية، ولكن الأطراف الاصطناعية البديلة تشكل واحدًا من الحلول التي تسهم في جعل حياة الكثيرين من هؤلاء شبه طبيعية، دون أن يكونوا بحاجة إلى أي مساعدة من الآخرين، وقد تطورت صناعة الأطراف الاصطناعية في السنوات الأخيرة بشكل كبير جدًا من خلال التكنولوجيا الحديثة، حيث أصبحت تشابه الأطراف الطبيعية من حيث الشكل والأداء بنسبة كبيرة.
ما المقصود بالأطراف الاصطناعية
الأطراف الاصطناعية هي أدوات مصنعة يتم استخدامها كأداة بديلة لأطراف الإنسان (اليدان أو القدمان) التي قد تم بترها لسبب أو لآخر في وقت سابق، ويتم توصيلها مع الجزء المتبقي من الطرف المبتور.
وتتراوح الأهداف من تركيبها بين التجميل والقدرة على الحركة البسيطة والقدرة على القيام بأنشطة عالية الدقة، مثل الكتابة والجري والقفز والتسلق والمشاركة الكاملة في الرياضات أو العودة إلى ممارسة الوظائف الصعبة، وهذا يمكن أن يوفر فوائد نفسية عميقة ويُحسن نوعية الحياة.
عادة ما تبدأ عملية تركيب طرف اصطناعي بعد عدة أسابيع على الأقل من البتر ريثما يتقلص الجزء المتبقي ويأخذ شكله النهائي، وفي أثناء عملية التركيب، يقوم اختصاصي الأطراف الاصطناعية بتصنيع قالب للجزء المتبقي من الطرف باستخدام ضمادات من الجبس أو الألياف الزجاجية، ثم يتم تشكيل التجويف حول القالب، ويتم دمج هذا التجويف في الطرف الاصطناعي التشخيصي لاختبار مجموعات مختلفة من المكونات وتحديد الخيار الذي يوفر أقصى قدر من الراحة والاستقرار والوظيفة والكفاءة، وقد يحتاج ذلك إلى عدة محاولات لتحقيق الراحة والاستقرار الأمثل في التجويف، وبعد تصنيع التجويف النهائي تجرى محاذاة الطرف النهائي وتحسينه، وبعد ذلك يتم تشكيل المظهر الخارجي.
تستغرق عملية التركيب ما بين 7 إلى 18 زيارة، وذلك وفقًا لدرجة التعقيد، ويعتمد الاستعمال الناجح للطرف الاصطناعي على عدة عوامل:
· القدرات البدنية والمعرفية عند الشخص.
· ملامح جدعة البتر.
· مدى ملاءمة تجويف الطرف الاصطناعي وتوصيله بالجسم.
· الحالات الصحية الأخرى عند الشخص.
ما أنواع الأطراف الاصطناعية
تقسم الأطراف الاصطناعية بشكل عام إلى نوعين: هيكلية خارجية أو هيكلية داخلية.
1- الأطراف الاصطناعية الهيكلية الخارجية: لها غلاف خارجي صلب من البلاستيك أو المعدن على شكل الطرف، وتكون ثابتة بشكل دائم وغير قابلة للتعديل، ووظيفتها تجميلية بالدرجة الأولى.
تُعد هذه الأطراف الأكثر متانة، وقد يفضلها الأشخاص الموجودون في بيئات قاسية يمكن أن تُلحق الضرر بالطرف الاصطناعي.
2- الأطراف الاصطناعية الهيكلية الداخلية: تتمتع ببنية هيكلية داخلية مركزية وقابلة للتعديل، ويُغطَى الجهاز الهيكلي الداخلي بمواد رخوة على شكل الطرف وبجلد اصطناعي تجميلي ليبدو الطرف الاصطناعي أقرب ما يكون للطرف الطبيعي.
وتوجد منها عدة أنواع تختلف من حيث آلية العمل، وبفضل التكنولوجيا الحديثة أصبحت هناك أطراف اصطناعية ذكية متحكمة بالعقل البشري، أي أنها تعمل بالاعتماد على الجهاز العصبي عند الإنسان، وتقوم بالعمل مثل “الروبوتات” الذكية التي تُصنع بأجهزة استشعار مرتبطة بالمخ قتتحسس الحالة النفسية والإشارات العصبية الصادرة عن الدماغ وتتعرف على كل تفاعلات الإنسان أو الرغبة في الاستعداد لأي حركة كالإمساك أو المشي أو الوقوف، وهذه الأطراف تم تصميمها بشكل يسمح لها بمراقبة درجة الحرارة والتوازن، وتتوقع وجود الأخطار وتقوم بتنبيه الشخص.
ما خيارات الأطراف العلوية الاصطناعية
هناك ستة أنواع من الأطراف االعلوية لاصطناعية تختلف بحسب آلية عملها:
أطراف غير فاعلة: تبدو شبيهة بالطرف الطبيعي من حيث الشكل، لكنها لا توفر حركة لليد والمفاصل، إنما تساعد على التوازن وتثبيت الأشياء (مثل الضغط على الورق عند الكتابة) وعلى أداء بعض النشاطات الترفيهية أو المهنية، وهي الأخف وزنًا والأرخص سعرًا.
أطراف اصطناعية تعمل بطاقة الجسم: وهي الأكثر شيوعًا، لأنها أقل تكلفة وأكثر متانة وتتطلب صيانة أقل من الأنواع المتحركة الأخرى، وتعمل عبر نظام ربط الكوابل الذي يثبت الطرف الاصطناعي ويستخدم حركة لوح كتف الشخص وأعلى ذراعه لتشغيل الخطاف أو اليد أو مفصل المرفق، وتستخدم بعض النظم الذراع المعاكسة لتنشيط وظيفة معينة، حيث يُطوِّق أحد طرفي الشريط الذراع المعاكسة عند الإبط ويتصل الطرف الآخر بكبل يتحكم في الجهاز الطرفي (خطاف أو يد أو جهاز خاص لأداء وظيفة معينة).
أطراف اصطناعية كهربية عضلية مُزوَّدة بالطاقة من الخارج: تلتقط المجسات جهد الفعل الكهربائي في العضلات المتبقية بالطرف المبتور وتقوم بتضخيم الإشارة باستخدام بطارية قابلة لإعادة الشحن، وتستخدم الإشارات الكهربائية لتشغيل المحركات التي تعمل في الجزء المعني من الطرف الاصطناعي، وبذلك توفر حركة نشطة لليدين والمفاصل دون الحاجة إلى حركة الكتف أو الجسم، وهذا يجعلها أقل إجهادًا للعضلات من سابقتها، لكنها أثقل وأغلى ثمنًا.
أطراف اصطناعية هجينة: تستعمل عادة في تدبير حالات بتر الطرف العلوي الشديدة، فهي تجمع بين ميزات محددة لقوة الجسم والطاقة العضلية الكهربائية، فمثلًا يمكن الجمع بين المرفق الذي يعمل بطاقة الجسم وبين اليد التي تعمل بالطاقة من الخارج.
أطراف اصطناعية خاصة بنشاط محدد: تستعمل عند الأشخاص الذين يشاركون في نشاطات يمكن أن تلحق الضرر بالطرف المتبقي أو بالطرف الاصطناعي اليومي أو عندما لا يعمل الطرف الاصطناعي اليومي بفعالية. وتشتمل هذه الأطراف الاصطناعية غالبًا على وجيهة تصميم خاصة وتجويف ونظام تعليق وجهاز طرفي خاص بنشاط محدد، ويمكن للأجهزة الطرفية الخاصة بالنشاط أن تُتيح للشخص إمساك أداة ما (المطرقة أو مضرب الغولف أوغيرها من الأدوات الأخرى)، أو أنها تساعد في أنشطة محددة مختلفة (مثل السباحة أو صيد الأسماك مثلًا).
أطراف اصطناعية ذكية: تعتبر أفضل التقنيات في الصناعات الطبية وأحدث ما توصل إليه العلم الحديث، تعمل بالاعتماد على الجهاز العصبي عند الإنسان، فتتحسس الإشارات العصبية الصادرة عن المخ وتتعرف على كل تفاعلات الإنسان أو الرغبة في الاستعداد لأي حركة سواء بمد أطراف اليد إلى الطعام أو الإمساك بالملعقة أو الإمساك بالقلم والقيام بالكتابة أو غيرها من الحركات.
