ما تل الجموع الذي تستهدفه إسرائيل بشكل متكرر جنوبي سوريا

جنود إسرائيليون ينظرون إلى الجانب السوري من مرتفعات الجولان- 7 من تموز 2018 (رويترز)

camera iconجنود إسرائيليون ينظرون إلى الجانب السوري من مرتفعات الجولان- 7 من تموز 2018 (رويترز)

tag icon ع ع ع

تقصف إسرائيل بشكل متكرر مناطق من ريف درعا الغربي ردًا على إطلاق قذائف تقول إنها استهدفت مواقع تتبع لها في الجولان السوري المحتل مصدرها تل الجموع في المنطقة نفسها.

القصف الإسرائيلي نفسه أدى إلى أضرار مادية، إذ سقطت إحدى القذائف، في 28 من تشرين الأول الماضي، في كرم زيتون متاخم لأحد منازل المدنيين في بلدة تسيل في ريف درعا الغربي.

المنزل الذي تضرر بالقصف وحقل الزيتون المجاور له يقعان في منطقة محاذية لتل الجموع العسكري، الذي تمسكت قوات النظام بالسيطرة عليه حتى خلال فترة المعارك التي دارت مع فصائل المعارضة عام 2018.

وكان التل نفسه مصدرًا لقصف صاروخي أطلق نحو الجولان السوري المحتل قبل القصف الإسرائيلي بساعات، بحسب ما نقل “تجمع أحرار حوران” المحلي، المتخصص بتغطية أخبار محافظة درعا بشكل رئيس.

مراسل عنب بلدي في درعا أفاد أن تل الجموع مر خلال السنوات الماضية بجملة من الأحداث كان فيها هدفًا استراتيجيًا لجهات محلية على مدار سنوات الثورة السورية.

التحصينات على تل الجموع

العقيد المنشق عن قوات النظام مجيد السيد، وهو من مدينة نوى المجاورة لتل الجموع غربي درعا، قال لعنب بلدي إن للتل أهمية جغرافية، فهو التل الوحيد المرتفع في المنطقة، ويبلغ ارتفاع قمته نحو 200 متر.

ويشرف التل نفسه على سهل منبسط من جهة الشرق يمتد حتى الشيخ مسكين بريف المحافظة الأوسط، كما يشرف على معظم مناطق وادي اليرموك من الجهة الجنوبية.

وكان التل يدخل ضمن ما يعرف عسكريًا في الجيش السوري النظامي قبل الثورة السورية بـ”تحصين الجبهة السورية” من جانب الجولان المحتل، وبالتنسيق مع “الحرس الثوري الايراني”، تحول التل إلى حصن عسكري.

وبُني التحصين على التل على ثلاث طبقات الأولى أسفل التل حصنت بسواتر ترابية، وجهزت بمساند رمي للدبابات من كافة الاتجاهات، إضافة لملاجئ عسكرية لحماية العناصر المتمركزين على التل.

وعلى شكل طبقة ثانية حصّن وسط التل إذ بنيت التحصينات والدشم العسكرية على شكل طوق منتصف تل الجموع، وزوّدت بصواريخ مضادة للدروع، ومساند للرشاشات المتوسطة من عيار 23 ميليمتر، وعيار 14.5 ميليمتر، إضافة لمساندة مدفعيات “هاون”.

وعلى قمة التل، أقيمت طبقة ثالثة من التحصينات تطل على جميع الجهات من تل الجموع، احتوت على محطات تشويش ورصد، وتقنيات للتنصت واستطلاع إلكتروني، معظمها إيرانية الصنع، إلى جانب محطة الكترونية متطورة روسية لمعرفة مصادر إطلاق النار، بحسب العقيد المنشق.

من يسيطر على التل

العميد السابق بقوات النظام منير الحريري، وهو من أبناء محافظة درعا، ويقيم في الأردن حاليًا، قال لعنب بلدي إن جهات عسكرية عديدة تتمركز على قمة التل منها ما يتبع للقوات النظامية، وأخرى ميليشيات رديفة.

وأضاف أن “اللواء 91” يتمركز في قمة التل بينما ينتشر “اللواء 62” في محيطة وعلى مقربة منه.

وتحوي قمة تل الجموع على مرصد يتبع لإدارة الحرب الإلكترونية، بحسب العميد المنشق، ويضم مقاتلين يتبعون لميليشيات مدعومة من إيران أبرزها “حزب الله” اللبناني.

وبناء على معلومات قال العميد إنه اطلع عليها عبر زميل عسكري له منشق أيضًا عن قوات النظام، فإن ضباط إيرانيون وعناصر من “حزب الله” يتمركزن حاليًا على قمة التل.

ما تل الجموع

سعت الأطراف المتصارعة في سوريا للسيطرة على تل الجموع الواقع على مقربة من الحدود مع الجولان المحتل بريف درعا الغربي، جنوبي سوريا، واستخدمته قوات النظام في قصف معظم مناطق الريف الغربي بعد اندلاع الثورة السورية، حتى تمكنت المعارضة من السيطرة عليه في حزيران 2014 في خضم معركة أطلق عليها اسم “نزع الأوتاد”.

صف ضابط منشق عن قوات النظام وعنصر سابق في “الجيش السوري الحر” قال لعنب بلدي إن فصائل “الجيش الحر”، وأخرى إسلامية، أبرزها فصيل “شهداء اليرموك” الذي تحول لاحقًا لفصيل تابع لتنظيم “الدولة الاسلامية”، تناوبت على السيطرة على هذا التل.

واستخدمت فصائل المعارضة تل الجموع كمركز لتقوية أجهزة الاتصال اللاسلكي العسكرية، كما استخدمته كموقع لتثبيت المدافع فيه نظرًا لارتفاع قمته، واستهدفت منه قوات النظام، وتنظيم “الدولة” خلال مواجهات دارت مع الجهتين، بحسب المقاتل السابق في “الجيش الحر” الذي تحفظ على اسمه لمخاوفه الأمنية.

وفي 23 من شباط 2016، استولى تنظيم “الدولة” على تل الجموع والمناطق المحيطة به مثل قرى سحم، وتسيل، وجلين، والشركة الليبية، وتلة عشترة.

واتخذ التنظيم من تل الجموع قاعدة لنصب مدافعه فيها مستهدفًا فصائل “الجيش الحر” الذي أطلق بدوره عشرات المعارك ضد التنظيم لإستعادة الأماكن التي خسرها.

وفي شباط 2017، سقط أكثر من 35 عنصرًا من “الجيش الحر” خلال محاولتهم السيطرة على التل، إذ سمح التنظيم للقوات المهاجمة بالصعود للتل وحصارهم فيه، ليقتل معظمهم.

وبقي التل تحت قبضة التنظيم حتى استعاده النظام السوري بمشاركة من بعض فصائل “الجيش الحر” عقب “التسوية” في آب 2018، ومنذ ذلك الحين ثبتت قوات النظام عليه أسلحة المدفعية التي لا تزال موجودة حتى اليوم.

أهمية استراتيجية

يستفيد من يسيطر على تل الجموع من ارتفاعه وإشرافه على مناطق شاسعة من الممكن حمايتها من أي هجوم، وتمثل التلول نقطة قوة لمن يعتليها، بحسب العسكري السابق مقيم في ريف درعا الغربي.

العسكري قال لعنب بلدي إن “التلال في الجنوب السوري شكلت تفوقًا عسكريًا لمن يسيطر عليها خلال السنوات الماضية، إذ أسهمت برصد أهداف على بعد عشرات الكيلو مترات لذلك كانت مكانًا مناسبًا لأسلحة المدفعية، ورصد الأهداف”.

وامتازت الطرق المؤدية إلى هذه التلال ومنها تل الجموع بالوعورة، وكان ينظر لقمتها على أنها محمية طبيعيًا، وهو ما كان سببًا رئيسًا لنصب مرابض المدافع عليها.

ومن أهم التلال التي كانت بحوزة المعارضة قبل عام 2018، كان تل الحارة، وتل الجموع، وتل الجابية، وتلة أم حوران.

اقرأ أيضًا: عين إسرائيلية على تل الحارة في مثلث الحدود جنوبي سوريا


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة