عنب بلدي – داريا
يعيش أهالي مدينة داريا على أمل توقف القصف ودخول المساعدات الأممية خلال الهدنة، التي دخلت حيز التنفيذ فجر السبت 27 شباط، وسط تخوف بأن لا يشمل الاتفاق مدينتهم، كما يروج إعلام النظام السوري بذريعة وجود جبهة النصرة فيها.
ورغم توقف القصف في الساعات الأولى من بدء الاتفاق، يقول ناشطو المدينة إن النظام يحاول استثناء مدينة داريا من دخول المساعدات الإنسانية، بـ “الترويج بأنها منطقة عسكرية، ساعيًا لتبرير القصف الهمجي الذي يقوم به كل يوم”، بحسب مدير المكتب الإعلامي في المجلس المحلي، كرم الشامي.
ويؤكد كرم أنه لم تدخل أي مساعدات إلى داريا، سواء إنسانية أو طبية، في الوقت الذي أرسل المجلس المحلي عشرات الرسائل والاستغاثات إلى المنظمات المعنية والأمم المتحدة، وغالبًا قوبلت بالتسويف أو التجاهل أو التعاطف دون أي تحرك على أرض الواقع، بحسب تعبيره.
مراوغات لمنع دخول المساعدات
“النظام يقوم بمراوغات ليمنع داريا المنكوبة من التقاط أنفاسها، فبداية قال إن المدينة منطقة عسكرية لا مدنيين فيها، لكن أهالي المدينة تجمعوا في ظل القصف وأظهروا عددًا كبيرًا من الأطفال والنساء ناقضين روايته”، وفق الشامي، في إشارة إلى مظاهرة خرجت الأحد 21 شباط الجاري تطالب بفك الحصار عن المدنيين، وعددهم 8300 مدني بحسب إحصائية المجلس المحلي.
ويتابع كرم “الآن يروج لخدعة جديدة، هي وجود النصرة في المدينة”، لكنه يؤكد “لواء شهداء الإسلام التابع للجبهة الجنوبية يغطي أكثر من 80% من جبهات المدينة، بينما يغطي الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام بقية الجبهات، 90% من المقاتلين هم من شباب المدينة وأبنائها والبقية مقاتلون سوريون من أبناء المناطق المجاورة”.
وأكد الناطق الرسمي باسم لواء شهداء الإسلام، سارية أبو عبيدة، في وقت سابق أنه “لا وجود للنصرة في داريا منذ بداية المعركة المستمرة منذ أربعة أعوام”، مضيفًا “يتوجب على الدول الراعية لوقف اطلاق النار أن تضبط هذه التصريحات غير المسؤولة من قبل النظام، لأنها تؤثر على عملية وقف إطلاق النار والحل السياسي بشكل كامل”.
الواقع الطبي يتدهور
أسامة أبو صهيب، إداري في المشفى الميداني في المدينة، يقول إن الواقع الطبي يزداد سوءًا كل يوم مع نفاد الكثير من الأدوية الأساسية وأدوية التخدير، موضحًا أن المشفى يعاني من غياب الكثير من المعدات والأجهزة المتخصصة بغسيل الكلية والمخبر، إضافة إلى نقصٍ حاد في أدوية الالتهاب والمسكنات، وأدوية الأمراض المزمنة.
وبحسب “أبو صهيب” فقد أدى النقص إلى وفاة قرابة 240 مريضًا منذ بداية الحصار، بينما أعلنت الصيدلية المركزية وفاة ماجد رجب، الذي يعاني من أمراض مزمنة (سكر وضغط) في اليوم الأول للهدنة، نتيجة نقص المواد الطبية، ليضاف إلى ثلاث ضحايا آخرين خلال الأيام القليلة الماضية.
نحو 150 مصابًا بحاجة لإتمام العلاج خارج المدينة، بحسب الإداري في المشفى، وخصوصًا المصابين بالشلل، والإصابات العصبية، والمصابين بإنتانات مزمنة.
“يا فرحة ما تمت”، يقول أبو شادي عليان من أهالي المدينة، والذي أصيب الأسبوع الماضي مع عائلته بجروح جراء سقوط برميل قرب منزله”، ويضيف “النظام ينوي قتل أهالي المدينة بالكامل، نساءً وأطفالًا وشيوخًا، ولن يبقي أحدًا ليشهد على جرائمه في المستقبل”.
ويختم حديثه “إلى أين يجب أن أذهب..؟ كل ما أريده أن أحافظ على حياة أطفالي فالبراميل لا تبقي حجرًا على حجر، ومنذ أكثر من شهر أحاول البحث عن ملجأ آمن بدلًا من منزلي المهدم دون جدوى”.
وشهد الأسبوع الماضي تكثيفًا للقصف والمعارك على تخوم المدينة، وقد انتهى يوم الجمعة بـ 76 برميلًا متفجرًا و14 صاروخ أرض-أرض، ومئات القذائف المدفعية والصاروخية توقفت قبل دقائق قليلة على بدء الهدنة، بحسب الناشط الإعلامي مهند أبو الزين، ما أسفر عن مقتل عشرة عناصر في الجيش الحر بينهم قياديان ميدانيان.
يتفاءل المدنيون بتوقف القصف في اليوم الأول لتنفيذ الاتفاق، لكنهم يأملون أن تستكمل الجهود لإيصال المساعدات والأدوية إليهم، بعد ثلاث سنوات عجاف.