ما خيارات الأطراف السفلية الاصطناعية
يتوفر الكثير جدًا من الخيارات للأطراف السفلية الاصطناعية، ويقوم الشخص المصاب مع اختصاصي الأطراف الاصطناعية بتقييم مختلف مكونات المفاصل والقدم لتحديد أيها يوفر الحالة المُثلى للتوازن والأمان والوظيفة وكفاءة المشي.
وتوجد ثلاثة أنواع عامة للأطراف السفلية الاصطناعية، وكلها هياكل داخلية قابلة للتعديل، وهي:
أجهزة الكاحل والقدم: يمكن أن تشتمل أجهزة الكاحل والقدم الاصطناعية على جهاز هيدرولوكي يُثبِط قوى الصدم، ويتكيف بعضها مع تغيرات سرعة المشي تلقائيًا، وتكون بعض آلياتها غير فاعلة، في حين توفر أجهزة أخرى الدفع الفعال مما يحد بشكل كبير من متطلبات المشي من الطاقة، وتقوم أجهزة الكاحل والقدم الذكية التي تضبطها المعالِجات الدقيقة بتنظيم الوظيفة في الوقت الحقيقي استنادًا إلى مدخلات المستخدم أو الظروف البيئية.
ويتم استبدال الدوران المحوري أو الأفقي المفقود من حالات البتر فوق الكاحل بوحدة الالتواء الداخلية الهيكلية، وتكون هذه الميزة مفيدة بشكل خاص في المواقف التي يحتاج فيها الطرف إلى الانفتال خلال حمل الوزن مثلًا.
ويمكن للأشخاص الذين يرغبون بلبس أحذية ذات ارتفاعات مختلفة (أحذية رياضية أو أحذية مُسطحة أو ذات الكعب العالي) اختيار الكاحل الاصطناعي الذي يتكيف مع الارتفاعات المختلفة.
أجهزة الركبة الاصطناعية: تنطوي على أجهزة تعمل بالطاقة الجسدية غير الفاعلة مع مفصل أحادي أو متعدد المحاور، وتُقلل أجهزة الركبة التي تضبطها المعالِجات الدقيقة من مقدار الجهد الذي يحتاج إليه الأشخاص في أثناء المشي، كما توفر درجة أعلى من الأمان وضبط ثبات الركبة البديلة مما يحد من خطر السقوط.
أجهزة القدم والركبة الاصطناعية الخاصة برياضة محددة: تكون هذه الأجهزة فعالة في الكثير من النشاطات الرياضية والترفيهية، وقد جرى تصميم بعضها لنشاطات محددة مثل الركض أو الجري لمسافات طويلة أو التزلج أو السباحة، علمًا أن الجري يبقى أكثر صعوبة عند الأشخاص الذين حدث عندهم البتر فوق الركبة بالمقارنة مع الذين حدث البتر عندهم تحتها.
هل من توصيات للشخص الذي يرغب بتركيب طرف اصطناعي
هناك بعض النصائح التي ينبغي للشخص الالتزام بها قبل تركيب الطرف الاصطناعي:
· التقييم الوظيفي من قبل الطبيب المختص لتحديد القدرات والأهداف الحالية للشخص والطرف الاصطناعي المناسب.
· البدء بتطبيق برنامج للتمارين الرياضية، للمحافظة على قوة العضلات ومرونتها.
· اتباع نظام غذائي صحي.
· ضبط الحالات المرضية التي يعاني منها المريض.
وهنالك بعض النصائح التي على الشخص اتباعها بعد تركيب الطرف الاصطناعي:
· التدريب على التوازن في أثناء المشي والوقوف.
· استعمال العكازات أو الكرسي المتحرك في البداية.
· متابعة القيام بالتمارين الرياضية والحفاظ على مجال حركة المفصل لمنع تيبسه.
· وضع ضمادة قبل تركيب الطرف الاصطناعي.
· تنظيف مكان البتر كل فترة حتى لا تحدث تقرحات أو التهابات جلدية.
· حماية الطرف من الصدمات.
· المتابعة المستمرة مع الطبيب.