التصعيد في الشمال يدفع بـ68 ألف نازح إلى الخيام
ينشر عبد الرزاق عوض، وهو مدير منظمة “سيريا ريليف”، بشكل مستمر عبر معرفاته الشخصية ومعرفات المنظمة التي يديرها أرقامًا للخط الساخن، بهدف إجلاء أكبر عدد ممكن من الناس العالقين في شمال غربي سوريا التي تتعرض للقصف، وليست لديهم وسيلة نقل للهروب من تحت القذائف والصواريخ.
قال عبد الرزاق لعنب بلدي، إن المشهد مؤلم وخوف العائلات كبير من شدة القصف، وهذا يذكر بما حصل بالزلزال وبسنوات القتل والتهجير، خاصة في ظل اجتياح قوات النظام الواسع أواخر عام 2019، الذي هجر فيه قرابة مليون نسمة من أرياف حماة وحلب وإدلب.
بعد هدوء نسبي شهدته منطقة جنوبي وشرقي إدلب خلال السنوات الثلاث الماضية، عاد كثير من الأهالي لزراعة أراضيهم وترميم منازلهم لتكون صالحة للمعيشة، مفضلين السكن قرب خطوط التماس على المخيمات قرب الحدود التركية.
لم تستقر الحال بهذه العائلات، فالمنطقة تتعرض لقصف شبه يومي رغم وجود اتفاق “خفض التصعيد”، وترتفع وتيرته كل فترة.
وعادت قذائف وصواريخ قوات النظام خلال الأسبوع الماضي لتهجّر عشرات الآلاف من العائلات من قرى وبلدات جبل الزاوية وسرمين والنيرب وآفس، وتجبرهم على ترك منازلهم وأراضيهم وأرزاقهم.
ولم تسلم مخيمات النازحين من الاستهداف، وطال القصف مخيمًا للنازحين على أطراف مدينة إدلب في 8 من تشرين الأول الحالي.
خيام ومراكز إيواء
شهدت المنطقة حركة نزوح إلى القرى والبلدات الآمنة نسبيًا والبعيدة عن مناطق القصف الذي ارتفعت حدته، في 5 تشرين الأول الحالي، عقب ساعتين من الهجوم الذي استهدف حفل تخرج ضباط الكلية الحربية بحمص.
وعملت منظمات إنسانية شمالي سوريا على تجهيز عدد من الخيام ومراكز الإيواء، التي كانت مجهزة مسبقًا لمتضرري الزلزال الذي ضرب المنطقة في 6 شباط الماضي.
مدير منظمة “أطباء عبر القارات”، الدكتور زاهد المصري، قال لعنب بلدي إنه جرى إلى الآن توزيع قرابة 4000 خيمة للعائلات المهجرة، واستقبلتها مراكز إيواء كانت معدة لمتضرري الزلزال مسبقًا، إضافة إلى توزيع مواد غذائية وغير غذائية للنازحين في هذه المراكز.
وأشار المصري إلى أن بعض الأنشطة الإنسانية التابعة للمنظمات والمؤسسات توقفت بشكل مؤقت في المناطق التي تعرضت للقصف، متوقعًا عودتها للعمل فور هدوء التصعيد وتوقف القصف.
وبحسب عبد الرزاق عوض، فقد عمل عدد من المنظمات الإنسانية على تجهيز خط ساخن وسيارات لإجلاء العالقين في المناطق التي تتعرض للقصف، خشية سقوط ضحايا أكثر نتيجة القصف العشوائي الذي تتعرض له المنطقة.
بعد بداية التصعيد، جرى تجهيز 16 مركز إيواء مؤقتًا تركزت معظمها في مناطق سرمدا وحارم ودركوش وأطمة بريف إدلب الشمالي، واستقبلت عشرات العائلات.
ولجأ عدد من هؤلاء النازحين إلى أقربائهم ممن يقطنون في المناطق الحدودية شمالي إدلب أو إلى منطقة عفرين شمال غربي حلب، وفضّل عديد من سكان المناطق التي تتعرض للقصف البقاء في قراهم، متمسكين بأرضهم، مفضلين العيش تحت القصف على السكن في المخيمات.
تضرر القطاع الإنساني
رغم الحديث عن هدنة وتوقف عمليات القصف، لا يزال استهداف المنطقة من قوات النظام وروسيا مستمرًا.
وقال مدير منظمة “بنفسج”، قتيبة السيد عيسى، لعنب بلدي، إن مناطق شمال غربي سوريا شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في الأعمال العدائية الأسبوع الماضي، وتأثر القطاع الإنساني بها، وعلّقت 20 منظمة إنسانية أنشطتها بسبب قصف النظام مكاتب المنظمات في محافظة إدلب.
وحتى 13 من تشرين الأول الحالي، قُتل ما لا يقل عن 53 شخصًا بينهم 11 امرأة و15 طفلًا، وأُصيب 303 آخرون، وأدى التصعيد إلى نزوح حوالي 68 ألف شخص، وطال القصف أكثر من 1400 موقع في جميع أنحاء إدلب وغربي حلب.
في 12 من تشرين الأول الحالي، دخل وفد مشترك من الأمم المتحدة إلى إدلب، بقيادة نائب منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية، ديفيد كاردين، لتقييم الاستجابة المستمرة.
وتكون الوفد من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و”يونيسف” ومنظمة الصحة العالمية وإدارة الدعم الاجتماعي.
وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، “ما سمعناه من المجتمعات المحلية هو أنهم يريدون العودة إلى ديارهم ولكنهم لا يشعرون بالأمان للقيام بذلك”.
أبرز الاحتياجات
عن أبرز الاحتياجات للنازحين قال قتيبة السيد عيسى، إن من الضروري توزيع الخيام ومواد المأوى للنازحين، وتأمين القسائم النقدية، لأنهم بأمس الحاجة للأموال بسبب توقف مصادر رزقهم، وتوزيع سلال غذائية وسلال نظافة، إضافة إلى توفير الدعم لمراكز استقبال النازحين.
من جهته، أفاد الدكتور دريد رحمون من مديرية الصحة بإدلب، عنب بلدي، أن قوات النظام استهدفت بشكل مباشر المنشآت الطبية في مدينة إدلب وسرمين وأريحا، حيث تم استهداف 11 مركزًا تقدم الخدمات الطبية للسكان، ومقتل وإصابة عدد من المدنيين كانوا مراجعين لهذه المراكز.
واستهدفت قوات النظام مستشفى “الجامعة” والمستشفى “الوطني” ومستشفى “ابن سينا” ومركز “بنك الدم” في مدينة إدلب، والمركز الطبي النسائي التابع لـ”الدفاع المدني السوري” في مدينة سرمين شرقي إدلب، ومستشفى “سيما” في مدينة أريحا، وعددًا من المراكز الطبية في منطقة جبل الزاوية.
وأشار رحمون إلى أن المراكز الصحية والمستشفيات في المناطق القريبة من القصف تعمل حاليًا في حالة الطوارئ خشية ازدياد عدد الضحايا في حال تكرار القصف.
ويعاني القطاع الإنساني ضعفًا في الاستجابة الإنسانية وعجزًا في أغلب قطاعاته، نتيجة توقف عدد من المانحين الدوليين عن تقديم الدعم للمنطقة، وبحسب فريق “منسقو استجابة سوريا”، فإن أكثر من 94% من العائلات القاطنة في المخيمات غير قادرة على تأمين مواد التدفئة للشتاء المقبل.
اقرأ أيضًا: هجوم حمص.. فرصة الأسد لضبط الأزمات
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :