أثر التصعيد العسكري الذي شهدته مناطق شمال شرقي سوريا الشهر الحالي بشكل ملحوظ على عدة جوانب معيشية للسكان، في مقدمتها الانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي، وندرة الغاز المنزلي.
وتسببت الضربات التركية التي استهدفت مقار “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في المنطقة، بما فيها المراكز الحيوية، بإغلاق معمل “السويدية” للغاز ومحطة “السويدية” لتوليد الكهرباء بشكل كامل، وانخفاض الإنتاجية المخصصة لسكان شمال شرقي سوريا من المادتين.
أمام هذا الواقع، بدأ سكان ريف دير الزور كما بقية المحافظات السورية خلال مرورها بأزمات متعددة، البحث عن حلول بديلة لإعداد الطعام في المنزل، بسبب صعوبة الحصول على أسطوانات الغاز المنزلي.
ومن هذه الحلول، عودة الأهالي إلى استخدام الأدوات التقليدية المعروفة بـ”الدفش” أو “بابور الكاز” كبديل لأسطوانات الغاز، وكذلك الأفران التي تعتمد على استخدام الأخشاب أو الفحم لطهو الطعام.
ارتفاع أسعار رافق الانقطاع
شهدت أسعار أسطوانات الغاز المنزلي ارتفاعًا كبيرًا في “السوق السوداء” بدير الزور، إذ بلغ سعرها بين 150 ألفًا و200 ألف ليرة سورية، بحسب اختلاف المناطق، وهو ما جعل الناس يبحثون عن بدائل أوفر، مثل طباخات “الدفش”.
أسعار طباخات “الدفش” تتراوح بين 150 ألفًا و 300 ألف ليرة، وتعتمد هذه الأسعار على الجودة والحجم ونوع المواد المستخدمة في صناعتها، وتباع الأفران المصنعة من الحديد بأسعار مختلفة عن تلك المصنعة من النحاس.
خلال جولة لعنب بلدي في أسواق دير الزور، لوحظت حركة بيع نشطة لهذا النوع من الطباخات، وارتفاع أسعارها، وهو ما يعكس الضغط الاقتصادي الذي يواجهه السكان، وحاجتهم الملحة إلى وسائل طهو وتدفئة بديلة تساعدهم على تلبية احتياجاتهم اليومية.
وارتفع سعر رأس الطباخ المصنوع من النحاس من 25 ألفًا إلى 45 ألف ليرة، وأيضًا سعر ليتر الكاز من 2500 ليرة قبل التصعيد العسكري، إلى 5500 أو 6000 ليرة، ويستخدم طباخ “الدفش” في عملية الطبخ، وله استخدامات أخرى كتسخين الماء، أو إعداد الشاي والقهوة، وغيرها.
سليمان، رفض ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، وهو تاجر مواد منزلية في بلدة الشحيل بريف دير الزور الشرقي، قال لعنب بلدي، إن الطلب ازداد على بدائل الغاز المنزلي في الفترة الأخيرة، مثل أفران “الليزر” الكهربائية، التي تتراوح أسعارها ما بين 17 و25 دولارًا، وتعتمد هذه الأسعار على نوع وجودة الجهاز.
وأضاف سليمان أن هناك طلبًا متزايدًا على هذه البدائل، بسبب ارتفاع أسعار الغاز المنزلي وصعوبة الحصول عليه.
وتجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي في الحسكة شمالي سوريا اليوم، الاثنين 23 من تشرين الأول، 14 ألف ليرة سورية لكل دولار أمريكي واحد، بحسب موقع “الليرة اليوم“، المتخصص بتتبع حركة الليرة.
مندوب توزيع غاز في ريف دير الزور الشرقي قال لعنب بلدي، إن هناك “تذمرًا شديدًا” من قبل الأهالي لعدم القدرة على الحصول على أسطوانة الغاز إلا كل ثلاثة أشهر.
وذكر مندوب التوزيع، الذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن مكتب الغاز في لجنة المحروقات التابع لـ”الادارة الذاتية” يبلغهم بجمع كمية 600 أسطوانة غاز لتبديلها، بينما تبلغ حاجة المدينة إلى 1700 أسطوانة، ما تسبب بأزمة نقص بالمادة.
وأشار المندوب إلى أن آخر مرة حصل بها الأهالي على الغاز المنزلي بمنطقته كانت في 20 من آب الماضي، ومطلع الشهر الحالي عندما أُبلغ المندوبون بجمع الأسطوانات الفارغة، وأُبلغوا لاحقًا بتوقف معمل الغاز بالسويدية عن العمل بسبب القصف الذي تعرض له، وإلغاء التوزيع.
موظفة بـ”المجلس المدني لدير الزور” التابع لـ”الإدارة الذاتية”، قالت لعنب بلدي، إن كميات الغاز المنزلي لم تكن كافية قبل تعرض المعمل للضرر، حيث كانت العائلات تتلقى الأسطوانة كل شهرين أو ثلاثة، بسبب الكمية المحدودة المقدمة من قبل إدارة المحروقات.
وقدم المجلس المحلي شكاوى للمطالبة بزيادة تلك الكميات، وفق الموظفة، لكن لم يتم الرد عليها حتى الآن من قبل إدارة المحروقات.
تضرر أكثر من خمسة ملايين شخص بسبب تراجع خدمات الغاز والمحروقات جراء استهداف 17 موقعًا ومنشأة، منها محطة “السويدية” التي تغذي عموم مناطق شمال شرقي سوريا بالكهرباء والغاز، وفق ما نشره “مكتب الإعلام لشمال شرقي سوريا“.
–