لا يزال القصف واستهداف مناطق شمال غربي سوريا مستمرًا من قبل قوات النظام السوري وروسيا، رغم الحديث عن هدنة وتهدئة تم تداولها دون إعلان رسمي عنها.
وتواصل قوات النظام قصف المنطقة، واستهدف الطيران الحربي الروسي، مساء الجمعة 13 من تشرين الأول، بعدة غارات جوية منطقة جبل الأربعين، وإحسم، وجوزف، وبليون، ومشون جنوبي إدلب، ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة مدني.
“المرصد 80” (أبو أمين)، المختص برصد التحركات العسكرية في المنطقة، قال إن الطيران الروسي شن تسع غارات جوية بالصواريخ الفراغية، منها اثنتان جنوبي جبل الأربعين واثنتان في محيط إحسم، وواحدة في محيط مشون، واثنتان في محيط جوزف وأخريان جنوب بليون.
وتأتي الغارات بعد تصعيد لقوات النظام بدأ من 4 إلى 8 من تشرين الأول الحالي، وسط حالة من الخوف والقلق عاشها سكان من الشمال السوري، وأسفر التصعيد عن مقتل 46 مدنيًا وإصابة 213 آخرين.
وتعرضت عشرة مرافق تعليمية للهجمات، بينها تسع مدارس، وبناء لمديرية التربية، وتعرضت خمسة مرافق طبية للاستهداف المباشر الذي خلّف فيها أضرارًا.
الحديث عن هدنة بقي حبيس مواقع التواصل دون تأكيد رسمي، وسط مشهد معقد خلط الأوراق، خاصة مع وجود قوى متعددة فوق الأراضي السورية.
تغطية للأزمات
ارتفعت حدة التصعيد العسكري على الشمال السوري في 5 من تشرين الأول الحالي، بعد ساعتين من تفجير تعرضت له الكلية الحربية بمدينة حمص وسط سوريا، خلال حفل تخريج الضباط في قوات النظام، وأسفر عن مقتل 89 شخصًا.
الباحث في مركز “عمران للدراسات” معن طلاع، قال لعنب بلدي، إن اختيار توقيت التصعيد العسكري مرتبط بالدرجة الأولى بحاجة النظام لإيجاد ثغرة لتجاوز أزماته المحلية، ويعيد المشهد العسكري للأذهان، فالأزمات الأمنية والاقتصادية بات الشعب لا يطيقها في مناطق سيطرته، إضافة إلى أن المشهد في السويداء يتجه إلى خروج محافظة السويداء خارج سيطرة قوات النظام بالكامل، وانتشار شبكات الاغتيال والسلب والخطف من حلب إلى درعا، وصرخات الاحتجاج النوعية في اللاذقية وطرطوس، التي تعكس المظلومية بأنهم لم يستفيدوا شيئًا بعدما استخدمهم في الحرب، وفق طلاع.
هذه الأزمات، بحسب طلاع، وفي ظل عدم قدرة النظام على التعاطي معها، لجأ إلى العمل الأمني كما حصل في الكلية الحربية ليخبر الجميع أنه ما زال يحارب “الإرهاب”، وهو الخطر الأكبر، وعلى الجميع الوقوف مع الجيش وتنحية الأزمات المحلية.
ما مصلحة إيران؟
تنتشر الميليشيات الإيرانية على جبهات القتال على الساحة السورية، التي أسهمت إضافة إلى الطيران الروسي بإنقاذ النظام من السقوط، وساعدته على استعادة مناطق كثيرة كان قد خسرها لمصلحة فصائل المعارضة.
يرى الباحث معن طلاع أن لإيران مصلحة فيما يحدث في غزة وفي الشمال السوري من المنظور الاستراتيجي من خلال دعم الميليشيات التي تعمل لمصلحة إيران بالمحصلة، فهي لا تحارب بنفسها إنما من خلال أدوات هي تدعمها.
وأضاف طلاع أن هدف إيران هو إيصال رسالة بأنها فاعل بارز مؤثر في قضايا المنطقة، لا سيما في سوريا وفلسطين، وأنه يجب أن تكون هي على طاولة الحوار والمفاوضات في أي شأن يخص هذه القضايا.
في 5 من آذار 2020، وقع الرئيس التركي مع نظيره الروسي اتفاق “موسكو”، وجاء في بنوده إعلان وقف إطلاق النار اعتبارًا من 6 من الشهر نفسه على طول خط المواجهة بين النظام السوري والمعارضة.
سبق هذا اتفاق آخر وقعته روسيا وتركيا ضمن اتفاقية “أستانة” عام 2017، لـ”خفض التصعيد”، تبعته اتفاقية “سوتشي” في أيلول 2018، ونصت على وقف إطلاق النار في محيط إدلب، لكن النظام وروسيا ينتهكان الاتفاقيات هذه باستمرار.
–