يصر أحمد على مواصلة عمله في جلي وصقل وتلميع الرخام، والاستمرار بالمهنة التي ورثها عن أبيه رغم تراجع عمله كثيرًا، عدا عن تدني الأجر الذي يتقاضاه.
يبحث أحمد الذي ورث المهنة عن والده منذ 33 عامًا عن عقد عمل في خارج سوريا منذ أشهر، بسبب تراجع عمله وعدم العمل من قبل كثيرين بأصول المهنة، وعدم بحث الزبائن عن التميز والجودة.
تراجع أعمال البناء وكثرة الأيدي العاملة وبحث المقاولين ومتعهدي البناء عن الأجور القليلة عن طريق عروض المناقصات على حساب جودة العمل وإتقانه، أرغم متقني هذه المهن على العمل بشروط لا تناسب خبرتهم، ودفع ببعضهم إلى ترك هذه المهن، بينما قبل آخرون بالعمل وفق هذه الشروط.
وآثر عدد من العاملين في هذه المهنة الهجرة إلى دول الخليج العربي بحثًا عن فرص عمل أفضل، بينما فضل آخرون البقاء رغم المعاناة في البحث عن فرص عمل، نتيجة تراجع أعمال البناء في الشمال السوري.
“العمل التجاري” يضر بالسمعة
استطاع أحمد البنشي وهو من مدينة سرمين شرقي إدلب، من خلال خبرته الطويلة، كسب سمعة جيدة تمنعه من العمل بجودة منخفضة بعيدًا عن تطبيق أصول المهنة التي ورثها.
وقال أحمد لعنب بلدي، إن أهالي سرمين يتميزون بمهنة جلي “البلاط” ويعود سبب هذه الشهرة إلى أن الحياة الزراعية في القرية وقلة فرص العمل أرغمت الشباب منذ عشرات السنين على السفر للبحث عن فرص عمل.
وذكر أن معظم شباب سرمين هاجروا إلى لبنان وعملوا في مهنة جلي “البلاط” وأتقنوها وفق المعايير الأوروبية، ونقلوا هذه المهنة إلى سوريا وعلموها لإخوتهم وأبنائهم، مقدرًا نسبة العاملين في هذه المهنة بـ70%، بمن فيهم أطباء ومهندسون ومعلمون في أثناء دراستهم الجامعية.
يشير مصطلح “العمل التجاري” إلى الأعمال التي تعنى بالمظهر أكثر من الجودة بهدف تقليل المصاريف، ما يؤدي إلى أرباح أعلى.
ويرفض أصحاب المهن العمل بهذه الشروط التي تضر بسمعتهم ويصرون على العمل بإتقان ما يجعل فرصهم بالعمل ضعيفة.
ويمتلك أحمد 13 آلة جلي “بلاط”، منها عشر صناعة سورية وثلاث آلات صناعة إيطالية، ولا يستعمل حاليًا في عمله سوى اثنتين بسبب قلة العمل، وعدم الحاجة لأجهزة حديثة لاستخدام مواد بناء بجودة منخفضة.
علاء عثمان يعمل في جلي “البلاط” قال لعنب بلدي، إن المهندسين والمقاولين يبحثون عن الأجور الأقل ويعرضون المناقصات ويمنحون العمل لصاحب العرض الأقل سعرًا، وهذا ما يبعد الجودة والحرفية عن العمل.
وأضاف علاء أن أجور تلميع الرخام كانت تتراوح بين 3.5 و4 دولارات أمريكية (112 ليرة تركية) للمتر المربع أما اليوم فلا تزيد على دولار واحد، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية المستخدمة في العمل كأحجار التلميع.
وبحسب علاء، يرفض أصحاب المهن من ذوي السمعة الجيدة العمل وفق هذه الشروط، ما فتح المجال أمام العاملين بهذه المهن دون خبرات والذين يقبلون العمل وفق أي شورط، لافتًا إلى أن “العمل التجاري” وإن كان يصب في مصلحة التاجر لكنه يضر بشكل كبير بالزبون في المستقبل.
اقرأ أيضًا: التسوق الإلكتروني يوفر فرص عمل ويرفع المبيعات في إدلب
–