تعا تفرج
مدينة ذكية بقيادة ماهر حميد
خطيب بدلة
يتربع صديقي المهندس والأديب والباحث ماهر حميد على ما يشبه النبع الجاري من الأفكار الخلاقة، كان آخرها حديثه عن “البطاقة الذكية” التي يتعامل بها جماعة النظام السوري، ويحبونها، ويترنمون بها.
ولولا الحياء لوضع الشيخ علي الشعيبي “البطاقة الذكية” في فلاشة، ولوح بها أمام كاميرا قناة “الجزيرة”، وقال: لو أنكم تعلمون ما في هذه الفلاشة، لوقفت شعورُ رؤوسكم كالقنافذ، ولعُدتم جميعًا، أيها العملاء الممولون، إلى حضن الوطن، وعملتم بنصيحة وزير إعلامنا السابق، مهدي دخل الله، بتقبيل البوط العسكري، وتعييش القائد “الفَزّ” (يقصد الفذ)، ثم الذهاب إلى بيوتكم صاغرين.
ويبدو أن ماهرًا لا يعلم، ما يعلمه كثيرون، بأن قادة الدولة السورية، الممانعين، كانوا حريصين على ألا تَخترق الدوائرُ الاستعمارية، والإمبريالية، والصهيونية، أسرار دولتهم، ومخططاتها، فتسلحوا، وسلحوا البلاد بـ”الموافقة الأمنية”، لذلك، وبمجرد ما طرح ماهر فكرة الاستعانة بـ”البطاقة الذكية”، لأجل إقامة مدينة سورية ذكية، فاجؤوه بالسؤال: معك موافقة أمنية يا بني؟
الموافقة الأمنية على إقامة مدينة ذكية كاملة، لا يمكن الحصول عليها بقطرميز مكدوس تقدمه للمساعد أول أبي حسين، أو بواسطة من أبي نواف عند رئيس قلم الأمن السياسي في الرقة، ولا حتى بتدخل شخصي من الأستاذ علاوي، بل يجب أن يأخذ القانون مجراه، فتحمل الإضبارة تحت إبطك، وتلاحق الموضوع من مكان إلى مكان، ونحن نعرف أن حضرتك مهندس، وتقدّم، على صعيد الهندسة، أفكارًا وتصاميم عبقرية، إلا أن المسؤولين في سوريا الأسد، بسبب خوفهم من تآمر القوى الإمبريالية الصهيونية الرجعية، لا يمررون مشروعًا دون الاطلاع على مخططه الهندسي، وأنت أكثر واحد يعلم، أن بيير كاردان بجلالة قدره، لم يستطع، في يوم من الأيام، كسب المناقصة التي تقدم بها من أجل تصميم لباس جامعي موحد للطلاب السوريين، فالياقة لم تعجب أبا منير، محمد ناجي عطري، لأنها رقيقة، ومفرشخة. ومن جهته، اعترض الرفيق محمد زهير مشارقة على طول المسافة بين الزرين العلويين، وعندما عُرض التصميم على الجبهة الوطنية التقدمية، ألقى الأستاذ صفوان قدسي خطابًا، ذكّر فيه الجماهير الكادحة بالوحدة العظيمة، بقيادة الرئيس الأسمر جمال عبد الناصر، وعرّج على الدور التاريخي الذي يقوم به القائد الأسد، وخلص إلى أن وضع جيب برتقالي على قميص بيج، أو نيلي على أزرق فاتح، في تصميم بيير كاردان، ما هو إلا نوع من الميوعة، وأصرت الرفيقة وصال فرحة على أن تُلزم القيادة المتعهد كاردان بتصنيع الألبسة المقترحة من الأقمشة السورية، شريطة أن يكون القياس أكبر من أجسام الطلاب، باعتبار أن بعض الأقمشة السورية تكش على الغسيل، وتخيل، يا ماهر حميد، ماذا يمكن أن يحصل لو أن في تصميمك للمدينة الذكية عددًا من المصانع ومراكز البحوث أكبر من عدد المساجد، فهل تضمن، وقتئذ، ألا يعترض عليك “المجلس الإسلامي السوري” في اسطنبول، أو يهادنك الإعلام الإخواني، فلا يشير إلى أنك علماني، تشخ على الواقف؟
على كل حال أستاذ ماهر، يصير خير، هات لنا موافقة أمنية، وكل شيء لخاطرك.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :