دير الزور – عبادة الشيخ
بعد نحو شهر على انتهاء تقديم طلبات مسابقة تعيين معلمين جدد في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، لم يُعلَن حتى الآن عن نتائج المسابقة، ما ترك أثرًا سلبيًا على العملية التعليمية بمناطق دير الزور على وجه الخصوص، فيما تتذرع السلطات بأسباب مالية وتقنية.
أعلنت “هيئة التربية والتعليم” في “الإدارة الذاتية” عن مسابقة لتعيين معلمين جدد، مطلع أيلول الماضي، من حملة الإجازات الجامعية والمعاهد في أقسام العلوم، واشترطت ألا يتجاوز سن المتقدم 45 عامًا، وأن يكون تقديم الطلب خلال مدة تسعة أيام انتهت في 21 من أيلول الماضي.
ما الأسباب؟
أحد المتقدمين للمسابقة، مجد (طلب عدم ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إنه يحمل شهادة معهد رياضي، وعند الإعلان عن المسابقة قدم أوراقه، لكنه لا يزال بانتظار نتائج التعيين.
ووفق تجاربه السابقة في التقديم لمؤسسات “الإدارة الذاتية”، توقع مجد أن تكون المسابقة “مُعدّة لأشخاص محددين”، إذ طلب منه أحد أعضاء لجنة المالية العامة التابعة لـ”الإدارة الذاتية” مبلغ 400 دولار مقابل التوسط لتعيينه بشكل مباشر، وهو ما رفضه.
مسؤولة في لجنة “التربية والتعليم”، قالت لعنب بلدي، إن المسابقة كان من المفترض أن تبدأ قبل انطلاق العام الدراسي الحالي، ولكن أُعلن عنها مع انتفاضة العشائر في محاولة “لامتصاص غضب الشارع”.
وتقدم المئات من أبناء ريف دير الزور من حملة الشهادات الجامعية والمعاهد وحتى الشهادات الثانوية.
وأضافت المسؤولة أن الهيئة العامة للمالية في “الإدارة الذاتية” رفضت فتح اعتمادات مالية لمعلمين جدد في دير الزور، لكنها ليست حالة خاصة، وإنما أغلب القطاعات تعاني مشكلات تمويلية رغم الحاجة الماسة لتعيين موظفين فيها، وفق المسؤولة.
وأشارت المسؤولة إلى أن “مجلس دير الزور المدني” التابع لـ”الإدارة الذاتية” رفض تخصيص اعتمادات مالية للمسابقة، لعدم “اقتناعه بحاجة ريف دير الزور لتعيين معلمين جدد”، إضافة إلى تأثير الأحداث الأخيرة في إيقاف الاعتمادات المالية التي تخص التربية وغيرها.
وشهدت مناطق واسعة تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في دير الزور مواجهات مسلحة بين مقاتلين محليين من أبناء العشائر في المحافظة و”قسد”، في 28 من آب الماضي، إثر اعتقال الأخيرة قائد “مجلس دير الزور العسكري” التابع لها، أحمد الخبيل (أبو خولة)، سيطر خلالها المقاتلون المحليون على قرى وبلدات في المنطقة، ثم تمكنت “قسد” من اقتحامها لاحقًا.
ويشهد ريف دير الزور واقعًا تعليميًا سيئًا منذ عدة أعوام بسبب قلة الدعم، كما شهد العام الماضي إضرابات في مناطق متفرقة رفضًا للمنهاج الذي فرضته “هيئة التربية والتعليم”، واحتجاجات أخرى بسبب الرواتب المنخفضة.
وكانت “الإدارة الذاتية” أصدرت، في أيلول 2022، قرارًا بإدراج مادة التربية الدينية الإسلامية، والمسيحية، والإيزيدية، في كل من مدارس الرقة والطبقة ودير الزور، بدءًا من الصف الرابع الابتدائي حتى التاسع الإعدادي، وهو ما عدّه سكان المنطقة “مخالفًا للدين والعادات”.
وطالبت بعض هذه الإضرابات بإقالة “هيئة التربية والتعليم” في دير الزور، وإعادة هيكلتها باعتبارها لا تعبر عن أهالي ومعلمي وطلاب دير الزور.
وبررت مسؤولة في مجمع “البصيرة” التابع لـ”هيئة التربية والتعليم” في ريف دير الزور لعنب بلدي، موقف “الادارة” حول تأخر تعيين المعلمين، بأن سبب التأخير هو “تدقيق شهادات المتقدمين بسبب وجود شهادات مزورة بأعداد كبيرة، ما أجبر (هيئة التربية) على التأخر، لكشف الشهادات والإبقاء على أصحاب الكفاءة”.
وضع تعليمي متداعٍ
صرح الإداري في “هيئة التربية والتعليم” مظلوم هسام، أن “الإدارة الذاتية” تقف إلى جانب المعلمين وتوظفهم وسط التهجير والظروف المعيشة الصعبة، مضيفًا أن التحدي الأكبر هو “تحقيق الاعتراف الدولي والرسمي بشهادات (الإدارة الذاتية) التي نعمل عليها بجد”.
مع بدء الطلاب في شمال شرقي سوريا بالتوافد لبدء عام دراسي جديد، تأخر افتتاح المدارس في ريف دير الزور الشرقي لنحو أسبوعين بسبب التوترات الأمنية والمواجهات المسلحة التي لا يزال صداها يتردد في أرجاء من الشرق السوري.
وعلى وقع المواجهات، انقطعت معظم الخدمات عن المنطقة، وبدأت عودتها بشكل تدريجي منذ منتصف أيلول الماضي.
ووفقًا لأحدث إحصائية صادرة عن “هيئة التربية والتعليم”، بلغ عدد الطلاب المتوقع التحاقهم بالمدارس نحو 864 ألف طالب وطالبة، تحت إشراف ورعاية أكثر من 43 ألف معلم ومعلمة.
وكانت أحدث مسابقة تعيين معلمين جرت في ريف دير الزور عام 2021، بحسب مسؤولة اتحاد المعلمين في ريف دير الزور، ريم (رفضت ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية)، التي أفادت عنب بلدي أن المنطقة بحاجة إلى تعيين معلمين جدد لسد الفاقد التعليمي الذي خلّفه تنظيم “الدولة الإسلامية” خلال سنوات سيطرته على المنطقة.