سين وجيم وتأتأة وفخار

  • 2023/10/29
  • 11:55 ص
خطيب بدلة

خطيب بدلة

خطيب بدلة

سألته: هل أنت موافق على ما جرى في عاصمة بلجيكا، عندما قَتل مسلح داعشي رجلين مدنيين سويديين؟ قال متأتئًا: آ؟ لا، لا، أنا لا أوافق على قتل المدنيين. قلت: إذا دعيت للمشاركة في مظاهرة شجب لهذا العمل، هل تشارك؟ قال: لا دخيلك، أنا شو دخلني؟ فخار يكسر بعضه.

يستخدم العربي المسلم عبارة “فخار يكسر بعضه” عدة مرات في اليوم الواحد، وبالأخص عندما يُطلب منه شيء لا يريد أن يفعله، أو موقف لا يحب أن يقفه. وقد طبق غالبية العرب والمسلمين هذا الشعار اللامبالي مرارًا خلال عشرات السنين الماضية، لأنهم، ببساطة، يرون أن الناس الذين وقع عليهم العقاب يستحقونه! يعني، بصراحة، السويديون، قانونهم ديمقراطي إلى درجة أنه أعطى الحق لشخص عراقي في أن يحرق قرآننا، فأين المشكلة إذا قُتل منهم اثنان؟ نعم، ولا يوجد مشكلة في أن يقتل ذلك الشيشاني المدرس الفرنسي الذي كان يحكي عن رسوم “شارلي إيبدو”، فتلك الرسوم أساءت لنبينا، والـ4000 مدني الذين قُتلوا في برج التجارة العالمي سنة 2001، يستحقون القتل، لأن دولتهم تساند إسرائيل التي تغتصب أرضنا، وتمنعنا من إقامة الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج.

  • عظيم. أنت، إذن، تؤيد قتل المدنيين، فكيف نفيت ذلك في البداية؟
  • آ؟ عفوًا؟ لا لا، المسألة ليست مسألة تأييد، بل هي مسألة حقوق، فلو أنني سايرتك، وأبديت استعدادي للتظاهر واستنكار تلك الأعمال، لتماديت وطلبت مني أن أعارض العمل المقاوم العظيم الذي قامت به مجموعة “القسام” التابعة لـ”حماس” في إسرائيل التي تحتل أراضينا.

وهكذا، يا سيدي الكريم، تُصنع المغالطات الكبرى التي تعمل، بشكل يومي، على تجهيل الناس، وتزييف وعيهم، وبدلًا من أن تتحرك مجموعات بشرية، وتعبر عن رفضها لقتل المدنيين عمومًا، رأينا أناسًا يحتفلون بهذه الأعمال، ويوزعون الحلويات في الشارع، وفي إدلب، رفع بعض المتظاهرين صورة الشيشاني الذي قتل المدرس على أنه بطل، وعندما قامت إسرائيل بما هو متوقع، وبدأت تقصف قطاع غزة، قامت قيامتنا ونحن نتظاهر، في كل مكان، ونشجب قتل المدنيين، ونستنكر هذا العدوان الغاشم، لم ننتظر أن يدعونا أحد للخروج إلى الشوارع، ولم نتريث، أو نفكر، أو نتأتئ، بل خرجنا بشكل غريزي، مثلما حصل في مدينة مالمو السويدية، لا لنحتج على حرق قرآننا، بل لنكسر سيارات الشرطة، ونحرق واجهات المحال، ورحنا ننتقد الديمقراطية الألمانية (المزيفة)، التي وصل بها الأمر إلى تصنيف “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) في خانة الإرهاب، ودعم إسرائيل على نحو غير محدود، وفي برلين، أيضًا، غضبنا، وخرجنا دون ترخيص، واعتدينا على الممتلكات، وجرحنا 65 شرطيًا، لأنهم كانوا يمنعوننا من ممارسة حقنا في دعم “حماس”، والإشادة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعمل على تحرير المسجد الأقصى.

قلت له: ولكنكم، قبل عملية “حماس”، كنتم تتذمرون من إيران، وتتحدثون عن المشروع الاستعماري الفارسي الصفوي، وأن حكام إيران مجوس، شيعة، روافض، يحكون بالعاطل على صحابة النبي، ويطعنون في أم المؤمنين.

  • آ؟ عفوًا، شو قلت؟!

مقالات متعلقة

  1. “فخار يكسر بعضه”
  2. هات لحيتك والحق عصام
  3. من يستفيد من الدواعش؟
  4. متى تستدرك المعارضة؟

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي