يعاني المقيمون في مناطق سيطرة النظام من ارتفاع أسعار التحاليل الطبية، مقارنة مع الرواتب والأجور، وانعدام المعايير في تحديد الأسعار، وتبدلها المستمر، إضافة لمشكلة نقص الكوادر في القطاع العام.
وتختلف أسعار التحاليل بين مركز وآخر، ومن منطقة إلى غيرها، وفقًا لطبيعة مكان المخبر إن كان في أحياء شعبية أو ضمن مركز المدينة.
حنين، طبيبة مخبرية (29 عامًا) مقيمة في ريف دمشق، قالت لعنب بلدي، إن الأسعار ارتفعت من فترة قريبة، وليس لها وقت معين في التغيير، فهي ترتفع باستمرار بحسب الأوضاع الاقتصادية وحملات فقدان الأدوية من السوق.
وذكرت أن التحاليل تحتاج إلى مواد يصعب تأمينها، كما أن تكلفتها على المخبر عالية، بالإضافة إلى عامل انقطاع الكهرباء الذي يجبر أصحاب المخابر على استخدام بدائل وتكون مكلفة أيضًا.
وحول أسعار التحاليل، أوضحت الطبيبة أنها تختلف حسب النوع، فتحاليل الغدة تتراوح ما بين 40 إلى 65 ألف ليرة سورية (ما يعادل 3 إلى 4,5 دولار أمركي).
ويبلغ سعر شراء الدولار في دمشق، 13850 ليرة للدولار الواحد، بحسب موقع “الليرة اليوم“، وقت تحرير هذا التقرير.
وذكرت الطبيبة أن التحاليل الهرمونية فتكلف نحو 60 ألف ليرة، فيما تحاليل الفيتامينات تصل لـ200 ألف ليرة، خاصة فيتامين (د) الذي تتراوح تكلفته بين 80 و128 ألف ليرة، وفيتامين (ب12) بين 60 و95 ألف ليرة، وتحاليل الدم الطبيعية تقارب الـ10 ألاف ليرة، أما تحاليل الدم الخاصة بحالات العلاج السرطاني فتتراوح ما بين 70 و100 ألف ليرة سورية.
وبالنسبة لتحاليل الخزعات والتشريح المرضي وما شابه، تكون تكلفتها مرتفعة بشكل أكبر، وتتراوح بين 200 إلى 250 ألف ليرة سورية، وتختص مخابر محددة بهذا النوع من التحاليل.
ووفقًا للطبيبة تتفاوت التكلفة بشكل واضح ما بين المخابر، فبعض المخابر يكون لاسمها أو موقعها دور في تحديد الأسعار، وتابعت أن النقص الكبير والملحوظ في الكادر الطبي والمخبري له تأثير في ارتفاع الأسعار، إذ لا تتقيد هذه المخابر بالأسعار الرسمية لأنها تتنافى مع الظروف الراهنة.
وقالت الطبيبة التي طلبت عدم ذكر اسمها لدواع أمنية، إنه “لا حلول مطروحة لدينا، فنحن أمام خيارين، إما الاقفال أو الاستمرار في ظل هذه الأسعار غير المستقرة، علمًا أن هناك مخابر أغلقت لعدم قدرتها على تغطية النفقات”.
لا تتناسب مع الدخل
يعتمد أغلب المواطنين على المخابر الخاصة عوضًا عن الحكومية وذلك لعدة أسباب، منها انتظار موعد قد يطول لأيام من أجل أجراء أي تحليل، بالإضافة إلى تأخر في الحصول على النتائج، كما أن أغلب التحاليل في المخابر الحكومية غير موجودة.
ماهر (44 عامًا)، وهو أسم مستعار لموظف مقيم في دمشق، قال لعنب بلدي، إن والدته تعرضت إلى وعكة صحية مفاجئة (سرطان)، وإنه من المستحيل أن تحصل على دور قبل الشهر لإجراء التحاليل، أما العلاج “حدث ولا حرج” على حد قوله.
وأضاف، “أخترنا عدم المغامرة بحياة الوالدة فذهبنا إلى المخابر الخاصة، ضمانًا لنتائج أكثر دقة وبوقت معقول”، كما نوه إلى سبب أخر، وهو حدوث بعض الأخطاء في تحاليل المخابر الحكومية.
وأوضح ماهر، طلب عدم ذكر اسمه الكامل، أن الأسعار لا تتناسب مع رواتب الموظفين مثله، فهو يعمل موظفًا حكوميًا، ولا يتعدى راتبه 140 ألف ليرة (تعادل نحو 10,5 دولار أمريكي)، أي أقل من تكلفة تحليل واحد فقط لوالدته.
تغيير مستمر
نقيب أطباء سوريا، غسان فندي، ذكر أن الخدمات المرتبطة بمواد التحاليل الطبية تتأثر بالتضخم حالها حال المواد الاستهلاكية، مما يؤدي إلى تغيير مستمر في تكلفتها، واعتبر أن الحل يتلخص بإعفاء مواد المخابر من الضرائب الجمركية لبضع سنوات.
وأكد فندي في تصريحات عبر إذاعة “المدينة اف ام” المحلية، منتصف حزيران الماضي، ضرورة تحسين واقع المشافي العامة التي تتعرض بشكل مستمر لشكاوى حول التقصير مع المرضى، على الرغم من تقديم كافة الخدمات لهم، بحسب قوله.
مدير مخابر الصحة العامة في وزارة الصحة، مهند خليل، قال، إن الوزارة عدلت تسعيرة التحاليل في جميع المخابر الخاصة والعامة في 18 من آب 2023 بموجب قرار 8\T، وعليه حددت الوزارة الوحدة المخبرية العامة بـ1500 ليرة سورية، والخاصة بـ 2500 ليرة.
كما نقلت صحيفة “الوطن” المحلية عن خليل، قوله، إن أسعار الوحدات المخبرية تحدد من وزارة الصحة بناءً على دراسات تتناسب مع الأسعار والمنطق، وإن الوزارة شكلت لجنة لمراقبة أسعار التحاليل في المخابر والمشافي وضبط أي مخالفة تحصل.
وتعاني مناطق سيطرة النظام من نقص في الكوادر الطبية، بالإضافة إلى أن بعض هذه الكوادر غير جديرة في ممارسة المهنة، كما أن انقطاع الكهرباء المتكرر وعدم المتابعة من قبل بعض المخابر مع الاخصائيين في معايير الأجهزة قد يؤدي إلى فقدان النتيجة الحقيقية للتحليل، وفق ما ذكره مدير المخابر في حديث لصحيفة “تشرين” الحكومية في، 24 من أيار 2022.