توجه مزارعون في رأس العين شمال غربي الحسكة إلى زراعة الكمون هذا العام بعد خسائر تعرضوا لها في محصولي القطن والقمح.
زراعة الكمون ليست جديدة على المنطقة لكنها خيار جيد لتعويض خسائر وصفها مزارعون بـ”الفادحة”، إثر كساد محصولي القمح والقطن وعدم وجود سوق تصريف لهما، وتحكّم التجار بتحديد السعر.
وتبدأ زراعة الكمون في المنطقة اعتبارًا من منتصف تشرين الثاني الحالي، وتمتد حتى كانون الأول المقبل.
أملًا بتعويض الخسائر
أحمد العليوي مزارع في رأس العين أوضح لعنب بلدي عوائد القمح المحدودة هذا العام، إذ لم يتجاوز سعر الطن 200 دولار أمريكي، بينما لم يتجاوز سعر القطن 550 دولارًا للطن، لافتًا إلى أن الأسعار لا تتناسب مع التكاليف.
وقال المزارع إن الكمون لا يتطلب سوى الاهتمام واليد العاملة ويشهد ارتفاعًا مستمرًا في أسعاره، حيث وصل سعر الطن إلى أكثر من 4000 دولار أمريكي، مشيرًا إلى أن هذه الأسعار تجعل زراعة الكمون أكثر جاذبية بالنسبة للمزارعين، وتمنحهم فرصة أفضل لتعويض خسائرهم في القمح والقطن.
من جهته، فيصل الصوفي، مزارع ثانٍ في رأس العين، قال لعنب بلدي إنه قرر تنويع محاصيله لهذا الموسم وزرع 70 دونمًا من الكمون وعشرة دونمات من القمح بسبب ارتفاع أسعار النباتات العطرية بشكل عام.
وذكر أن زراعة الكمون تتطلب جهدًا وتكاليف أقل مقارنة بالقطن والقمح وتضمن لهم أرباحًا مرضية.
قبل ثلاثة أشهر وبعد موسم حصاد القمح في رأس العين، اشتكى مزارعون من تكدّس المحصول لديهم، لعدم تسلم “الحكومة السورية المؤقتة” إلا كميات قليلة منه، ما جعلهم عرضة لاحتكار وتحكم التجار، نظرًا إلى غياب أماكن مناسبة للتخزين وصعوبات في الحفاظ على جودة المحصول، ما يؤدي إلى تلفه.
وحددت “المؤقتة” سعر شراء طن القمح القاسي الصافي من الدرجة الأولى بـ330 دولارًا أمريكيًا، بعد أن كان العام الماضي بـ480 دولارًا.
وقال رئيس مكتب الزراعة في المجلس المحلي برأس العين، عمر حمود، لعنب بلدي، إن موسم القمح هذا العام كان وفيرًا بواقع 75 ألف طن في أراضي رأس العين، وإن “الحكومة المؤقتة” وعدت بتسلم 30 ألف طن منه، إلا أنها تسلمت فقط 4200 طن.
اقرأ أيضًا: “المؤقتة” تتخلى عن قمح رأس العين
خيار مربح للمزارعين
المهندس الزراعي ماجد السليم، اعتبر أن السبب الرئيس وراء الإقبال على زراعة الكمون في رأس العين هذا العام، هو سعر المنتج المرتفع وتكاليفه المتوسطة واعتماده على العمل اليدوي، لافتًا إلى أن تربة المنطقة خصبة ومناسبة لهذه الزراعة.
وقال السليم لعنب بلدي إن الكمون لا يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، ويمكن حصاده يدويًا أو باستخدام حصادات خاصة به، ورغم احتمالية تعرض الكمون لمرض الشلل نتيجة موجات الصقيع، إلا أن زراعته تبقى خيارًا جيدًا، ونادرًا ما يتعرض المزارع لخسائر كبيرة.
وقال رئيس مكتب الزراعة في المجلس المحلي، عمر حمود، إن مساحة زراعة الكمون المتوقعة في رأس العين هذا العام تبلغ حوالي 60 ألف دونم، وهي مرتفعة لزيادة اهتمام المزارعين بزراعته.
وأضاف في حديثه لعنب بلدي أن الاهتمام يعود لارتفاع أسعار الكمون في الأسواق العالمية، ويصل متوسط إنتاج الكمون إلى 50 كيلوجرامًا للدونم الواحد.
ووسط انخفاض أسعار المحاصيل التقليدية مثل القمح والشعير، تعتبر النباتات العطرية خيارًا جيدًا للمزارعين لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، وفق حمود، مشيرًا إلى أن تربة رأس العين مناسبة لزراعته.
وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها أغلبية سكان منطقة رأس العين والمناطق الشمالية والشمال الشرقي في سوريا، وهي تشكّل مصدرًا رئيسًا للدخل في هذه المناطق.
وتدير تركيا مدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا، وتُدار المؤسسات الخدمية فيها عبر مركز ولاية أورفا التركية، ويشرف المجلس المحلي في المدينة على تنفيذ المشاريع الخدمية التي تعتبر خجولة مقارنة بتلك التي تنفذ شمالي محافظة حلب.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني” المدعوم تركيًا، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.