اتفاق وقف إطلاق النار يبدأ والغارات تتوقف لأول مرة في سوريا

  • 2016/02/28
  • 3:33 ص
مقاتلان من فيلق الرحمن داخل مدينة عربين في الغوطة الشرقية - 26 شباط 2016 (AFP)

مقاتلان من فيلق الرحمن داخل مدينة عربين في الغوطة الشرقية - 26 شباط 2016 (AFP)

عنب بلدي – خاص

توقفت الغارات عن استهداف المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، بشكل شبه كامل، مع بدء وقف إطلاق النار، فجر السبت 27 شباط، وذلك لأول مرة منذ بدء العمليات العسكرية في سوريا، قبل أكثر من ثلاث سنوات.

وعاد الهدود إلى أكثر المناطق سخونة في سوريا، كحلب وغوطتي دمشق وأرياف إدلب وحماة، وسط خروقات متفرقة لوقف إطلاق النار، أكدها المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، الذي كرر عزمه استئناف “محادثات السلام” في السابع من آذار المقبل، مشترطًا “صمود اتفاق وقف الأعمال القتالية، وأن يتيح الفرصة لتسليم كميات أكبر من المساعدات الإنسانية”.

الخروقات شملت بلدات في إدلب وحمص وحماة وريف دمشق، لكنها صنفت على أنها “حوادث” ولم تستمر، في الوقت الذي ردت فيه المعارضة على عددٍ من محاولات التقدم لقوات الأسد في ريف دمشق بحسب جيش الإسلام، وفي جبل الأكراد باللاذقية، بحسب الناطق الرسمي باسم الفرقة الأولى الساحلية، فادي أحمد.

وزارة الدفاع الروسية: 70 طائرة تراقب تنفيذ الهدنة

ظهر أول يوم لبدء تنفيذ الاتفاق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، وقف طلعاتها الجوية في سوريا، التزامًا باتفاق “وقف الأعمال العدائية”، موضحةً أن تطبيق الهدنة جرى ضمن 48 منطقة في كل من حلب، وحماة، وحمص، ودمشق.

ولفتت وزارة الدفاع  إلى أن 70 طائرة بدون طيار تراقب وقف إطلاق النار، مؤكدةً أنها سلمت الولايات المتحدة، قوائم تشمل أسماء الجهات السورية المتضمنة في الاتفاق، وقالت إن ثلاث جماعات سورية مسلحة (لم تحددها)، التزمت باتفاق وقف الأعمال القتالية، بعد التنسيق مع مركز قاعدة حميميم في اللاذقية.

مركز التنسيق أنشئ داخل قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية، الثلاثاء 23 شباط، وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أنه “سيؤمّن التواصل بين الأطراف كافة وبين ممثلي السلطة السورية”، مشيرةً إلى أنه “بإمكان قوى المعارضة الملتزمة بوقف إطلاق النار التواصل مع المركز في أي وقت”.

وينص الاتفاق الأمريكي- الروسي، الذي أعلن عنه مساء الاثنين 22 شباط، على “وقف الأعمال العدائية” بين المعارضة وقوات الأسد، اعتبارًا من الساعة 00:00 من فجر السبت 27 شباط، وتشمل وقفًا لإطلاق النار، يستثني جبهة النصرة وتنظيم “الدولة” ومجموعات “إرهابية” تحددها الأمم المحددة.

الاتفاق خلف جدلًا بين ناشطين ومحللين سياسيين، حول كيفية التعامل مع جبهة النصرة، خاصة أن مقاتليها ينتشرون في مناطق مشتركة مع فصائل المعارضة كإدلب، وريف حماة، ومناطق أخرى كحي القابون في دمشق، بعد مبايعة فصيلين من “الحر” لـ”النصرة”، الأحد 21 شباط.

مجلس الأمن تبنى قرار الاتفاق بالإجماع تحت الفصل السادس (أي أنه ليس ملزمًا)، مساء الجمعة 26 شباط، قبل 40 دقيقة على الوقت المحدد لسريانه.

ودعا دي ميستورا للالتزام بشروط الاتفاق، مؤكدًا أن مدينة “داريا نقطة أساسية في العملية”، ردًا على تصريحات مسؤولين في النظام السوري، أفادت باستثنائها من وقف “الأعمال القتالية”.

الهيئة العليا ملتزمة لمدة أسبوعين بعد تفويض من 97 فصيلًا

وقبل يوم واحد من موعد بدء الاتفاق شكلت هيئة المعارضة العليا للمفاوضات، بتفويض من 97 فصيلًا معارضًا، لجنة عسكرية يترأسها المنسق العام للهيئة، رياض حجاب، لاتخاذ قرار فيما يتعلق بالهدنة.

وأكدت الهيئة خلال تصريح صحفي حول “الهدنة المؤقتة”، الجمعة، موافقة فصائل الجيش الحر والمعارضة المسلحة، على الالتزام بالهدنة، بدءًا من صباح السبت، على أن تستمر لمدة أسبوعين، لافتةً إلى “ضرورة” استيفاء الملاحظات التي أبدتها على مسودة مشروع الهدنة، وأرسلتها إلى الأمم المتحدة، وإلا ستعلن أن الهدنة “من طرف واحد”، وفق القوانين الدولية الناظمة لسير الهدن.

كما أنشأت الهيئة “جسدًا رقابيًا” لرصد خروقات الاتفاق، وتحديد الجهات المسؤولة عنها، إضافة إلى إبلاغ الجهات ذات الصلة، وقياس مستوى تحسن الوضع الإنساني خلال فترة الهدنة، “مع احتفاظ الفصائل بحق الدفاع عن نفسها ضد أي عدوان خارجي”.

المعارضة تحددثغراتالاتفاق الروسيالأمريكي

فجر الخميس 25 شباط، طرحت الهيئة العليا مذكرة تتضمن جملة من الملاحظات، “لتأكيد ضمان نجاح الهدنة”، مشيرةً إلى أن تطبيق بنود النص المطروح “مرهون بتنفيذ المتطلبات الجادة والفعالة لتحقيق الحماية اللازمة للمدنيين السوريين، وتهيئة الظروف المناسبة للسير في عملية سياسية وفق بيان جنيف عام 2012”.

وضمت المذكرة 17 ملاحظة، استغربت فيها الهيئة من أن تكون روسيا طرفًا مشاركًا للولايات المتحدة، في ضمان تنفيذ الهدنة، والتحقق من الالتزام بشروطها وفرض إجراءات الامتثال، “وهي في الوقت نفسه طرف أساسي في العمليات العدائية”، ودعت إلى إلزام موسكو بوقف “عملياتها العسكرية وشبه العسكرية في سوريا”.

مذكرة الهيئة اعتبرت أن الاتفاق “تجاهل دور روسيا وإيران في شن العمليات العدائية، وما ترتكبه من انتهاكات بحق الشعب السوري”، كما أنه “شرعن العمليات الروسية من خلال تخويلها الاستمرار باستهداف الجماعات الإرهابية، وفق تصنيف الأمم المتحدة، وكذلك النظام السوري”.

وتجاهل الاتفاق “حاجة المعارضة للدفاع عن نفسها، من اعتداءات الجماعات الإرهابية التي تستهدفها”، وفق الهيئة، التي وصفت البند الثاني من المادة الأولى للاتفاق، وينص على “تعهد الفصائل بالامتناع عن قتال جيش النظام أو أي قوى حليفة له”، بـ “الأمر الخطير”، لأنه يمنح الميليشيات الإرهابية التابعة لإيران، الشرعية التي تفتقدها، ولا يتيح للمعارضة حق الدفاع عن نفسها.

مطالب بآليات واضحةلا يمكن الخلاف عليها

ولم يتضمن الاتفاق تحديدًا واضحًا للأراضي التي لن تشملها الهدنة، إلا أن الهيئة طالبت بتحديد هذه الأراضي قبل سريان الاتفاق، “للتأكد من التزام القوات الروسية والإيرانية وقوات النظام بشروطها، ولتحديد إطار زمني واضح لسريانها أو انتهائها”.

كما طالبت بوضع آليات واضحة لإجراءات فرض امتثال جميع الأطراف، وضمان عدم خرق الهدنة، ووجود جهة محايدة تحظى بالمصداقية في تحديد المسؤولين، في حال خرق شروطها، لافتةً إلى أن الاتفاق “لم يتضمن إمكانية محاسبة النظام وروسيا في حال خرقهم الهدنة، واستغلالهم ذريعة قتال تنظيم الدولة وجبهة النصرة في ضرب قوات المعارضة”.

وختمت الهيئة مذكرتها مؤكدة على ضرورة أن تكون الالتزامات المفروضة في الهدنة “متوازنة وشاملة وملزمة لجميع الأطراف”، وأن تطبّق بصورة واضحة ومحددة، وفق آليات عمل لا يمكن الخلاف عليها مستقبلًا، من أجل ضمان نجاحها.

ووسط زحمة الاتفاقات والخطط، حدّد النظام السوري، الذي أعلن التزامه بالهدنة، موعدًا للانتخابات البرلمانية، في 13 نيسان المقبل، إلا أن الرد الروسي جاء سريعًا، وأكدت موسكو أن الانتخابات في سوريا، يجب أن تجري على أساس الاتفاق بين النظام السوري والمعارضة، بعد تبني دستور جديد للبلاد.

أمريكا تطرح خطة بديلة.. وروسيا تنفي

في جلسة عقدتها لجنة الشؤون الخارجية، في مجلس الشيوخ الأمريكي، غداة الإعلان عن خطة روسية أمريكية لاتفاق حول وقف إطلاق النار في سوريا، قال كيري إنه “إذا لم تتكشف عملية انتقال سياسي في سوريا، فهناك خيارات لخطة بديلة، يعتقد أنها تشمل العمل العسكري”.

وحدد وزير الخارجية الأمريكية فترة تقييم للاتفاق، موضحًا “سنعلم خلال شهر أو اثنين ما إذا كانت عملية الانتقال جادة، وسيتعين على الأسد اتخاذ بعض القرارات الحقيقية بشأن تشكيل عملية حكم انتقالي”.

كيري أكد أنه أبلغ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن الولايات المتحدة “لن تنتظر كثيرًا لترى ما إذا كانت موسكو جادة بشأن المحادثات على الانتقال السياسي”، بينما نفت وزارة الخارجية الروسية علم موسكو، بالخطة.

واعتبرت الوزارة أن “التطبيق العملي للاتفاق بدأ، ولا يجوز للجانب الأمريكي أن يفقد الأمل مسبقًا”، تزامنًا مع تصريح لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الخميس 25 شباط، وقال إنه لا توجد خطة بديلة لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، “ولن تكون”.

الشرق الأوسطتنقل تفاصيل الخطة الأمريكية البديلة

ورغم تصريحات وزير الخارجة الأمريكي حول الخطة، إلا أنه لم يكشف عن تفاصيلها، مكتفيًا بالتحذير “قد يكون من الصعب الحفاظ على وحدة سوريا إذا انتظرنا وقتًا أطول لإنهاء الحرب هناك”، إلا أن صحيفة الشرق الأوسط، نقلت، السبت 27 شباط، عن مسؤول في البيت الأبيض، تفاصيل الخطة.

وقال المسؤول الذي لم تذكر الصحيفة اسمه، إن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عقد عدة مناقشات داخلية بشأن الخيارات المتاحة، في حال فشل اتفاق وقف إطلاق النار، موضحًا أن الخطة البديلة تتضمن زيادة المساعدات والتدريب للقوات المحلية، وزيادة القوات الأمريكية الخاصة في سوريا.

خيارات أخرى تضمنتها الخطة “ب”، وفق المسؤول، وأوضح أنه من الممكن استعانة أمريكا بدول أخرى، “لزيادة الدعم اللوجستي بالسلاح، وإقامة منطقة حظر جوي أو منطقة آمنة للاجئين، لمنع النظام من استهداف المدنيين”.

الخطة “مازالت على الطاولة”، بحسب “الشرق الأوسط” ولفتت إلى أن خيار إقامة منطقة حظر جوي “سيكون مكلفًا للغاية ويشمل خطوات عسكرية معقدة ومكلفة”.

مقالات متعلقة

سياسة

المزيد من سياسة