“الائتلاف” السوري المعارض يطرح خطة للإصلاح.. “المهمة صعبة”

  • 2023/10/25
  • 2:00 م
رئيس الائتلاف المعارض هادي البحرة خلال اجتماع مع صحفيين وإعلاميين سوريين بمدينة اسطنبول التركية- 6 من تشرين الأول 2023 (عنب بلدي)

رئيس الائتلاف المعارض هادي البحرة خلال اجتماع مع صحفيين وإعلاميين سوريين بمدينة اسطنبول التركية- 6 من تشرين الأول 2023 (عنب بلدي)

تكرر خلال الأشهر الماضية الحديث عن “إصلاحات” وانفتاح على السوريين من قبل “الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية”، عقب انتخابات انتهت بفوز هادي البحرة بمنصب رئاسته للمرة الثانية بعد ولاية تسلمها قبل سنوات.

ومن أبرز الوعود التي أطلقها البحرة مع وصوله إلى “الائتلاف”، المزيد من “الشفافية”، وخطط اقتصادية للنهوض بالشمال السوري، وأخرى ذات صلة بالوضع الخدمي شمال وشرقي محافظة حلب.

وفي 6 من تشرين الأول الحالي، عقد “الائتلاف” اجتماعًا مع صحفيين وإعلاميين سوريين بمكتبه في حي فلوريا بمدينة اسطنبول، تحدث البحرة خلاله عن رؤية “الائتلاف” للمرحلة القادمة.

“النهوض بالشمال”

من بين الملفات السياسية والخدمية، وتلك المتعلقة بقضايا اللاجئين السوريين، ركز البحرة في حديثه على خطة للنهوض بالشمال السوري، مشيرًا إلى السنوات الماضية التي سيطرت فيها المعارضة على مناطق جغرافية واسعة، و”عجزت فيها عن بناء ولو قرية صغيرة” تكون نموذجًا يقدم للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

وأضاف أن أهمية هذه الفكرة تأتي من ضرورة تقديم نموذج “ناجح” لما يمكن للسوريين فعله خارج إطار حكم النظام، يستعرض من خلاله طاقات الشعب السوري.

جزء من مشروع “النهوض بالشمال” يعتبر من المشكلات المتجذرة في المنطقة، بحسب البحرة، أبرزها مشكلة الاعتراف بالشهادات التعليمية الصادرة عن مؤسسات المنطقة، كما تحتاج المدارس في المنطقة إلى رفع مستوى التعليم فيها.

ومن المشكلات التي تعانيها المنطقة منذ مدة طويلة، أزمة المياه التي تتكرر وتتجدد في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، إذ تحتاج إلى استثمار كبير لإصلاحها، ويبحث “الائتلاف” طرق تأمين التمويل لإنشاء هذا المشروع.

وأكد أن المرحلة المقبلة يجب أن تكون “فترة تشاركية تكاملية” بين جميع مؤسسات الثورة وروابطها واتحاداتها، ومنظمات المجتمع المدني، للاستفادة من خبرات السوريات والسوريين، بهدف استثمار جميع القدرات والموارد السورية، لا سيما البشرية، لتغيير الواقع السوري ومواجهة التحديات، بما يحسن الظروف المعيشية في الشمال السوري.

مهمة “صعبة”

البحرة قال خلال الاجتماع نفسه، إن هذا العمل سيكون من خلال “خطة شاملة” تطال أنظمة الحوكمة في القطاعات القضائية والقانونية، والأمنية، والاقتصادية، والرقي بالخدمات الصحية والتعليمية، ومعالجة قضايا مهمة وأساسية للنهوض بالمنطقة.

وأشار إلى مشاريع بدأ “الائتلاف” فعلًا العمل عليها في القطاع الخدمي بمدينتي اعزاز وجرابلس وعدة بلدات محيطة بهما، بما يحسّن أوضاع السكان هناك، ويشجع أهاليها للعودة إليها.

الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، قال لعنب بلدي، إن مهمة إعادة بناء “الائتلاف” أو إصلاحه من الناحية البنوية هو “مهمة صعبة”، سواء على صعيد الأدوار السياسية الخارجية أو على الصعيد الداخلي.

ويرى علوان أن التغيير يحتاج إلى “تغيير في آلية تفكير (الائتلاف)” بالمقام الأول بين أعضائه ومكوناته، وإلى جانب الجهد الكبير الذي تتطلبه مهمة الإصلاح، يرى علوان أن هناك جهدًا آخر مطلوبًا لتوجيه “رسائل إيجابية” على المستويين الداخلي والخارجي.

ويعتقد الباحث أن أبرز ما يواجه أي إصلاح في بنية “الائتلاف” هي المشكلات التي أفرزتها الخلافات الداخلية الممتدة لسنوات في أروقة “الائتلاف” المعارض، والتي أثرت على سمعته وحضوره وقدرته بشكل مباشر.

ماذا عن الملفات السياسية؟

خلال الاجتماع نفسه، استعرض البحرة برنامج عمل “الائتلاف” للمرحلة المقبلة، وركز فيه على ضرورة إبقاء العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، وقراري مجلس الأمن رقم “2254” و”2118″.

البحرة تطرق أيضًا إلى ضرورة رفع أولوية الملف السوري لدى الأطراف الدولية كافة، في ظل ازدحام الأزمات على قائمة الاهتمامات الدولية، عبر التركيز على أهمية تغيير الواقع السوري، بيما يدعم إعادة الملف السوري إلى قائمة الأولويات لدى المجتمع الدولي، من خلال تحسين واقع “المناطق المحررة وتعزيز الشرعية على الأرض”.

مطلع تشرين الأول الحالي، نقلت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام السوري عن مصادر دبلوماسية في جنيف لم تسمّها، أن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، مصمم على انعقاد اجتماعات “اللجنة الدستورية” في جنيف، وقد يقدم مشروعًا لإخراج المسار من “الفيتو” الروسي.

ووفق ما ورد في العدد المطبوع من “الوطن”، فإن بيدرسون يدرس مشروع بيان يرسل من خلاله دعوة للوفدين المفاوضين دون حضور أي دولة أجنبية لتخطي “الفيتو” الروسي، لانعقاد الاجتماعات في جنيف، رغم إدراكه أن المشروع لن يحظى بموافقة موسكو أو النظام السوري وداعميه.

أجاب رئيس “الائتلاف”، هادي البحرة، عن سؤال طرحته عنب بلدي فيما يتعلق بنشاط “اللجنة الدستورية” بالقول، إن الجهات الدولية “انزلقت بشكل غير مقصود إلى دهاليز وضعت العملية السياسية في سوريا كرهينة لدى النظام السوري”.

وأضاف البحرة أن انعقاد جلسات “اللجنة” صار مرهونًا برغبة النظام السوري، إذ يمكنه التحكم بانعقادها من عدمه، ففي حال وافق على حضور الاجتماع ستعقد جلستها، وإن لم يوافق لن تكون هناك جلسة.

ويرى البحرة أنه لا يمكن للمعارضة أو لـ”اللجنة الدستورية” أن تجلس مكتوفة اليدين تنتظر حضور النظام، أو انعقاد جلسات المفاوضات، بل عليها أن تنشط على أقل تقدير لتظهر “حقيقة النظام” أمام الناس.

التغيير السياسي رهن توافق دولي

الباحث وائل علوان يرى أن تحقيق أي تغيير في موقع الملف السوري على الصعيد الدولي، يحتاج إلى الوفاء بوعوده في السعي لذلك بالمقام الأول، واستثمار جميع الفرص التي هي “ضئيلة” بطبيعة الحال.

وإلى جانب ذلك، يعتقد علوان أن الاستثمار والسعي لا يكفيان، إذ يجب على “الائتلاف” تعظيم هذه الفرص لتكون ذات جدوى، وتأثير، وتغيير.

علوان قال لعنب بلدي، إن الملف السوري يتأثر بعوامل خارجية أكثر من كونه قابلًا للتأثر بعوامل داخلية متعلقة بالداخل السوري نفسه، أو بالفاعلين المحليين.

وفي الوقت نفسه، يبقى السعي مطلوبًا لاستثمار الفرص، وتعزيز الحضور السوري على قائمة الاهتمامات الدولية.

ولفت الباحث إلى أن سوريا لا يمكن أن تكون في يوم من الأيام ذات أهمية متدنية على الصعيد الدولي، خصوصًا في الأمور المتعلقة بالجانب الجيوسياسي، لكن التوافق الدولي على تحريك الملف غير موجود بعد.

ويرى علوان أن السعي واستثمار الفرص لتحريك الملف قد يحقق نوعًا من الأثر في هذا الإطار.

خلافات داخلية انتهت بالإقصاء

لم تكن الخلافات الداخلية ضمن “الائتلاف” المعارض حبيسة أروقته، إذ لطالما لاقت انتقادات من سوريين نظرًا إلى تكرارها، وممارسات صدرت عن مسؤولين فيه استهجنها بعضهم سابقًا، أولاها أزمة جوازات السفر، عندما اتهم أعضاء فيه بالتجارة بالجوازات، وأدت إلى سحب اعتراف بعض الدول بهذه الجوازات.

أحدث الخلافات التي طفت على السطح كان الحديث عن أن رئيس “الائتلاف”، هادي البحرة، تم فرضه على الأعضاء، إذ انتشرت شائعات عن أن البحرة سيتولى المنصب بالإجبار، قبل انطلاق الانتخابات بعدة أيام، وهو ما حصل فعلًا، إذ تولى البحرة مقعد الرئيس، لكنه نفى الجزء الذي يتحدث عن أنه فُرض في هذا المنصب.

اقرأ أيضًا: كيف أصبح هادي البحرة رئيسًا لـ”الائتلاف” قبل انتخابه

وأجرى “الائتلاف” تحقيقًا عبر ما أسماه “لجنة تقصي الحقائق”، لبحث ادعاءات رئيسه الأسبق، نصر الحريري، بتهديدات أطلقها رئيس “الحكومة المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، لإجبار أعضاء “الائتلاف” على التصويت للرئيس الحالي.

وخلصت اللجنة، بحسب نتائج التحقيق التي أطلقها “الائتلاف”، خلال اجتماع البحرة مع صحفيين بحي فلوريا بمدينة اسطنبول، إلى أن ادعاءات الحريري “عارية عن الصحة”.

ونفى عبد الرحمن مصطفى ادعاءات الحريري، بينما رفض الأخير طلب اللجنة بتقديم شهادته حول الأمر، ولم يؤيد أي من أعضاء “الائتلاف” ادعاءات الحريري، وبناء عليه توصلت اللجنة إلى هذه النتيجة، بحسب اللجنة.

وقال البحرة حينها، إنه إذا ثبت تهديد عبد الرحمن مصطفى لأعضاء “الائتلاف”، فإنه سيعلن استقالته من منصبه الذي تسلّمه قبل أيام.

وفي 9 من تشرين الأول الحالي، أقر “الائتلاف” فصل رئيسه الأسبق، نصر الحريري، ونائبة الرئيس السابقة، ربا حبوش، بعد جلسة تصويت، بموافقة أغلبية الأعضاء.

الرئيس الأسبق، نصر الحريري، أكد لعنب بلدي قرار الفصل، دون إضافة معلومات حول آلية التصويت التي جرت.

ربا حبوش قالت لعنب بلدي، إن التصويت على قرار الفصل حصل بشكل غيابي، ولم يُبلّغ العضوان بأن تصويتًا سيجري حول عضويتهما في “الائتلاف”.

وأضافت حبوش أن “الائتلاف” عقد جلسة تتمحور حول التطورات الميدانية والعسكرية في الشمال السوري، لكنه اختتمها بفصل رئيسه الأسبق، ونائبة الرئيس السابقة.

وفي مطلع أيلول الماضي، نشر رئيس “الائتلاف” الأسبق، نصر الحريري، رسالة أعاد نشرها رئيس الائتلاف الأسبق معاذ الخطيب في تغريدة عبر تطبيق “إكس”، وقال الحريري فيها، إن رئيس “الحكومة المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، هدد أعضاء “الائتلاف” بإجبارهم على إقامة الانتخابات في 12 من أيلول الماضي، وانتخاب هادي البحرة خلالها.

سبق ذلك بأيام انتقاد ربا حبوش لآلية “التفويض” في الانتخابات التي تنص على أن عشرة أعضاء “مبشرين بالانتخابات”، على حد تعبيرها، ينتخبون عن كل أعضاء “الائتلاف” من إجمالي نحو 80 عضوًا، مشيرة إلى أن هذه الآلية فيها “خرق واضح لمبادئ الديمقراطية وتتنافى مع حق ممارسة التصويت بشكل حر”.

مقالات متعلقة

  1. انقسام في "الائتلاف" السوري المعارض.. "إصلاح" أم "انقلاب"
  2. "الجبهة الشامية" تعلّق عملها مع "المؤقتة" وترفض رئيسها
  3. استبعاد أعضاء وإنهاء عضوية كتل في "الائتلاف الوطني السوري"
  4. قيادة جديدة لـ"الائتلاف السوري".. أنس العبدة رئيسًا للمرة الثانية

سوريا

المزيد من سوريا