جريدة عنب بلدي – العدد 52 – الأحد – 17-2-2013
تقول أم محمد وهي سيدة آثرت البقاء مع عائلتها في المدينة: «… انعدام الكهرباء صار أمرًا واقعًا، وليس باستطاعتنا شراء مولدة مازوت، فأصبحنا نعتمد على مولدة الجيران لبضع ساعات من اليوم، بينما أصبحنا نغسل ثيابنا على الطريقة البدائية التي لم نعتد عليها، فبتنا نسخن مياه الغسيل على الحطب.»
لكن أبو محمد (وهو من سكان المدينة الباقيين أيضًا) الذي يملك مولدة ديزل اضطر إلى شرائها مع بدء مرحلة التقنين التي اتبعتها الحكومة قبل أكثر من سنة يعاني من مشكلة أخرى، فبرغم أن مولدته تكفي حاجته للإضاءة وتشغيل الأجهزة الضرورية في منزله، إلًا أنه وقع في حرج كبير أمام جيرانه إذ اضطر إلى توزيع الكهرباء على عدد منهم، مما شكل عبئًا على المولدة أدى إلى تعطلها، وهذا ما لم يكن في حسبان أبو محمد الذي انتبه متأخرًا إلى أنه لا يوجد قطع تبديل أو ورشات صيانة قادرة على إصلاحها في ظل الحملة العسكرية التي تتعرض لها المدينة والقصف الكثيف الذي لا يهدأ.
بينما روى لنا أبو أحمد موقفًا طريفًا حدث معه عندما ذهب إلى أحد أصدقائه ليحلق ذقنه بماكينة الحلاقة الكهربائية، فكهرباء المولدة الصغيرة التي يملكها الصديق لم تكف لتشغيل الماكينة، فاضطر الصديق إلى فصل جميع كابلات التغذية الموصولة بالمولدة ووصل كبل ماكينة الحلاقة بالمولدة مباشرة في مشهد مضحك قام بتوثيقه بكاميرا الفيديو.
هذه بعض الحالات التي تعكس جانبًا من المعاناة التي يعيشها السكان الباقون في داريا في ظل انقطاع الخدمات المتزامن مع الحصار الشديد والحملة العنيفة التي تتعرض لها المدينة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
يقول فادي وهو أحد ناشطي المدينة «ربما كانت الأزمة الأخيرة فرصة لنا لنرجع بالحياة إلى بساطتها ونشعر بآلام بعضنا البعض بعد أن تحولت حياتنا إلى مادية بامتياز ولا أحد يشعر بألم الآخر.»