نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا اليوم، 26 من تشرين الأول، تؤكد من خلاله أن الضربات التركية التي طالت مناطق شمال شرقي سوريا أدت إلى تدمير البنية التحتية الحيوية وتعطيل وصول المياه والكهرباء عن ملايين الأشخاص في المنطقة.
وطالبت المنظمة تركيا بإيقاف استهداف البنية التحتية، بما في ذلك محطات الطاقة والمياه في شمال شرق سوريا بشكل عاجل، إذ أدت غارات الطائرات من دون طيار التي شنتها القوات التركية بين 5 و10 من تشرين الأول على المناطق إلى انقطاع المياه والكهرباء عن السكان.
وأدان نائب مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، آدم كوجل، الهجوم التركي معتبرًا أن أنقرة باستهدافها محطات الطاقة والمياه استهزأت بمسؤوليتها عن ضمان أن أعمالها العسكرية لن تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.
وقال كوجل، إن المقيمين في مدينة الحسكة والمناطق المحيطة بها يواجهون أزمة مياه حادة على مدى السنوات الأربع الماضية، ويجب عليهم أن يتحملوا القصف المتزايد، مما يؤدي إلى تفاقم أوضاعهم والمحاولة من أجل الحصول على إمدادات المياه الأساسية.
وبحسب قوانين الحرب، يجب على تركيا وغيرها من أطراف النزاع المسلح عدم مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو جعل المنشآت التي لا غنى عنها للأشخاص المدنيين على قيد العمل دون تعطيلها، وفقًا للتقرير.
ولم تعلق أنقرة حتى لحظة إعداد هذا التقرير على ما وثقته منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
ودعا منتدى المنظمات غير الحكومية في شمال شرقي سوريا، في 5 من تشرين الأول، جميع أطراف النزاع إلى الوقف الفوري لجميع الأعمال العدائية في المنطقة الذي أثر بشكل كبير على حياة المدنيين والبنية التحتية.
وأكدت في تقريرها ضرورة وقف العمليات لمتابعة المنظمات أعمالها بإيصال المساعدات إلى الأشخاص، إذ أن زيادة وتيرة القصف قيد أنشطتها من الروتينية إلى أنشطة إنقاذ الحياة والرعاية الصحية الأولية.
حجم الأضرار
أدى استهداف أكثر من 150 موقعًا في شمال شرقي سوريا في الحسكة والرقة وحلب أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص بينهم مدنيون وألحق أضرارًا بالمباني المدنية.
ونقل التقرير عن “الإدارة الذاتية” الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الناجمة عن الهجمات من القوات التركية على المنطقة في الفترة ما بين 5 و10 من تشرين الأول، إذ أثرت على أكثر من أربعة ملايين شخص يقيمون في شمال شرق سوريا.
استهدفت العمليات العسكرية ما لا يقل عن 18 محطة لضخ المياه في منطقة الجزيرة نتيجة انقطاع الكهرباء عنهم والاستهداف ليخرجوا عن الخدمة ومن بينهم محطة “علوك” الاستراتيجية بالنسبة للحسكة وريفها، بحسب تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
وتوقف ضخ المياه في محطة “علوك” الواقعة شرقي رأس العين في محافظة الحسكة بسبب انقطاع الكهرباء عنها، وذلك إثر استهداف محطة كهرباء منطقة عامودا والتي يتم من خلالها تغذية محطة “الدرباسية” وآبار محطة مياه “علوك” بالتيار الكهربائي.
وتعتبر محطة “علوك” المصدر الرئيس للمياه في مدينة الحسكة وريفها إذ تغذي حوالي 460 ألف نسمة في مدينة الحسكة وتل تمر ومخيمي “الهول” و”العريشة”.
وخرجت 11 محطة كهرباء عن الخدمة، في مناطق الحسكة وعامودا ورميلان وتربسبية وقامشلو والدرباسية وأريافهم، بحسب بيان للإدارة الذاتية.
وتشمل مرافق الطاقة الكهربائية المستهدفة محطة كهرباء “السويدية”، وهي مصدر للكهرباء يخدم أكثر من مليون شخص، ومحطة نقل الكهرباء في شمال القامشلي التي تدعم 40 ألف عائلة، مما يؤدي إلى انقطاع كامل لخدمات الإمدادات اعتبارًا من 18 من تشرين الأول الحالي.
وبقيت كل من محطة تحويل “السد الغربي” في الحسكة التي تخدم أكثر من 20 ألف عائلة ومحطة تحويل “عامودا” التي تقدم الخدمات لـ30 ألف عائلة معطلة حتى 18 من تشرين الأول.
وأشار بيان نشرته “الإدارة الذاتية” عبر موقعها الرسمي إلى أن القوات التركية نفذت 580 ضربة جوية وبرية ما بين 5 حتى 9 من تشرين الأول ما سبب بمقتل 44 شخصًا وإصابة 55 شخصًا بينهم مدنيين وأطفال.
سبب التصعيد التركي
وبدأت العمليات العسكرية التركية ضد مواقع سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على خلفية الانفجار الذي استهدف مديرية الأمن بالعاصمة التركية أنقرة في 1 من تشرين الأول، إذ خلف الهجوم إصابة اثنين من قوات الأمن التركية بجروح طفيفة بحسب ما نشر وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، في حسابه الرسمي عبر “اكس“.
وأعلنت وزارة الداخلية التركية بعد أيام عن هوية منفذي الهجوم وكان أحد المهاجمين هو حسن أوغوز، الملقب بـ”كانيفار إردال”، وهو عضو في أحد فروع “اتحاد منظمات كردستان” (KCK)، الذي تنبثق عنه أحزاب مسلحة منها “العمال الكردستاني”.
بينما تبين أن المهاجم الثاني هو أوزكان شاهين، وهو عضو في المنظمة نفسها، بحسب بيان الداخلية التركية.
وكان حزب “العمال الكردستاني” (PKK) تبنى الهجوم في أنقرة عقب ساعات على وقوعه، بحسب وكالة “ANF news” المقربة من الحركة المسلحة المصنفة على “قوائم الإرهاب” التركية.
وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، صدر في 5 من تشرين الأول الحالي، نفذت تركيا عمليات جوية في سوريا والعراق، ما أسفر عن مقتل 22 “إرهابيًا” في سوريا، وفق ما جاء في البيان.
وتحولت طبيعتة العمليات من استهداف أفراد وشخصيات قيادية في التنظيم الذي تصنفه تركيا “إرهابيًا” على قوائمها، إلى استهداف مواقع عسكرية ومنشآت حيوية تابعة لـ”قسد”.
وتعتبر أنقرة “قسد” امتدادًا لأحزاب كردية مصنفة على “قوائم الإرهاب” لديها، أبرزها “العمال الكردستاني” (PKK) و”وحدات حماية الشعب” (YPG).