العلاج التجميلي لندوب الحروق

  • 2023/10/15
  • 8:54 ص
العلاج التجميلي لندوب الحروق

Image Source: Canva

د. أكرم خولاني

تعد الحروق من أكثر أنواع الحوادث التي  يتعرض لها الناس بشكل عام، ولكنها أصبحت أكثر انتشارًا بين السوريين بسبب ما يتعرضون له من قصف متكرر يؤدي إلى اشتعال النيران والحرائق.

ويمكن أن تؤثر الحروق في بعض الأحيان على وظيفة العضو المصاب من الجسم، فتعوق قيامه بوظائفه اليومية، ولكن في الغالب تكمن المشكلة في أن آثارها تسبب مشكلات جمالية ونفسية لأصحابها، خاصة إذا سبب الحرق ندوبًا مشوهة في موضع واضح، أو كان يشمل منطقة كبيرة من الجسم.

ولذلك فإن شعبية عمليات إزالة آثار الحروق على مستوى العالم تزداد يومًا بعد يوم، وعلى الرغم من أن أهداف هذه العمليات تجميلية بالدرجة الأولى، فإنها تصنف طبيًا باعتبارها عملية تكميلية وتعويضية.

ما الحرق

الحرق (Burn) هو تموّت يصيب خلايا الجسم نتيجة تعرضها لدرجة حرارة مرتفعة، ويحدث ذلك نتيجة التعرض للنار أو السوائل الساخنة، أو التعرض لأشعة الشمس الحارة لفترات طويلة، وهناك حروق نتيجة الكهرباء، وأخرى بالمواد الكيماوية.

وباختلاف المادة المسببة للحرق ودرجته والمساحة المتعرضة له، يتحدد مسار تعافي الحروق، وما إذا كانت ستتعافى دون ترك آثار أو ندوب، أو أنها ستحتاج إلى تدخل طبي ليتم تجميلها.

وتصنف الحروق إلى ثلاث درجات رئيسة:

  1. حرق من الدرجة الأولى: يكون سطحيًا، ويتميز باحمرار المنطقة المصابة ووجود ألم، وهو يتعافى دون ترك ندوب أو آثار.
  2. حرق من الدرجة الثانية: يكون الحرق أعمق ويشمل طبقات أكثر من الجلد، ويتميز بوجود فقاعات مع احمرار في المنطقة المصابة، وعادة ما يتعافى دون ترك ندوب، لكن إذا كان حرق الدرجة الثانية شديدًا يمكن أن يترك بعض الندوب.
  3. حرق من الدرجة الثالثة: يشمل كل طبقات الجلد، ويتميز بكون لون المنطقة المحروقة أبيض، وفي حالات التفحم يمكن أن تكون سوداء اللون، وقد تظهر بعض من الأجزاء الداخلية مثل العظام والأوتار، ويترك هذا النوع من الحروق ضررًا بالغًا.

تتطلب الحروق الشديدة من الدرجتين الثانية والثالثة عناية طبية خاصة، إضافة إلى وجود حاجة في بعض الأحيان للقيام بتدخل جراحي تجميلي للتخلص من الندوب والتشوهات الناجمة عن الحرق.

ما أنواع الندوب الناتجة عن الحروق

تحدث الندوب نتيجة فقدان معظم الطبقات المكونة للجلد، ويمكن أن تحدث لوحدها أو يرافقها انكماش وتقلص في نفس المنطقة، ويعتمد ذلك على عمق الحرق:

إذا كان الحرق يشمل معظم طبقات الجلد وصولًا إلى طبقة الأدمة، مع الحفاظ على جميع العناصر الموجودة فيها من أعصاب وخلايا لمفية وخلايا متخصصة، في هذه الحالة يتم تعويض الطبقات المحروقة ولكن ليس بشكل كامل، لذلك ينتج انخفاض بسيط في المنطقة المصابة ينتج عنه تكون ندوب.

إذا كان الحرق يصل إلى عمق أكثر من طبقة الأدمة، تنتج عنه خسارة كاملة لكل سمك الجلد، وبالتالي لا توجد خلايا في نفس المنطقة المحروقة لتعويض الضرر، فتتعافى المنطقة نتيجة محاولة الخلايا المجاورة لمنطقة الحرق تغطية المنطقة المصابة، وينتج عن ذلك انكماش وتقلص واضح في منطقة الحرق، ما يسبب مضاعفات أخرى.

كيف يمكن تجميل الحروق

تشمل طرق تجميل الحروق كلًا مما يلي:

  • العلاجات الموضعية للحروق: تستخدم العلاجات الموضعية المختلفة لتقليل الندوب، مثل الهيدروكينون لتفتيح التصبغات الغامقة، و”جيل السيليكون” لتحسين شكل وملمس وجوانب الندوب، وكريم الميتوميسين لتقليل الندوب.
  • الحقن داخل الندوب: يمكن حقن مادة الكورتيزون (6 حقن كحد أقصى بمعدل حقنة كل شهر) حيث تقلل من ارتفاع الندوب التضخمية وتساعد على جعلها مسطحة أكثر، لكنها لا تؤثر على عرض أو عمق الندوب.
  • العلاج بالتبريد Cryotherapy)): يستخدم لعلاج الجدرة والندوب التضخمية، ويلاحظ في 80% من الحالات حدوث تحسن في مظهر الندوب، لكن يمكن حصول مضاعفة جانبية، مثل انخفاض الندوب أكثر من المطلوب في عدد ملحوظ من الحالات.
  • العلاج بالليزر: يخفف الليزر من احمرار الندوب وزيادة تصبغها، ويحفز إعادة بناء وتعديل الكولاجين، كما يحسن من مظهرها بشكل عام.
  • التجميل الجراحي للحروق بتقنية ممددات الأنسجة (البالون): هي عملية جراحية بسيطة نسبيًا، تجعل الجسم قادرًا على تنمية جلد سليم إضافي للاستخدام في ترميم جلد مصاب في أي جزء من الجسم، وتتم بإدخال ممدد الأنسجة (بالون من السيليكون) في جيب يتم عمله تحت الجلد السليم، ويتصل البالون بأنبوب رقيق للغاية وصمام ذاتي العزل ليسمح للجراح بملء البالون بشكل تدريجي بالمحلول الملحي، يترك الصمام مباشرة تحت سطح الجلد، ويتم تكرار حقن البالون بمحلول ملحي إضافي لزيادة حجمه، فيحدث شد واستطالة بالجلد حتى تغطية المنطقة المطلوب ترميمها، ويحتاج ذلك إلى مدة قد تصل حتى ثلاثة أشهر، ثم يتم إجراء عملية ثانية لإزالة البالون وإعادة تصحيح وضع الأنسجة الجديدة.

ومن الطرق الجراحية المستخدمة في تقنية ممددات الأنسجة ما يلي:

  1. عمليات ترقيع الجلد: يتم إدخال البالون تحت جلد إحدى المناطق السليمة، وبعد تمدد الجلد بشكل كافٍ يمكن استئصال كمية كافية من الجلد السليم وزرعها لتغطية الحرق وإزالة أثره.
  2. عمليات توسيع الأنسجة: في هذه التقنية يتم وضع البالون تحت جلد منطقة مجاورة للمنطقة المراد ترميمها، وبعد تمدد الجلد بشكل كافٍ يتم شده لتغطية الحرق بشكل كامل، وهذه التقنية تعد خيارًا في إصلاح مناطق من فروة الرأس، حيث مع نمو الشعر يصبح صعبًا إحلال الأنسجة المفقودة أو التالفة بجلد من منطقة أخرى في الجسم، وبشكل عام تعطي نتائج ممتازة عند استخدامها في ترميم بعض المناطق من الوجه والرقبة واليد والذراع والساق، وقد تكون أكثر صعوبة في استخدامها في الظهر أو الجذع أو أي مناطق يزيد فيها سمك الجلد.

في حالة شدة الإصابة والتلف في منطقة ما، قد تصبح ممددات الأنسجة (البالون) غير ممكنة، إذ إن مطلبها الرئيس هو جلد سليم لتعمل على زيادته.

وتتميز هذه الطريقة عن أساليب وطرق زراعة الجلد القديمة بأنها تسمح بتغطية مساحات كبيرة دون الاضطرار إلى زراعة جلد غريب عن الجسد (كما في الطرق التي كانت سائدة قديمًا لعلاج المنطقة المصابة بالحروق)، ومن أهم مزايا استخدام جلد من نفس الشخص هو عدم التعرض لعمليات رفض الجلد المزروع وعدم الاضطرار لتناول مثبطات المناعة التي تساعد على تقبل الجسم للجلد الجديد الذي تمت زراعته.

ما التوقيت المناسب للبدء بعملية تجميل الحرق

بشكل عام يعتبر من المهم جدًا معرفة أن عملية تجميل الحروق يجب إجراؤها بعد نضج الندوب، أي التئام الحرق بشكل كامل من خلال تراكم مادة الكولاجين، فتصبح الندوب متماسكة وصلبة ويختلف لونها، مع عدم وجود أي أوعية دموية.

ويعود ذلك لسببين:

أولًا، لأن الندوب غير الناضجة تكون أكثر استجابة للعلاج الفيزيائي الطبيعي، وبالتالي تتحسن الانكماشات الموجودة وتصبح حركة الجزء المصاب أكثر مرونة وحرية، وإعطاء هذه المدة من الوقت يمنح فرصة للندوب الصغيرة والخفيفة للاختفاء والتحسن، فيقل عدد المناطق التي تحتاج إلى تدخل تجميلي جراحي، ويزداد التركيز خلال العملية على المناطق المتضررة بشكل أكبر.

ثانيًا، لا يمكن إجراء التدخل الجراحي في مرحلة التعافي لأن الندوب غير الناضجة تكون غنية بالأوعية الدموية، والتدخل الجراحي يمكن أن يسبب نزيفًا يعوق الوصول إلى النتيجة المثالية المرجوة، كما أنه يؤدي إلى أخذ رقعة جلدية غير مثالية، وبالتالي إلى مزيد من الندوب والانكماشات.

نتيجة لذلك فإن الوقت المناسب لإجراء عملية تجميل للحروق هو بعد 12-18 شهرًا من حدوث الحرق، وهو الوقت اللازم لنضج الندوب.

لكن في حالات محددة يتم إجراء التدخل الجراحي التجميلي خلال أقصر وقت ودون انتظار، وهذه الحالات:

  • انكماش في الرقبة مع عدم القدرة على تحريكها.
  • تقلص شديد في حجم فتحة الفم نتيجة الحرق بحيث يتداخل مع تغذية المريض.
  • انكماش الجلد في منطقة اليد، وتحديدًا ظهر الكف، ما يؤدي إلى شد اليد والأصابع إلى الخلف وضرر في الأوتار والعضلات، وهذا قد يؤدي إلى إعاقة مزمنة.
  • انكماش الحرق في منطقة الركبتين بشكل يمنع المريض من الوقوف أو المشي.
  • ندوب انكماشية تجاورها مناطق مكشوفة تحتاج إلى تغطية بطبقة أو رقعة جلدية.
  • حرق في جفن العين العلوي مع وجود خطر حدوث تقرح في القرنية أو ندوب دائمة فيها تؤثر على الرؤية.
  • ندوب انكماشية مع التهاب وتقيُّح، تحتاج إلى تنظيف وتفريغ من مادة القيح لتتعافى بشكل سليم.
  • أي ندوب انكماشية شديدة غير متوقع أن تتعافى أو تتحسن بأي شكل من أشكال العلاج الفيزيائي الطبيعي.

كيف يمكن الوقاية من تكون ندوب الحروق

العلاج الدوائي والعناية بالمنطقة المحروقة بشكل جيد، لمنع حدوث العدوى أو تجمع القيح في المنطقة، ويجب الحرص على حماية المنطقة التي تتعافى من الحرق من التعرض لأشعة الشمس حتى يصبح الحرق متعافيًا تمامًا لمنع حدوث تصبغات جلدية.

ارتداء المشد الضاغط لتخفيف احتمالية ظهور الندوب التضخمية خصوصًا للحروق الجلدية العميقة أو المناطق التي تم أخذ رقعات جلدية منها لعلاج مناطق أخرى، وينصح بارتداء المشدات طيلة اليوم (24 ساعة) باستثناء وقت الاستحمام، ولمدة 9-12 شهرًا.

إغلاق الجرح الناتج عن الحرق مباشرة من خلال رقعة جلدية يشكل العامل الأهم والأكبر فاعلية في منع أو التقليل من احتمالية حدوث انكماش مكان الحرق.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية