تعيش فاطمة مع زوجها (52 عامًا) في مناطق سيطرة النظام بدير الزور، ويعاني كلاهما مرض السرطان، فهي مصابة بسرطان الغدة اللمفاوية، بينما يعاني زوجها عبد الله من سرطان الدم.
تحدثت فاطمة لعنب بلدي عن صعوبة التنقل من مدينتها إلى العاصمة دمشق، لتلقي جرعات العلاج الكيماوي مع زوجها، لعدم توفره في المحافظة.
وقالت السيدة، إن المشكلة ليست بتكلفة العلاج، لأن مستشفى “البيروني” في دمشق يقدمه مجانًا، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في تكاليف السفر التي تتجاوز قدرة زوجها، والذي كان يعمل حدادًا قبل المرض، وبدأ ببيع الخضار أمام منزلهما لاحقًا.
تصل تكلفة الطريق فقط إلى 100 ألف ليرة سورية، ومع مصاريف الإقامة والتنقل داخل العاصمة، تصل التكلفة إلى مليون ليرة في بعض الأحيان (نحو 70 دولارًا).
وقد تطول الإقامة لشهر أو أكثر، حسب عدد الجرعات التي يحددها المستشفى لهما، والتي تكون على فترات قريبة ومتفاوتة، حسب فاطمة.
وعن تأمين تكاليف السفر والإقامة قالت فاطمة، إن أقاربهما و”أهل الخير” هم من يجمعون المبلغ لمساعدتهما.
أما عن أبنائها فقالت، إن لها ابنًا وحيدًا يعيش في تركيا يرسل بعض النقود، لكن بشكل متقطع لصعوبة الظروف المعيشية هناك أيضًا.
وأضافت فاطمة، أنها وزوجها بدآ يتحسنان بعد الجرعات، لكن يترتب عليهما مراجعة المستشفى في العاصمة كل ستة أشهر، للتأكد من عدم انتشار المرض.
مساندة الأقارب والمحسنين
أقامت نور (اسم مستعار لأسباب أمنية)، وهي سيدة في منتصف العمر، حفل زفاف لابنها الوحيد، بعد أن أخبرها الطبيب بانتشار الورم في حلقها.
وفي حديثها لعنب بلدي، قالت إنها تود أن تفرح به قبل أن “تتأزم حالتها الصحية أكثر”، لذا عجلت من مسألة زواجه.
وتحدثت عن مرضها قائلة، “كنت أشعر بألم في الحلق، لذا أخذت حبوب التهاب لمعالجة الألم، لكن دون جدوى”.
وتوجهت لاحقًا إلى دمشق لإجراء فحص طبي، فأخبرها الطبيب عن وجود ورم سرطاني كبير في حلقها.
وهنا بدأت مرحلة العلاج التي أخذت منها أكثر من استطاعتها، فإلى جانب الإرهاق الذي يسببه المرض لجسدها، توجد مصاريف وتكاليف “لا تستطيع تحملها”.
وقالت نور، إن زوجها يعمل موظفًا في البلدية، وإن راتبه “لا يسد الحاجة”، وفي بداية مرضها كان عليها أن تتلقى إبرًا قبل البدء بالعلاج الكيماوي، تكلفة الإبرة الواحدة تصل إلى 350 ألف ليرة، ولا يتكفل بها المستشفى.
تدبرت نور النقود من أقاربها، الذين ساندوها في محنتها حسب قولها، ومن المحسنين من “أهل الخير”، لتدفع ثمن ثلاث إبر، وحلت مشكلة الإقامة باستضافة أقاربها لها.
وتابعت، أن الأطباء أخبروها عن ضرورة البقاء في المستشفى والبدء بالعلاج الكيماوي، بعد أن أخذت سبع جرعات لم تمنع الكتلة من التمدد والتضخم.
ويبلغ الحد الأدنى لرواتب الموظفين في مناطق سيطرة النظام السوري بعد الزيادة آخر زيادة إلى 186 ألف ليرة سورية، ما يقابل تقريبًا 13.9 دولار أمريكي فقط.
قلة الخدمات
وعلى الرغم من كون محافظة دير الزور منطقة نفطية وتجري فيها عمليات استخراج النفط، إلا أن المنطقة بقيت تفتقر لمراكز علاج السرطان حتى عام 2022، حيث افتتحت جمعية الأمل مركزًا في المدينة.
وبحسب فاطمة ونور، فإن منطقة دير الزور تفتقر إلى أطباء أو مراكز تهتم بالمصابين بهذا المرض، لذا اضطرتا للسفر و”تحمل كلفة أتعابه”.
وفي حالة نور، لم تعرف بمرضها إلا بعد أن ذهبت إلى دمشق، بالرغم من زيارتها الطبيب ومعاينة الحالة أكثر من مرة.
وتعد الانبعاثات الناتجة عن عمليات استخراج النفط والغاز من بين المصادر الرئيسة لتلوث الهواء في البيئات والمجتمعات التي توجد وتعمل فيها هذه المرافق، حسب “المكتبة الوطنية للطب” (NIH).
وتشمل المصادر المحتملة للتلوث المعادن الثقيلة و”الهيدروكربونات” مثل البنزين، واستخدام “الأسبستوس” المصنفة كمواد مسرطنة من المجموعة الأولى من قبل “الوكالة الدولية لأبحاث السرطان” (IARC).
هذه المواد تسبب ورم “الظهارة المتوسطة” (هو سرطان الخلايا التي تغطي الجزء الخارجي من الرئة وجدار الصدر الداخل) وسرطان الرئة والحنجرة والمبيض.
مركز “الأمل” لمعالجة الأورام
افتتحت جمعية “الأمل”، العام الماضي، مركزًا لمعالجة الأورام السرطانية في محافظة دير الزور، بدعم من “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” (UNHCR) وبالتعاون مع “الجمعية السورية للتنمية”.
وذكر أحد المراجعين، التقته عنب بلدي، أن الجمعية تستقبل فقط المرضى الذين لا يملكون مراجعات في محافظة دمشق، ولم يتلقوا من قبل جرعات هناك.
وذكر المراجع أن الجميعة أبلغته بأنه يجب على المرضى أن يأتوا مباشرةً للمركز، ومن جانبه يرسلهم إلى مشفى الأسد أو لمخبر أو لعيادة خاصة لإجراء التحاليل إن لزم الأمر.
ويتكفل المركز بدفع تكاليف المراجعة للمرضى من جميع الأعمار، أما بالنسبة للجرعات تكون مجانية للأطفال من عمر الولادة حتى سن الـ18، ومدفوعة للبالغين.
ويحتوي المركز على كامل الخدمات ما عدا جلسات العلاج الإشعاعي، إذ يضطر الناس حينها للسفر خارجًا.
تقرير نشرته “منظمة الصحة العالمي” (WHO) في شباط 2018، ذكرت فيه أن شخصًا من بين ألف يتم تشخيصه كل عام بالسرطان، ويمثل الأطفال نسبة 10% من العدد الإجمالي للحالات، حسب تقديرات السجل السوري للسرطان.
ويشكل سرطان الثدي 30% من حالات السرطان بين النساء، يليه سرطان القولون والمستقيم وسرطان الدم، يتم تشخيص سرطان الرئة بشكل شائع عند الذكور، يليه سرطان القولون والمستقيم والبروستاتا.
اقرأ أيضًا: عجز في علاج السرطان بالحسكة.. “الإدارة” تبدأ متأخرة