مع تصاعد التوتر ومستوى التضييق الأمني الذي يتعرض له كثيرون من قبل القوى المسيطرة، وقلة فرص العمل، يبحث العديد من شبان محافظة دير الزور شرقي سوريا، عن طريقة للهجرة خارج البلاد.
وتنتشر في دير الزور ظاهرة الابتزاز التي يتعرض لها التجار والمزارعون في المنطقة من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية“، إذ يتحدث بعضهم عن تلقيه تهديدات بالقتل، إذ هؤلاء أنفسهم مضطرين لمغادرة المنطقة، ونقل أعمالهم إلى أماكن أكثر أمانًا.
ويحاول كثيرون الوصول إلى أوروبا كوجهة أخيرة، مرورًا بتركيا، نحو إيجاد مكان آمن يوفر فرصة للعمل أو استكمال التعليم، إذ ترك العديد منهم دراسته الجامعية، مدفوعًا بتدهور الأوضاع الأمنية.
طرق التهريب
يشهد المسار الذي يتبعه السوريون من سوريا إلى أوروبا برًا عبر الطرق غير الشرعية صعوبات متزايدة، دفعت كثيرين للتردد بتكرار تجاربهم السيئة في الهجرة.
حذيفة العواد (25 عامًا) المنحدر من بلدة الشنان، في ريف دير الزور الشرقي، قرر قبل سنتين، خوض طريق الهجرة إلى أوروبا مرورًا بتركيا كمحطة، بالرغم من المخاطر المرتبطة بالاحتجاز من قبل حرس الحدود التركي (الجندرما)، وتكاليف الرحلة المرتفعة.
وبلغت تكلفة الرحلة إلى تركيا، المرحلة الأولى للتوجه إلى أوروبا، ما يقارب 1200 دولار أمريكي، دفعها حذيفة ليكمل طريقه إلى بلغاريا، وبعدها إلى ألمانيا الوجهة الأخيرة بكلفة 7000 آلاف دولار، بحسب حذيفة.
وارتفعت تكاليف الهجرة في الوقت الحالي ليصل مبلغ العبور من ريف دير الخاضعة لسيطرة النظام السوري الزور إلى إدلب، إلى 2600 دولار أمريكي.
وتبدأ رحلة العبور إلى أوروبا، بعد عدة محاولات للوصل إلى تركيا حيث يتعرض طالبوا الهجرة لمخاطر متعددة.
وبسبب ما يتعرض له الشبان في مناطق دير الزور من تجنيد إجباري، وحملات حظر تجوال للدراجات النارية ومصادرتها، والمعاناة على الحواجز العسكرية، أصبحت أوروبا وجهة مفضلة لديهم.
مؤيد الرزج، وهو من سكان مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي، قال لعنب بلدي، إن نسبة الهجرة من البلدات الخاضعة لسيطرة النظام والميليشيات الإيرانية تشهد ارتفاعًا في الأيام القليلة الماضية.
وأضاف، أن مدن البوكمال والميادين والعشارة، بالإضافة إلى القرى التابعة لها، شهدت زيادة في حركة الهجرة، خصوصًا من قبل الشبان والمزارعين.
ويرى مؤيد، أن نقص فرص العمل، والخوف من التجنيد الإلزامي للخدمة العسكرية، جعلت الهجرة الخيار المحبب لدى شبان المنطقة.
ويختار البعض منهم التوجه إلى دمشق ومن ثم لبنان، في محاولة للسفر إلى أوروبا أو دول الخليج العربي بعد الحصول على جوازات سفر.
والعديد من المزارعين من مدن وقرى الريف الشرقي، غادروا المنطقة بسبب إجراءات الميليشيات الإيرانية التي منعت بعضهم من زراعة أراضيهم، وخاصة تلك الموجودة على ضفاف نهر الفرات، بحجة أنها منطقة عسكرية، بحسب مؤيد.
وتابع، أن بعض المزارعين أجبروا على تسليم نسبة معينة من محاصيلهم للميليشيات الإيرانية وقوات النظام، مقابل السماح لهم زراعة أراضيهم.
مبالغ “كبيرة” للمهربين
ارتفعت نسبة حركة الهجرة مؤخرًا، ومعها ينشط عمل المهربين بمختلف الطرق مقابل مبالغ مالية مرتفعة.
عبدالله السهو، من مدينة دير الزور يعيش في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، قرر خلال شهر أيلول الماضي، الاتجاه نحو الشمال السوري.
قال عبدالله لعنب بلدي، إن المهربين يطلبون مبالغ “كبيرة”من الأشخاص الراغبين في الهجرة من المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد” إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني، تصل إلى ما يقارب 700 دولار أمريكي، وقد ترتفع تكاليف الوصول إلى 1500 دولار، بحسب عبد الله.
وتعاني مناطق شمال شرقي سوريا من حالة انعدام الأمن، وتدهور الأوضاع المعيشية تحت سيطرة “قسد”، كما تنشط في محافظة دير الزور خلايا تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
كما شهد ريف دير الزور مؤخرًا اشتباكات بين قوات تابعة للعشائر و”قسد” أدخلت المنطقة بفوضى أمنية، تبعها تصعيد تركي عبر قصف عدة مناطق حيوية، ما أدى إلى تراجع توفر الخدمات الأساسية بالمنطقة مثل الماء والكهرباء والغاز المنزلي.