الحسكة.. مزارعون يفكرون بالعدول عن زراعة القمح بسبب تكاليف الحراثة
مع بداية موسم زراعة الحبوب، يبحث حسين الرمو (50 عامًا)، وهو مزارع من ريف بلدة جزعة، عن جرار زرعي لحراثة أرضه وتجهيزها لموسم الشعير القادم، كباقي مزراعي بلدته الواقعة جنوب شرق القامشلي بمحافظة الحسكة، إذ يواجهون مشكلات وتحديات موسمية تدفع بعضهم للتفكير بالعدول عن الزراعة مؤقتًا.
يمتلك المزارع 10 هكتارات، ويبحث عن جرار تتناسب الأجرة التي يطلبها صاحبه مع قدرته على الدفع، فالجرارات متوفرة، لكن أسعار الحراثة ارتفعت أكثر في هذا الموسم، وهي “غير منطقية”، برأي حسين الرمو، الذي اشتكى في حديثه لعنب بلدي من عدم وجود آلية تنظم أجور الفلاحة وتحد من استغلال أصحاب الجرارات للفلاحين، بذريعة تدهور قيمة الليرة والسورية وغلاء المحروقات وقطع الغيار وغيرها من الأسباب.
الأسعار تتضاعف
من 7000 إلى 28000 ليرة سورية، ارتفعت أجور الفلاحة، ما يعني أن حسين الرمو سيدفع 2.8 مليون ليرة سورية لحراثة أرضه، دون الحديث عن المصاريف الأخرى، ومنها أسعار البذار.
في السياق نفسه، أوضح المزارع ماجد الحسين (49 عامًا) من ريف القامشلي الجنوبي، أن أصحاب الجرارات الزراعية بدأوا يطلبون بدفع أجور الفلاحة بالدولار الأمريكي (كل دولار يساوري نحو 13800 ليرة سورية)، كبديل عن الليرة السورية.
تحدث ماجد عن تفاوت أسعار الحراثة بين الموسم السابق والحالي، وارتفاعها عدة أضعاف، من 7000 ليرة سورية (نحو نصف دولار) في الموسم الماضي، إلى 14000 ألف ليرة (دولاران) في الموسم الحالي، والبعض يطلب نحو 28000 ليرة (4 دولارات)، ما يحول الزراعة لعملية خاسرة، وفق حسابات المزارع.
ومن المشكلات الأخرى، تأخر هيئة الزراعة التابعة لـ”الإدارة الذاتية” في دفع المستحقات من قيمة المحاصيل الموردة لعشرات المزارعين.
وكانت “الإدارة الذاتية” حددت سعر شراء القمح والشعير للموسم الحالي، بـ43 سنتًا لكل كيلو غرام من القمح و35 سنتًا لكل كيلو غرام من الشعير.
وذكر أصحاب جرارات وأدوات زراعية ممن التقتهم عنب بلدي، أن رفع أجرة الفلاحة سببه الجهات المعنية، والمسؤولة عن توفير ما يلزم من محروقات وغيرها لأصحاب الجرارات بأسعار “مدعومة” لتكون العملية مجدية لكلا الطرفين (المزارع وأصحاب الجرارات والآليات الزراعية).
الفلاحة أنواع
إبراهيم العيسى (35 عامًا)، صاحب جرار زراعي، ويعمل في الحراثة بريف القامشلي، قال لعنب بلدي، إن الأجور تحولت إلى الدولار لأن كل قطع الغيار التي يشتريها والصيانة التي يجريها، باتت بالدولار بسبب تدهور الليرة السورية، وهم (أصحاب الجرارات) يعانون كبقية المواطنين من الوضع المعيشي الصعب.
وحول وجود فوارق في الأسعار، وآليات تحديدها، أوضح أن “فلاحة الديسك” تكلف 13 دولارًا للهكتار، والخفيفة “فلاحة الهارو” تكلف 8 دولارات للهكتار، مع عدم وجود ضوبط، إذ يمكن أن يطلب صاحب الجرار أكثر منذ ذلك.
يحصل الرجل على 400 ليتر من المازوت، كمخصصات أسبوعية من المحروقات، بسعر 525 ليرة سورية لليتر الواحد، بينما يمكن أن يستهلك جراره معظم هذه الكمية في يوم عمل واحد، ما يضطره لشراء المحروقات من السوق السوداء بسعر 4200 ليرة لليتر الواحد.
تهيئة الأرض
بحسب ما رصدته عن بلدي، تسببت الزيادة الأخيرة التي فرضتها “الإدارة الذاتية” على أسعار المحروقات في مضاعفة الأسعار ضمن قطاعات خدمية، وأجور النقل والشحن بين مناطق “الإدارة” وبقية المحافظات، مما تسبب في زيادة أسعار قطع الغيار وزيوت المحركات وكلها تؤدي إلى زيادة أجور الفلاحة.
المهندس الزراعي طارق العايد، تحدث لعنب بلدي عن أهمية الفلاحة في هذه المرحلة لتهيئة الأراضي لزراعة للموسم القادم، فهي تمثل المرحلة الأولى والأكثر أهمية في سلسلة الإنتاج الزراعي، وأهميتها تكمن في تحسين هيكل التربة وتهويتها، مما يزيد من محتوى الأوكسجين ويساعد في اختراق الجذور للتربة.
كما أن تقليب التربة يسهم في مكافحة الآفات والأمراض الزراعية، من خلال تقليل الأماكن المحمية التي تستخدمها هذه الآفات كمأوى، عبر تعريضها لأشعة الشمس.
وعلمت عنب بلدي من عدة مزارعين، أنهم طالبوا “الإدارة الذاتية” بتشكيل لجنة مؤلفة من ممثلين عن الفلاحين وأصحاب الآلات الزراعية وهيئة الزراعة، لوضع تسعيرة موحدة للفلاحات وأنواعها دون تأخير، لكن ذلك لم يحدث بعد.
اقرأ المزيد: “الإدارة الذاتية” تغلق مراكز شراء القمح نهاية الشهر الحالي
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :