الاختصاصات الطبية في المقدمة
سوق العمل تؤثر في خيارات الدراسة لجامعيي الشمال السوري
ريف حلب – ديان جنباز
أصدرت جامعات الشمال السوري ضمن مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” مفاضلتها العامة (علمي وأدبي) لبدء قبول طلبات التقدم لدخول الجامعات في العام الدراسي الحالي 2023- 2024.
وتشمل المفاضلة جميع الطلاب المستجدين في عموم مناطق سيطرة المعارضة السورية، سواء في ريف حلب الذي تسيطر عليه “الحكومة السورية المؤقتة”، ومناطق إدلب التي تسيطر عليها حكومة “الإنقاذ”.
وعلى الرغم من مصاعب جمّة تواجه الطلاب الجامعيين في المنطقة، بات الحل الوحيد لكثير منهم هو ارتياد الجامعات، كبوابة للبحث عن مستقبل أفضل، في ظل تردي الوضع الاقتصادي، وانعدام فرص العمل.
الأكثر طلبًا لسوق العمل
التحقت بشرى محمد عطا بالمعهد الطبي في جامعة “العلوم الدولية للعلوم والنهضة”، لتشق طريقًا جديدًا على صعيد مستقبلها الدراسي والمهني.
بشرى، التي تنحدر من مدينة مارع شمال حلب، قالت لعنب بلدي، إن المجال الطبي لم يكن رغبتها الأولى، لكنه كان الخيار الأفضل لمستقبلها، إذ قيّمت ذلك بناء على انتشار المنظمات الدولية والمحلية في الشمال السوري، ورأت أن العمل الطبي لا يتأثر تمويله في ظل الكوارث والحروب.
وكان للطالبة المستجدة إلهام الحسن رأي مشابه، إذ ترى أن التخصصات الطبية تعتمد بشكل رئيس على الخبرة والمعرفة التقنية للفرد.
وأضافت أن معدلات الثانوية للسنة الحالية أثرت سلبًا في اختيار الطلاب للتخصصات الجامعية التي يرغبون بها.
إلهام أجرت امتحانات الشهادة الثانوية بمدينة اعزاز، وحصلت على معدل غير كافٍ للالتحاق بتخصص الهندسة المعلوماتية الذي لطالما حلمت به، وفق تعبيرها، لكنها قررت الانتقال إلى معهد أمن المعلومات والشبكات كونه الأقرب إلى تطلعاتها.
واتفقت الطالبتان على أن الأهم من ذلك هو اقتصار المعهد على عامين دراسيين فقط، لعدم قدرتهما على توفير مصاريف الجامعة لوقت أطول من ذلك.
وترى الطالبتان أن السعي وراء المستقبل عبر البوابة الجامعية بالنسبة لطلاب المنطقة ليس بالأمر السهل، خصوصًا مع المصاعب الاقتصادية التي يواجهها أهالي المنطقة.
وتتراوح رسوم الجامعة في العام الدراسي الواحد بين 150 و500 دولار أمريكي، وتختلف باختلاف الفروع.
مسؤول المكتب الإعلامي في جامعة “حلب الحرة”، نصار نصار، قال لعنب بلدي، إنه لا يوجد تصور واضح حول أسباب اختيار شريحة من الطلاب لتخصص جامعي معيّن.
ومن جهة أخرى، ذكر نصار أن الإقبال الأكبر من الطلاب خلال العام الحالي كان على كلية الشريعة، إلى جانب الكليات الطبية (الطب البشري، الأسنان، العلوم الصحية) والصيدلة.
وبلغ عدد الطلاب المسجلين على الامتحان المعياري 1142، تقدم منهم للاختبار 1037 طالبًا وطالبة.
آفاق جديدة
بعد مفاضلتها على كلية الطب البشري واجتيازها الامتحان المعياري الذي تجريه الجامعة سنويًا للكليات الطبية، فُتحت أمام الطالبة إيمان حلاق آفاق جديدة لتحقيق حلمها، بحسب ما قالته لعنب بلدي.
وواجهت الطالبة خلال العام السابق “تحديًا كبيرًا”، إذ لم تتمكن من تحقيق رغبتها في دراسة الطب البشري، فالتحقت بكلية الصيدلية بجامعة “إدلب”، لكنها لم تكن راضية عن التخصص.
مدفوعة بحلمها لدراسة الطب، أعادت إيمان إجراء امتحانات الشهادة الثانوية واجتازتها بنتيجة 233 درجة من أصل 240، وحجزت بذلك لنفسها مقعدًا في كلية الطب البشري بجامعة “حلب الحرة”.
وأضافت أن جامعة “حلب الحرة” حصلت على “ميزة إضافية” نتيجة الاعتراف التركي بها، وهو ما شكّل دافعًا للانضمام لها.
وتسعى جميع الجامعات في شمال غربي سوريا للحصول على اعتماد، لكن إلى الآن لم توفق أي جامعة بالحصول على اعتراف حقيقي، وجميعها حصل على اعترافات جزئية من بعض الجامعات عن طريق العلاقات أو عبر تعاون علمي.
وسبق أن أصدرت “جامعة الحرة” بمدينة اعزاز بيانًا أكدت من خلاله تسمية الجامعة ضمن الجامعات المعتمدة لدى مجلس التعليم العالي في تركيا.
وأضافت في بيانها أنه بات بإمكان الطلاب الخريجين معادلة شهاداتهم لدى مجلس التعليم العالي التركي.
وحتى لحظة تحرير هذا التقرير، لم تنشر المؤسسات التركية الرسمية أي قرار ذي صلة يؤكد ما ورد في بيان الجامعة.
عوائق أمام الطلاب
تشهد العملية التعليمية في شمال غربي سوريا تخبطات عديدة، أبرزها قلة الدعم للكادر التعليمي، وتجلى ذلك بمظاهرات لمعلمين استمرت لأشهر مطلع العام الماضي، ومطالب بزيادة الدخل الشهري وتحسين العملية التعليمية.
ولا يجد الطلاب حلولًا جذرية للمشكلات التي يعيشونها بمختلف مناطق السيطرة، إذ تقتصر مساعي الحل على مبادرات وتبرعات من بعض المنظمات والفرق التطوعية العاملة، وسط واقع اقتصادي ومعيشي متردٍ تشهده المنطقة.
وإلى جانب ما يعانونه من عراقيل متعلقة بالرسوم والأقساط السنوية، تظهر قوانين إدارية تعرقل مضيّهم في المرحلة التعليمية بين الحين والآخر.
وفي كانون الأول 2022، منع إداريون بجامعة “حلب الحرة” عددًا من طلاب كلية طب الأسنان من إجراء امتحاناتهم، لعدم دفعهم رسوم القسط الجامعي.
وأوضح عميد الكلية، الدكتور محمد خطاب، أنه في حال عدم دفع الطلاب للرسوم، ستواجه الجامعة مشكلة مالية تعود بالضرر على دراسة الطلاب، وسير عمل الجامعة، ونجاح العملية التعليمية وعمل المدرّسين فيها، وهذا ما يدفع الجامعة للمطالبة بالدفع والضغط على الطلاب.
ولم تكن مشكلة الرسوم بالنسبة للطلاب الأولى من نوعها، إذ سبق وفصلت الجامعة نفسها 43 طالبًا من الذكور والإناث، بسبب تزوير شهاداتهم الثانوية، في آب الماضي.
وفي تشرين الأول 2022، أثيرت قضية كلية الإعلام بجامعة “حلب الحرة”، التي لا تزال تشهد بعض التجاذبات وتراشق الاتهامات بين أطرافها من طلبة وإدارة الجامعة، وسط مطالب للطلبة تنتظر الاستجابة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :