يشهد إنتاج مادة الزيتون في سوريا هذا العام انخفاضًا بنحو 28%، مقارنة مع العام الماضي.
ووصفت تصريحات حكومية إنتاج هذا العام بأنه “معاوم”، إذ يعرف إنتاج الزيتون بأنه متبدل بين المواسم، بين موسم وفير يليه آخر أقل إنتاجية.
إلى جانب الإنتاج “المعاوم”، تعددت أسباب انخفاض الإنتاج، منها الجفاف كأحد تأثيرات التغيرات المناخية، فضلًا عن قلة الخدمات واليد العاملة التي ارتفعت أجورها، وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج بالنسبة للمزارعين، التي ارتفعت تكاليفها بشكل كبير مثل القطاف والعصر والتعبئة والسماد وغيرها.
ويقدر إنتاج الزيتون على كامل مساحة سوريا بنحو 711 ألف طن، منها نحو 304 آلاف طن في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وينتج عنها 49 ألف طن من مادة زيت الزيتون للاستهلاك المحلي، بحسب ما أعلنت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، عبير جوهر.
أما الإنتاج الإجمالي في سوريا من زيت الزيتون فقد قدرته جوهر بنحو 91 ألف طن منها 49% في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام.
“Off Year On year”
الدكتور في الاقتصاد الزراعي بجامعة “الزيتونة” الدولية، سليم النابلسي، قال لعنب بلدي، إن ظاهرة “المعاومة” تنتشر لدى بعض النباتات إن كانت أشجارًا أو خضارًا أو فاكهة، وهي معروفة بمصطلح اقتصادي يدعى “Off Year On year”.
والمعاومة هي عبارة عن ميل الشجرة إلى الحمل الغزير في عام ما وحملها محصول قليل جدًا أو قد لا تحمل أبدًا في العام التالي له.
تسمى السنة التي تحمل فيها الشجرة محصول عالي سنة الحمل الغزير (On Year) في حين تسمى السنة التالية بسنة الحمل الخفيف (Off Year) وقد تظهر في بعض الأحيان في سلسلة متعاقبة من السنين، أي إن الحاصل يقل في سنتين متتاليتين تليها سنة حمل غزيرة أو العكس.
تسبب الظاهرة، وفق النابلسي، إشكالية لدى المزارعين بسبب تفاوت حجم الإنتاج بين السنوات، ما يدفعهم لمحاولة السيطرة على عدم انتشارها خاصة بمحاصيل الزيتون، وذلك عن طريق العمليات الزراعية من تسميد وري في السنة المتوقع أن يكون الحمل فيه أقل، فضلًا عن انتظام التأقلم بهدف ضمان محافظة النبات على الحمل والإنتاج بشكل متوازن.
عدة أسباب للانتشار
هبة، مهندسة زراعية موظفة في مديرية الزراعة في محافظة السويداء (تحفظت على ذكر اسمها الكامل لأسباب خاصة)، قالت لعنب بلدي، إن لانتشار ظاهرة المعاومة عدة أسباب منها داخلية ترتبط بالنبات نفسه، أو بيئية، أو عوامل وراثية.
تتعلق العوامل البيئية، وفق المهندسة الزراعية، بالتطرف الذي قد يحدث في العوامل البيئية، كالبرد الشديد أوالحرارة المرتفعة والرطوبة المنخفضة والجفاف والأمطار والرياح الشديدة.
إذ يؤدي البرد الشديد إلى قتل النورات الزهرية وعقم حبوب اللقاح، بينما يؤدي الجو الجاف والحرارة المرتفعة إلى قلة الحاصل، كما قد تعيق الأمطار الغزيرة وقت التلقيح العقد وحركة الحشرات الملقحة.
كما قد تتسبب صفات التربة السيئة المتمثلة بسوء التهوية والصرف والملوحة وارتفاع مستوى الماء الأرضي، إلى انتشار الظاهرة أيضًا، بحسب المهندسة.
التقليم والتسميد
تتعلق إجراءات السيطرة على انتشار أو علاج ظاهرة المعاومة، وفق المهندسة الزراعية، بعدة إجراءات منها التقليم التي تعد ضرورية خاصة عند إجراؤه في سنة الحمل الغزير حيث يؤدي إلى إزالة جزء من خشب الشجرة والتقليل من البراعم الزهرية الغزيرة في هذه السنة وبالتالي التقليل من استنزاف المواد الغذائية المخزونة والاستفادة منها في سنة الحمل القليل.
كما يمكن اتباع برنامج تسميد مناسب للحد من ظاهرة المعاومة من خلال كميات منتظمة من الأسمدة المعدنية خاصة الأسمدة النتروجينية والفسفورية، بالإضافة إلى الخف المبكر للأزهار والثمار، فضلًا عن الجني المبكر وعدم ترك الثمار على الأشجار لفترة طويلة الأمر الذي قد يؤدي إلى ضمان بعض الحاصل للسنة المقبلة وبالتالي التقليل من ظاهرة المعاومة.