أين جسور دير الزور بعد ست سنوات من سيطرة النظام السوري

  • 2023/11/03
  • 3:29 م
عودة المياه للجريان من جديد تحت جسر البعث - 22 من آب 2023 (تواصل/ فيس بوك)

عودة المياه للجريان من جديد تحت جسر البعث - 22 من آب 2023 (تواصل/ فيس بوك)

أسفرت المعارك التي دارت بين النظام السوري بدعم من حليفه الروسي وتنظيم “الدولة الإسلامية”، لفك الحصار الذي فرضه التنظيم على أحياء كان يسيطر عليها النظام في مدينة دير الزور، عن تدمير جسور المنطقة.

وبنفس الوقت كانت تدور معارك بين “قوات سوريا الديمقراطية” بدعم جوي من “التحالف الدولي” والتنظيم، استهدف فيها طيران التحالف جسور المحافظة لمنع تنقل عناصر التنظيم والأسلحة وتضييق الخناق عليهم.

ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، في تقرير حمل عنوان “دير الزور… محافظة مقطعة الأطراف”، 29 حادثة اعتداء على جسور المحافظة منذ عام 2011 وحتى آذار 2017.

وتوزعت حوادث الاعتداء إلى تسعة على يد قوات النظام السوري، و15 كان “التحالف الدولي” مسؤولًا عنها، بينما دمّرت “التنظيمات المتشددة” جسرين، ودُمّر جسر واحد على يد القوات الروسية، بينما نسب التقرير حادثتين إلى جهات مجهولة.

وفي 3 من تشرين الثاني 2017، أعاد النظام فرض سيطرته على مدينة دير الزور، وقال محافظ المدينة حينها محمد إبراهيم سمره، إن المدينة تحتاج إلى 6 مليارات ليرة سورية كـ”حالة إسعافية” لإعادة إعمار وبناء ما خربته “التنظيمات الإرهابية” في البنى التحتية للمدينة.

واليوم بعد مرور ست سنوات على إعادة السيطرة، تستعرض عنب بلدي كيف تعامل النظام السوري مع مسألة إعادة ترميم وبناء جسور المدينة، التي تعد صلة وصل بين مناطق المدينة ببعضها وبين المدينة والريف أو ما يُعرف بالجزيرة.

جسور مدينة دير الزور بعد 2017

انتهى في 22 من آب الماضي، مد القميص الإسفلتي لجسر “البعث” في حي الحويقة من قبل “مجلس مدينة دير الزور” بالتعاون مع “الشركة العامة للطرق والجسور” و”مديرية الخدمات” وبتمويل من منظمة “UN – Habitat Syria”، بعد توقفه في أيار 2022.

رئيس مجلس مدينة دير الزور السابق، رائد منديل، أوضح أن أعمال إعادة تأهيل الجسر تتضمن نزع الأجزاء المنهارة والمتصدعة من جسم الجسر من بلاطات مسبقة الصنع وطبقات التسوية والأرصفة الإسمنتية والسور المعدني وصيانة البنى التحتية للجسر من ركائز وسطية وطرفية وإعادة صب الجوائز مسبقة الصنع والبلاطات إضافة إلى إعادة تأهيل البيئة المكانية المحيطة بالجسر.

ويقع جسر البعث على فرع نهر الفرات الصغير ويربط الأحياء الواقعة في الجزء الشمالي من المدينة مع باقي الأحياء.

وقال رئيس مجلس مدينة دير الزور، جرير كاكاخان، إن إعادة تأهيل الجسر ستسهم بإعادة النشاط البشري في المنطقة وربط أحياء المدينة مع بعضها وتمكين الأهالي من العودة إلى منازلهم وتسهيل حركة مرور وعمل ورشات إعادة الإعمار لمتابعة أعمال إعادة التأهيل والصيانة في الأحياء الواقعة في الجزء الشمالي من المدينة.

وفي 20 من نيسان 2022، افتتح رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، الجسر المؤقت الواقع بجانب الجسر “المعلق”، والذي يربط ضفتي الفرع الكبير من نهر الفرات، وذلك بكوادر “وطنية”.

والمشروع عبارة عن مد قميص إسفلتي لعَبّارة كانت موجودة سابقًا، ويبلغ طوله 220 مترًا وعرضه عشرة أمتار، وهو مصمم لحمولة تقارب 100 طن وجرى تسيير حمولات بلغت 70 طنًا بشكل تجريبي، بحسب مدير الخدمات الفنية بدير الزور راشد الحمد.

وجاء افتتاح الجسر حلًا لمشكلة ارتطام السيارات الصغيرة بالعبارة عند انخفاض منسوب النهر.

وتعاقدت “المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية” بالمحافظة مع مكتب “الشرق الأوسط للدراسات الهندسية” وجامعة “دمشق”، في شباط 2022، لدراسة وتدقيق مشروع إعادة تأهيل جسر “السياسية” الذي يربط المدينة وقرى وبلدات الريف الشمالي في المحافظة.

وبلغت القيمة العقدية آنذاك 150 مليون ليرة سورية (حوالي 45.112 دولار)، مع مدة تنفيذ 105 أيام، يجري خلالها المكتب دراسة فنية مع تدقيقها من قبل خبراء في جامعة “دمشق” كمرحلة أولى لإعادة تأهيل الجسر.

وحتى تحرير هذه التقرير لم تعلن المؤسسة عن نتائج الدراسة، ويستمر المواطنون بالتنقل بين ضفتي النهر عبر معبر نهري طوفي متحرك، يقع بجانب جسر “السياسية”.

وقال مدير جهاز الإشراف على تنفيذ المعبر فادي طعمة، إن المرحلة الأولى من التجهيز كانت في بداية أيلول لعام 2019، وشملت أعمال مدنية من تنفيذ قواعد بيتونية وفتح طرقات على الضفتين، والمرحلة الثانية شملت تأمين كابلات و جرار من أجل تحريك العبارة النهرية.

ووصلت الكلفة التقديرية للمرحلة الأولى إلى 25 مليون ليرة سورية، بينما وصلت الكلفة للمرحلة الثانية ما يقارب الـ20 مليون ليرة سورية، حسب طعمة.

وتوجد في مدينة دير الزور ثمانية جسور، ستة منها على الفرع الصغير للنهر وتصل حي الحويقة ببقية أحياء المدينة (منها ثلاثة جسور للمشاة)، بالإضافة إلى جسري “السياسية” و”المعلق”، ولم يؤهل منها سوى جسر “البعث”.

الجسر المعلق في مدينة دير الزور – 22 أيلول 2023 (فرات بوست/ فيس بوك)

أهمية الجسور

توفر الجسور طريقة أسرع وأسهل وأوفر للسفر، فبعد أن دُمرت جسور المدينة تعين على المواطنين التنقل عبر سفن صغيرة من ضفة للثانية، مما اضطرهم لدفع أجور النقل لأصحاب السفن.

ووجود الجسور يؤدي إلى إنشاء ممرات اقتصادية تسهل تبادل المنتجات الزراعية والحيوانية، إضافة إلى تأسيس العلاقات الاجتماعية بين أهالي الضفتين.

ويضطر الطلاب في الريف الشمالي للمحافظة (الحسينية ومراط وحطلة) لعبور النهر للذهاب إلى مدارسهم في المدينة، مما يجعل من الجسور عامة وجسر “السياسية” بشكل خاص ممرًا أسهل لهم، بدلًا من العبارات النهرية.

ما هي الحلول؟

لا تشكل الجسور فقط طرقًا للتنقل وبناء لتوازن النمو الاقتصادي في المدن، بل ويمكن استغلالها لإنشاء مساحات عامة جديدة، مثل المقاهي والمساحات الخضراء.

وتعد الجسور مصدر فخر للأشخاص الذين يعيشون في مكان تواجدها، لذلك من المهم ألا تكون الجسور عملية فحسب، بل أنيقة وممتعة للنظر أيضًا، بحسب ما قاله المهندس المدني المقداد السوادي لعنب بلدي.

ويرى السوادي، وهو من أبناء دير الزور، أن النظام لا يملك الموازنة التي تؤهله لبناء جسور بمواصفات عالية، واقترح أن يعمل على إعادة تأهيل الجسور باستخدام المعادن، بدلًا من البيتون، لكونها أسهل وأسرع بناء وأرخص سعرًا، إذ أن الجسور البيتونية تحتاج لاستيراد مواد غير موجودة في سوريا، إضافة لكونه أغلى سعرًا.

بينما الجسور المعدنية يمكن بناؤها من حديد الخردة، الموجود في الدبابات والأبواب المعدنية والسيارات المدمرة، وهو “ما يكثر في سوريا”، ويجري ذلك عن طريق صهر هذه المواد وصناعة زوايا منها تستخدم في بناء الجسور، حسب السوادي.

اقرأ أيضًا: دير الزور.. إغلاق معابر “الفرات” يزيد معاناة السكان على الضفتين

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع