درعا – حليم محمد
ارتفعت أسعار الأبقار في محافظة درعا جنوبي سوريا، تزامنًا مع ارتفاع سعر الحليب واللحوم في السوق المحلية.
وعانى مربو الأبقار في درعا خلال السنوات الماضية خسارات مالية تمثلت بارتفاع سعر العلف، إذ يقتضي ميزان الربح لدى المربي أن يكون سعر الحليب متفوقًا على سعر العلف.
عوامل تتحكم بالسعر
فاقت أسعار بعض الأبقار في أرياف درعا 40 مليون ليرة سورية، تزامنًا مع ارتفاع سعر الحليب الذي وصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 5000 ليرة سورية، يشتريه التاجر من المربي مباشرة، في حين وصل كيلو العلف إلى 3500 ليرة سورية.
يوسف المحمد، تاجر أبقار في ريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إن هناك عدة عوامل تحدد سعر الأبقار، منها سلالتها، وتعتبر “الفريز” أشهر الأنواع في درعا وأغلاها، وأصبحت نادرة، خاصة بعد دمار شركة الأبقار العامة والشركة الليبية المشتركة في ريف درعا الغربي اللتين كانتا تحويان هذه الأبقار، وتعرضتا بعد عام 2012 للسرقة وتخريب المنشآت وفقدان جزء كبير من هذه السلالة.
ومن أهم العوامل في تحديد سعر البقرة، إنتاجها من الحليب، وهناك أبقار تنتج أكثر من 35 كيلو حليب يوميًا، إذ يختلف سعر البقرة التي تنتج هذه الكمية عن البقرة التي تنتج 15 كيلوغرامًا على سبيل المثال، والتي لا يتجاوز سعرها 20 مليون ليرة سورية، بحسب يوسف.
وأضاف أن عامل العمر يؤثر أيضًا في السعر، إذ يزيد سعر الأبقار كلما كانت أقل عمرًا، ومعيار تحديد السن يبدأ من مرحلة دخولها الإنتاج وعدد ولاداتها.
الحليب واللحوم يرفعان السعر
صالح (40 عامًا)، تاجر أبقار في ريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إن ارتفاع سعر الحليب له دور في تمسك المربي بتربية أبقاره ورفض بيعها بعد تحقيق هامش ربح ناتج عن زيادة سعر الحليب على سعر العلف، فضلًا عن وجود سبب آخر يتعلق بارتفاع أسعار لحوم المواشي بشكل عام.
وأضاف أن الأبقار والعجول تباع أحيانًا لمسالخ اللحوم، وهذا ما رفع سعرها في السوق المحلية.
ولم يقتصر الارتفاع على بقر الحليب، بل شمل أسعار العجول (مواليد الأبقار)، ولا يقل سعر أي مولود عن ثمانية ملايين ليرة سورية.
أصبحت الأبقار بعد غلائها خارج القدرة الشرائية لشريحة واسعة من سكان الأرياف في درعا، خاصة أنها تحقق الاكتفاء الذاتي للأسرة من مشتقات الحليب، في حين باتت تحقق مردودًا ماليًا بعد غلاء الحليب مؤخرًا، وفق ما قاله التاجر صالح.
وذكر أنس (40 عامًا)، وهو من سكان بلدة المزيريب، أن شراء البقرة أصبح يعادل شراء سيارة، إذ أصبحت خارج قدرة معظم السكان.
أنس الذي يعمل في أعمال المياومة بأجرة 20 ألف ليرة سورية، يسعى إلى امتلاك بقرة، إلا أن مقدرته المادية لا تساعده على شرائها.
وأضاف الشاب أنه ينوي بيع دراجته النارية وشراء عجلة يربيها، ويحتاج هذا الأمر إلى سنتين حتى تصبح لديه بقرة حليب.
الحليب في ميزان المربي
بعد غلاء الحليب مؤخرًا، أصبح المربي يربح من خلال بيع الحليب لتفوق سعره على العلف.
إياد، طبيب بيطري في ريف درعا، قال لعنب بلدي، إن كل كيلوغرام من العلف ينتج كيلوغرامين من الحليب، وبعد زيادة سعر الأخير، أصبح المربي يزيد من التغذية بالعلف ما أدى إلى زيادة إنتاج الحليب.
وأضاف الطبيب أن العلف يكسب المواشي صحة ويمنعها من الهزال، ويزيد من إنتاج الحليب، ويمنح المواليد صحة جيدة.
زهير (28 عامًا)، مربٍّ من سكان بلدة تل شهاب في ريف درعا الغربي يملك بقرتين، قال لعنب بلدي، إنه أصبح يحصل مؤخرًا على هامش ربح لم يكن يحصل عليه في السابق حين كان مردود إنتاج الحليب لا يغطي تكاليف العلف.
وفي آب الماضي، كان سعر كيلو الحليب 3000 ليرة سورية، بينما يعادل سعر كيلو العلف 3500 ليرة.
ويتوفر في الجمعيات الفلاحية علف “مدعوم” بسعر 3000 ليرة، بينما يتراوح سعر كيلو العلف في المجارش الخاصة ما بين 3500 و4000 ليرة سورية.
وانعكس غلاء أسعار المواشي على المربي، إذ باع زهير عجلة بسعر ثمانية ملايين ليرة سورية.
وأثرت العمليات العسكرية التي شهدتها محافظة درعا منذ 2011 على عدد الأبقار، إذ نفق عدد منها نتيجة المعارك وقصف المناطق السكنية، أو عمليات التهجير التي دفعت المربين للتخلص من مواشيهم لصعوبة ترحيلها.
وعاد قطاع تربية المواشي في الجنوب السوري للتعافي التدريجي بعد 2018، إلا أنه اصطدم بغلاء مكونات التربية وارتفاع تكاليف الإنتاج.
كما أسهم ارتفاع سعر اللحوم في ذبح إناث المواشي ومنها الأبقار، ما أثر على عدد القطيع.
وبحسب دائرة الصحة الحيوانية في مديرية زراعة درعا، وصل عدد القطيع من الأبقار في المحافظة إلى 43 ألفًا و264 رأسًا، وفق أحدث إحصائية نُشرت في تموز الماضي.