نازحون بلا وثائق في دير الزور.. تضييق وحرمان من المساعدات
دير الزور- عبادة الشيخ
فقدت آلاء الراوي هويتها الشخصية بعد هروبها من مخيم “الهول” شمال شرقي سوريا، وهي التي نزحت إليه نتيجة المعارك بين تنظيم “الدولة الإسلامية” و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، لكنها اضطرت لاحقًا لترك هويتها محجوزة داخل المخيم، وهو ما حدّ من حرية حركتها بعد خروجها من المخيم، وحرمها من الحصول على الخدمات الأساسية.
لم تكن آلاء الحالة الوحيدة في المنطقة الشرقية، إذ يعاني مدنيون أيضًا في دير الزور فقدان وثائقهم الشخصية باختلاف الأسباب، وهو ما يعرضهم لمشكلات عديدة تشمل صعوبة السفر والتنقل داخل وخارج مناطقهم، وصعوبة الحصول على المساعدات من منظمات إنسانية.
ذكرت آلاء لعنب بلدي أنها أحيانًا تضطر إلى طلب دفتر العائلة من جيرانها للحصول على مساعدات أو لإجراء معاملات رسمية، إذ إن الحل الوحيد المتمثل بالذهاب إلى مناطق سيطرة النظام لاستخراج وثائق شخصية بديلة خارج نطاق قدرتها.
وتتردد آلاء إلى المجلس المحلي التابع لـ”الإدارة الذاتية” من أجل مساعدتها في استعادة وثائقها من إدارة المخيم، لكنها لم تتلقَ ردًا منذ أربع سنوات حتى الآن.
تعقيدات فقدان الوثائق
تظهر تعقيدات فقدان الهويات الشخصية بشكل سلبي على حياة الأفراد، وحقوقهم الأساسية في الوصول إلى الخدمات والمساعدات وتسهيل الأمور اليومية.
وعد، وهي من بلدة السوسة في ريف دير الزور الشرقي، أوضحت لعنب بلدي أنها تواجه صعوبة في استعادة الوثائق الخاصة بعائلتها لأنها موظفة في “الإدارة الذاتية”، ما جعل اسمها ضمن قوائم المطلوبين لدى حكومة النظام السوري، ومنع عائلتها من الذهاب إلى مناطق سيطرة النظام لاستخراج وثائق بديلة خوفًا من اعتقال أحد الأفراد وابتزازها للإفراج عنه، وفق تعبيرها.
وتوجد في ريف دير الزور دائرة نفوس لاستخراج الوثائق الشخصية الصادرة عن “الإدارة الذاتية”، منها شهادات التعريف الشخصية والعائلية، وسندات الإقامة التي تمكن الأفراد من الانتقال داخل دير الزور، ومع ذلك يجري التدقيق على هذه الوثائق من قبل الحواجز العسكرية التي تشكك بأنها مزورة.
وتطالب الحواجز العسكرية التابعة لـ “قسد” بالوثائق السورية المستخرجة من مناطق سيطرة النظام، مثل الهوية الشخصية ودفتر العائلة، كما تعد هذه الوثائق الوحيدة المقبولة لدى المنظمات الدولية والمدنية للتسجيل على مساعدات إنسانية، ما يزيد من الضغوط على حياة الأفراد، ويعوق حريتهم في التنقل.
مؤمن الفهد، الذي نزح من مدينة صبيخان في ريف دير الزور الشرقي الخاضعة لسيطرة الميليشيات الإيرانية، ويقيم الآن في بلدة الشنان بذات الريف الخاضع لسيطرة “قسد”، أبدى استياءه من التحديات التي يواجهها مع انتزاع “بطاقة الوافد” المطلوبة للمتنقلين بين مناطق سيطرة “قسد” والنظام.
تسيطر “قسد” على المناطق الممتدة شرق نهر الفرات في محافظة دير الزور، باستثناء قرى الحسينية والصالحية وحطلة ومراط وطابية جزيرة ومظلوم وخشام، بينما يسيطر النظام السوري على المناطق الممتدة غرب النهر، وتتمركز فيها ميليشيات موالية لإيران بشكل رئيس.
ويتطلب الحصول على “بطاقة الوافد” تقديم الوثائق الشخصية بالإضافة إلى كفيلين مقيمين في مناطق سيطرة “قسد”، لكن مؤمن لا يمتلك هذه الوثائق، لأنه أيضًا خرج من مخيم “الهول” بواسطة مهربين، كما لم يستطع استعادتها عبر المجالس المحلية.
وفي حالة توفر الوثائق، تعتبر “بطاقة الوافد” أيضًا عائقًا إضافيًا، بسبب الإجراءات الأمنية والتأخير في إصدارها من قبل الجهات المسؤولة.
حلول قاصرة
أكد رئيس مجلس محلي تابع لـ”مجلس دير الزور المدني”، لعنب بلدي، أن المجلس المحلي ليس له دور في استعادة الوثائق الشخصية التي فُقدت في أثناء النزوح، نظرًا إلى عدم امتلاكه صلاحية إصدار وثائق رسمية معترف بها دوليًا.
وأضاف أن دور المجلس يقتصر على تصديق البيانات العائلية المعترف بها من قبل “الإدارة الذاتية” للسكان الذين يقدمون طلبات تسهيل أعمالهم أو لأغراض مختلفة، وهذه الوثائق تكون مصدقة من قبل المجالس المحلية في الأحياء، ويتم الاعتراف بها فقط من قبل القوات العسكرية والمجالس المدنية.
وأشار المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، إلى أن المجالس المحلية لم تعد مسؤولة عن إصدار الوثائق الشخصية، وأصبحت دائرة النفوس والمحكمة العامة في منطقة الكسرة غربي دير الزور هي الجهة المسؤولة الآن.
ويعد الحق في الاعتراف بالشخص أمام القانون من حقوق الإنسان الأساسية، وهو حق منصوص عليه في القانون الدولي والسوري، لكن السوريين الذين نزحوا خلال العقد الماضي يواجهون عقبات عديدة تحول دون حصولهم على التوثيق المدني.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :