بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية..
ربّات منزل بإدلب يحتلن على الظروف لتأمين طبق الطعام اليومي
كل صباح يتشاجر فواز مع زوجته إثر الخلاف اليومي المعتاد حول خيارات إعداد الطعام للعائلة وفق الإمكانيات المتاحة، مرورًا بأجر فواز اليومي الذي يتقاضاه كعامل في البناء منتهيًا دون الوصول إلى حل يرضي الطرفين، “وتترك الأمور على الله وعلى ما يجنيه فواز كأجر إضافي”، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وتعاني ربات المنازل في إدلب قلة الخيارات المتاحة لإعداد أطباق الطعام لأسرهن، والكفاح في البحث عن الموازنة بين الدخل اليومي لأزواجهن، ويحتلن على الظروف لإيجاد طبق طعام يؤمن التغذية اللازمة للأسرة.
“تكلفة الطبخة البسيطة تفوق أجرتي اليومية بمرة ونصف”، هكذا بدأ فواز العزو (38 عامًا) شكواه.
فواز المقيم في إدلب، عامل بناء بأجر يومي، قال لعنب بلدي، إن ارتفاع الأسعار طال كل شيء عدا أجور عمال المياومة، وباتت تكلفة الطبخة البسيطة تفوق أجرة العامل اليومي بمرة ونصف، “ناهيك عن الهموم الأخرى التي تثقل الكاهل في مثل هذه الأوقات من العام كالمونة والتزامات، والمدارس للأطفال وتأمين الحطب للتدفئة”.
ويشكو فواز الوضع المعيشي الراهن في إدلب، وعدم قدرة رب الأسرة على تأمين لقمة العيش، حتى مع مواصلته العمل ليلًا نهارًا، بسبب ارتفاع الأسعار.
“للتوفير” طبخة ليومين
“في الصباح يطلب زوجي تحضير بعض أنواع الطعام، وعندما يذهب لإحضار لوازم الطبخة يتراجع ويحضر لوازم طبخة أخرى لعدم قدرته المادية”، بهذه الجملة اختصرت هديل السيد (33 عامًا) ربة منزل تقطن في إدلب، الصعوبات التي تشهدها العائلات محدودة الدخل في المنطقة.
وتعد هديل الطعام (وجبة الغذاء اليومية) ليومين متتالين، من أجل التوفير، و”حتى لا أضطر للطبخ كل يوم، وبالتالي زيادة في استهلاك الغاز المنزلي ولوازم الطبخ، ما يعني أن هناك “مشادة كلامية مع زوجي ثلاث مرات أسبوعيًا عند سؤاله عن الأطباق التي يجب إعدادها أيام الطبخ”، بحسب ما قالته لعنب بلدي.
وبالنظر إلى الوضع المعيشي الراهن الذي تعاني منه عائلات محدودة الدخل، تغيرت الثقافة الاستهلاكية المتبعة لديهم بشكل عام، مستغنين عن كثير من الأمور التي اعتادوا عليها طيلة حياتهم لحين تحسن الأوضاع المعيشية.
ودفع الوضع الاقتصادي، بالعديد من العائلات للاستغناء عن المؤونة الشتوية، وتحضير وجبات الطعام من الأصناف التي يتمكنوا من شرائها بشكل يومي.
حال سعاد العلي (42 عامًا)، مهجرة وربة منزل تقيم في مدينة إدلب، لا يختلف عن حال هديل كثيرًا، إذ قالت لعنب بلدي، “لم نعد نشتهي شيئًا من الطعام، يخرج زوجي إلى السوق لإحضار لوازم أحد أصناف الطعام حسب قدرته المادية، وأحاول تحضير طبق مميز من الأغراض القليلة التي يشتريها”.
وأضافت “في كل عام مثل هذا الوقت ننشغل في إعداد مونة الشتاء، لكن هذا العام لم نعد أي شيء المطبخ خالي تمامًا، نتغذى على ما يحضره زوجي كل يوم بيومه”، وتضيف، أن الفواكه واللحوم تدخل المنزل في مناسبات قليلة جدًا.
من جانبها قالت جميلة المحمد (45 عامًا) لعنب بلدي، إنها تتعاون مع زوجها لادخار مبلغ بسيط لصرفه في فصل الخريف من أجل شراء لوازم مدارس الأطفال لعام كامل، وتحضير مؤنة وتدفئة الشتاء.
جميلة معلمة تقيم في مدينة إدلب، أوضحت أن ارتفاع الأسعار وتدني الأجور حالت دون قدرتهم على ادخار أي مبلغ لشتاء هذا العام، مشيرة إلى أن الاستهلاك “سيكون حسب الأجور التي تحصلها وزوجها أولًا بأول”.
تكلف الطبخة أكثر من 250 ليرة تركية
علي طرشان عامل المياومة، قال لعنب بلدي، إن أجرة العامل اليومية تصل إلى 100 ليرة تركية في أحسن الأحوال، أي ما يعادل تقريبًا ثلاثة دولارات، بينما تكلفة الطبخة يصل لأكثر من 250 ليرة تركية أي أجرة يومين ونصف للعامل.
ولا تتوقف الاحتياجات عند الطعام فحسب، بل هناك العديد من الالتزامات المترتبة على رب الأسرة، خصوصًا في هذا الوقت من العام، فيحاول تأمين الضروري منها، ويؤجل البقية على أمل تحسن الأحوال، بحسب ما قاله علي الطرشان لعنب بلدي.
ويعاني معظم سكان شمال غربي سوريا الفقر المدقع وتراجعًا في القدرة الشرائية وقلة فرص العمل، وتضم المنطقة 4.5 مليون إنسان، 4.1 مليون منهم بحاجة إلى مساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي.
ومع ارتفاع أسعار معظم المواد والمنتجات في الأسواق، لم يطرأ أي تغيير على أجرة العمال في إدلب، لا سيما مع كثرة اليد العاملة وتراجع فرص العمل، ولا تتجاوز أجرة العامل في أحسن الأحوال 70 ليرة تركية (أقل من ثلاثة دولارات).
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :