د. أكرم خولاني
بعد أن تعرفنا في العدد الماضي على داء الحصيات البولية، وأعراض الإصابة به، وتعرفنا على أنواع هذه الحصيات وأسباب تشكلها، لا بد لنا أن نستعرض طرق تشخيص الإصابة، وكيفية العلاج والوقاية، عسى أن نعطي فكرة عن هذه الأمور بما يحقق الفائدة لمتابعينا.
يعتمد التشخيص بالدرجة الأولى على القصة السريرية المفصلة، والفحص السريري الدقيق، حيث يحدث إيلام عند الضغط على نقاط معينة في البطن (نقاط ألمية كلوية – حالبية)، مع ألم عند الضرب الخفيف على الخاصرتين (الرج القطني)، وممكن جس كلية كبيرة مستسقية، وعلامات خذل معوي وانتفاخ بالبطن.
بعض الفحوص المخبرية والشعاعية
- تحليل بول، للتحري عن وجود كريات بيض (قيحية)، وعن وجود الدم، وعن وجود نسب مرتفعة من المواد الكيميائية التي يمكن أن تسبب تشكل الحصيات البولية، وكذلك درجة حموضة البول PH.
- الصورة الشعاعية البسيطة للبطن، وتكشف الحصيات الظليلة على الأشعة وهي الحصيات التي تحتوي الكالسيوم والحصيات الإنتانية، بينما لا تظهر حصيات حمض البول وحصيات السيستين.
- إيكو البطن والحوض، لدراسة الكليتين وكشف وجود استسقاء أو حصيات فيهما، وكذلك لكشف حصاة أسفل الحالب.
- الطبقي المحوري بدون حقن، ويعتبر الخيار الأفضل لدراسة مريض القولنج الكلوي، حيث يقدم صورة واضحة عن أعضاء الجهاز البولي ويكشف وجود الحصيات وشكلها وحجمها وموقعها بدقة.
- التصوير الظليل للجهاز البولي، ويعطي معلومات مفصلة عن تشريح الجهاز البولي العلوي، ويؤكد وجود الحصاة وموقعها، ولكن هذا الإجراء يتطلب خبرة خاصة لدى فني الأشعة وسلامة الوظيفة الكلوية عند المريض.
ما طرق العلاج؟
تتوافر علاجات كثيرة لداء الحصيات البولية، ويمكن أن يختار الطبيب الطريقة الأنسب تبعًا للأعراض التي يعاني منها المريض، وكذلك لحجم الحصاة وموقعها.
ففي حالة الداء الحصوي الحاد (القولنج الكلوي) يتم اللجوء إلى تسكين الألم باستخدام حقن مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية (مثل ديكلوفيناك)، ومضادات التشنج الأتروبينية (مثل سباسمافرين)، ومضادات الإقياء (مثل ميتكلوبراميد)، وقد يعطى المورفين في حال الألم الشديد.
ثم يتم إجراء الفحوص المخبرية والشعاعية، وبناء عليها يمكن أن يقرر الطبيب الانتظار بعض الوقت حتى يرى ما إذا كانت الحصاة يمكن أن تخرج من تلقاء ذاتها، إذ إن أغلب الحصيات تمر عفويًا خلال ستة أسابيع من بدء ظهور الأعراض، ومن الإجراءات المحافظة التي يمكن أن تساعد في المرور العفوي للحصيات دون الحاجة لأي تداخلات أخرى:
- زيادة الإدرار البولي وذلك من خلال الإكثار من شرب السوائل (حتى ثلاثة ليترات في اليوم).
- معالجة الإنتانات البولية وخاصة المزمنة باستخدام المضادات الحيوية المناسبة بالاعتماد على اختبار الزرع والتحسس.
- إعطاء أدوية تعمل على تغيير التركيب الكيميائي للبول بما يساعد على ذوبان الحَصيات، فيتم تخفيض حموضة البول (قلونة البول) باستخدام بيكربونات الصوديوم أو سيترات البوتاسيوم وذلك عند مريض حصيات حمض البول وحصيات السيستين، أو زيادة حموضة البول (تحميض البول) باستخدام الهيماسيدرين عند مريض الحصيات الإنتانية، لكن هذا العلاج يستغرق وقتًا طويلًا.
وفي حال إحداث الحصيات لانسداد في الطرق المفرغة للبول فقد تغدو هذه الإمراضية مهددة للحياة، خاصة إذا ترافق الانسداد مع إنتان، ولذلك لابد من إزالته، ومن الوسائل غير الجراحية المستخدمة لذلك: قثطرة DJ، تفميم الكلية عبر الجلد، تفميم المثانة عبر الجلد.
وهناك حالات تكون فيها الحصيات كبيرة، وهذه الحالات لا تستجيب للعلاج العادي، وإنما تحتاج لعملية تفتيت الحصيات، وتعرف هذه العملية بعملية التفتيت بالموجات الصوتية الصادمة، وتتم من خارج الجسم باستخدام جهاز خاص يقوم بتوجيه الموجات إلى الحصاة فتتفتت ويصبح خروج أجزائها مع البول أسهل.
ولا يحتاج المريض للبقاء في المشفى، ويجب تشجيع المريض على الحركة النشيطة والإكثار من السوائل بعد جلسة التفتيت، ويمكن أن يحتاج الأمر لتكرار جلسة التفتيت عدة مرات، ومن اختلاطات التفتيت:
- الكدمات والحروق الجلدية.
- الألم البطني.
- النزف ضمن أو حول الكلية.
- اضطرابات النظم القلبية.
- البيلة الدموية العيانية أو المجهرية.
- بالإضافة لعبء التخلص من نواتج الحصيات المفتتة.
فإذا لم يكن العلاج بالموجات الصادمة مجديًا، كوجود مضاد استطباب، أو أن الحصاة قاسية جدًا، يمكن القيام باستخراج الحصاة بتنظير الإحليل، حيث يقوم الطبيب بإدخال المنظار إلى الحالب عبر الإحليل والمثانة، ثم يستخرج الحصاة عند الوصول إليها، ولا حاجة إلى إقامة المريض في المشفى عند استخدام هذه الطريقة، إنما يعود إلى المنزل في اليوم نفسه.
وعندما تكون الحصاة كبيرة جدًا ولا يمكن استخراجها بالمنظار، يمكن تفتيتها إلى قطع صغيرة باستخدام مفتتات خاصة من خلال منظار الحالب نفسه.
وفي بعض الحالات يكون استخراج الحصاة بالطرق السابقة غير ممكن، وهنا يتم اللجوء إلى الطريقة التقليدية لاستخراج الحصيات جراحيًا، وتستطب هذه الطريقة في حصيات الكلية كبيرة الحجم، وحصيات قرن الوعل في الحويضة التي لم ينجح تفتيتها، وكذلك حصيات الحالب والمثانة العالقة منذ فترة طويلة والتي لم ينجح استخراجها بالتنظير أو بالتفتيت.
ما طرق الوقاية من الإصابة بداء الحصيات البولية أو تكرار تشكلها؟
ينصح الناس بشكل عام، المصابين بالحصيات البولية والسليمين أيضًا، بشرب السوائل بكثرة، أي أكثر من عشرة كؤوس كبيرة من الماء في اليوم، لأن تدفق البول المتكرر يمنع تكدس البلورات ويقلل من الركودة البولية ويخفف نسبة الإنتانات البولية، ويقلل بالتالي احتمال تشكل الحصيات.
وبالنسبة للمصابين بداء الحصيات البولية لا بد من إجراء علاج وقائي بعد التخلص من الحصيات لمنع النكس، ولهذا يجب إجراء تقييم استقلابي جهازي عند كل مريض للمساعدة على توجيه التشخيص والعلاج، ومن أهم إجراءات التقييم الاستقلابي جمع بول 24 ساعة وتحديد حجم البول و PH البول وإجراء عيار الكالسيوم وحمض البول والأوكزالات والسيترات والصوديوم، وتبعًا لنتائج الجمع يمكن توجيه المريض نحو الأغذية والأدوية المناسبة.
فيتم تعديل النظام الغذائي بما يقلل من فرص تشكل الحصيات، لذلك، على المرضى الذين لديهم حصيات كلسية أن يقللوا من تناول الحليب ومشتقاته، وعلى المرضى الذين يعانون من حصيات الأوكزالات أن يقللوا من تناول المياه الغازية والشوكولا والمكسرات، وعلى المرضى الذين يعانون من حصيات حمض البول أن يقللوا من تناول اللحم الأحمر والسمك والبقول، وعلى المرضى الذين يعانون من حصيات السيستين أن يقللوا من تناول السمك.
ويمكن إعطاء المريض بعض الأدوية التي تعمل على تغيير التركيب الكيميائي للبول بحسب تركيب الحصيات عنده بما يقلل من قدرة البول على تشكيل هذه الحصيات، كما ذكرنا في فقرة العلاج أعلاه.